الديكتاتورية أحسن من فرنسا!

الديكتاتورية أحسن من فرنسا!

07 ديسمبر 2018
فرض المحتجون في فرنسا على السلطات التجاوب مع مطالبهم(Getty)
+ الخط -
حتى لحظة تراجع السلطات الفرنسية أمام الشارع عن قرارها زيادة ضريبة الوقود، ظل تفكير بعض الرسميين العرب، بلسان من ينوب عنهم، غارقاً في استدعاء تفاخر أجوف وبلا أسس علمية، بالمقارنات والمقاربات "بيننا" و"بينهم"، لخلق حالة خانعة، تعتبر أن الديكتاتورية أحسن لشعوب العرب، ولبث فزع يبرر سكون الشعب، ولديمومة التأخر المترافق والقمع وسرقة الجيوب وتهجير الكفاءات.
قبل أشهر خرج وزير نقل نظام الأسد، علي حمود، محدثاً "المواطنين الشرفاء" من زملائه، أمام "مجلس الشعب"، صاحب أسرع تغيير دستوري في التاريخ على مقاس الوريث، عن تقدم طرقات وشوارع "سورية الأسد" على مثيلاتها في جنيف. وعلى ذات المنوال أخبرنا سابقاً منظرو حاكم دمشق عن نية تقديم دروس في "الديمقراطية" حتى لإسكندنافيا.
غير بعيد، في تماثل الاستبداد، وجد إعلام السيسي، الذي ظل يحدث "الشرفاء" على طريقة وريث معمر القذافي المحتمل سيف الإسلام، بدون النظر في وجوههم بل كالقطيع خلفه، أن "خراب فرنسا" يعني أن "حالنا أفضل"، كما هي دوماً مقارنات مطبليه مع سورية وغيرها.
وفي سياقات اختراع بطولات زائفة للديكتاتور العربي، كـ"اعتذار" الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، بدون تناول رواية الصوت والصورة بين "الأستاذ والتلميذ" وما حملته من إهانة لمكانة المملكة، يتضح الهدف المستمر منذ ثمانية أعوام لترسيخ اختزال استقرار وشرف وسيادة الأوطان في الديكتاتور باعتبار المواطنين "رعايا" مزرعته، وعليهم أن يحمدوا الله على وجود "السيد والملهم المحدث" في أكثر من عاصمة.
إلى جانب مفردات "الخراب والدمار والفوضى"، واستضافة "محللين استراتيجيين"، ارتبك إعلام السيسي، بين شماتة ترافقت مع سطحية مضحكة في تقليد تعاطي الإعلام الغربي مع جرائم الديكتاتورية، وبين بثّ التخويف عبر تسويق "انهيار فرنسا" واحتمال فرض حالة الطوارئ، وصولاً إلى نتيجة: "لا أحد أفضل من أحد" و "إياك أن تحتج". هذا عدا عن "أخونة" و"مندسين" في حراك الشارع الفرنسي.
تنهار أكاذيب رواة فضائل الاستبداد الشعبويين، يساراً ويميناً. يهربون من الإجابة على الحقيقة العارية أمام مواطن عربي تجاوزهم وعياً: فلماذا حين يصاب "سيد الوطن" بوعكة صحية يطير إلى مشاف غربية تاركاً ما صنعه من "حداثة وطنية"؟ بل، في رواية "تقدمنا" تغيب أسباب هجرة الآلاف من أطباء مصر، كما العقول العربية الأخرى المطرودة نحو الغرب.
ببساطة، يعرف العربي أن ركائز تخلف الحال عن ركب العالم عنوانها الرئيس تحالف الاستبداد والفساد، المدمرين للبلاد.