حفتر يحشد قواته للتأثير على تعديل الاتفاق السياسي الليبي

حفتر يحشد قواته للتأثير على جلسات تعديل الاتفاق السياسي في ليبيا

18 أكتوبر 2017
تحرّكات حفتر تهدد بنسف المفاوضات (عبدالله دوما/ فرانس برس)
+ الخط -
في وقت تتواصل فيه جهود المجتمع الدولي والأمم المتحدة لرأب الصدع السياسي والأمني الذي تعاني منه ليبيا، أمر اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، ضباطه بتشكيل قوة مسلحة بمدينة بني وليد، في محاولة منه على ما يبدو لفرض بعض من شروطه خلال مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي بتونس، ونيل "امتيازات" أكبر من خلال التهديد.


وبحسب رسالة موقعة الخميس الماضي من قبل حفتر، حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، فقد أمر حفتر ضابطاً تابعاً له يدعى العميد عبد الله الواعر، بتشكيل قوة من المشاة تحت مسمى "اللواء 27" في المنطقة متولياً أمرتها.

وأوضحت الرسالة أن حفتر طلب من الواعر ضم كتائب كان قد شكلها إبان سلطة المؤتمر الوطني العام، رئيس الأركان العامة، يوسف المنقوش، بكامل أفرادها وأسلحتهم وآلياتهم، وإعداد مقترح بإعادة تنظيم وهيكلة الوحدات المنظمة واقتراح آمرين وأماكن تمركز الوحدات المشكلة وإحالتها له للاعتماد.


ولمنطقة بني وليد أهمية استراتيجية بالنسبة لحفتر لأسباب من بينها خلافها التاريخي العميق مع منطقة مصراته، أقوى المدن المعارضة لحفتر عسكرياً وسياسياً. كما أن قبائل بني وليد حافظت على ولائها لنظام العقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، والذي دافعت عنه حتى سقوطه وتمتلك بالتالي رصيداً قوياً ومؤثراً في صفوف فصائل قبلية أخرى لا تزال تحتفظ بولائها للنظام السابق.


ويعتبر العامل القبلي من أهم السبل التي عمل عليها حفتر في تقوية أذرعه العسكرية في أغلب أجزاء البلاد، فبعد تعسّر سيطرته بقوة السلاح على بنغازي عمد إلى استغلال الولاءات القبلية التي نجح من خلالها في السيطرة على منطقة الهلال النفطي وسط البلاد وأجزاء من الجنوب الليبي.


ويبدو أن مساعي حفتر الحالية تتجه إلى خنق أكبر مدن الغرب الليبي، لا سيما العاصمة طرابلس التي أعلن قبل أيام أن قواته على مشارفها غرباً، بعد أن سقطت كامل المنطقة الواقعة بين زوارة الحدودية مع تونس ومدينة الزاوية الواقعة غرب العاصمة بنحو 30 كيلومتراً.


ويؤشر سعيه إلى تشكل قوة عسكرية ببني وليد إلى خلق بؤرة توتر تزعج مواقف مصراته المعارضة له، لا سيما من قبل قبيلة كبني وليد تقوم علاقتها مع مصراته على عداء تاريخي غذته المواقف المختلفة بين المنطقتين حيال ثورة فبراير التي أطاحت حكم القذافي. ويسعى من خلال ذلك إلى تشتيت قوتها بين مصراته التي لا تزيد المسافة الفاصلة بينها وبين بني وليد أكثر من 50 كيلومتراً، وسرت حيث تتمركز قوات البنيان المرصوص على مقربة من قوات حفتر المعسكرة في منطقة التسعين كيلومتر شرق المدينة، ما يعني إبعادها عن أي حراك قد يقوده حفتر في العاصمة.


ويبدو أن حفتر يسعى إلى ممارسة مزيد من الضغوط وجعل أكبر مدينتين من أكبر مدن الغرب الليبي تحت سيطرته لتحسين شروطه التفاوضية وتقوية مركز ممثليه في مجلس النواب الموجودين حالياً في تونس.


المسار السياسي الحالي في البلاد لا يمكن فصله عن مساعي حفتر العسكرية، فمواقف مجلس النواب، والذي يمثل الواجهة السياسية لحراك حفتر العسكري، المتبدلة والمماطلة، يبدو أنها تسير في الاتجاه ذاته لإتاحة فرص أكثر لحفتر لتوسيع مناطق نفوذه في البلاد. فتصريحاته المتتالية وظهوره الإعلامي المتزايد مؤخراً للإعلان عن مناطق جديدة دخلت تحت سيطرته في غرب البلاد يبدو أنها تذهب إلى إقناع الرأي العام الدولي بضرورة تفرده بقيادة مؤسسة الجيش، والتي يدور الجدل في تونس حالياً بشأن المادة الثامنة من الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات المغربية الخاص بها.


ولا يسعف الواقع الجغرافي المحيط بالعاصمة طرابلس حفتر بفرص للسيطرة عسكرياً عليها، ففضلاً عن وجود كتائب قوية بالعاصمة طرابلس أعلنت في عديد المناسبات رفضها الحكم العسكري، تتوفر مدن الزاوية (30 كيلومتراً غرب العاصمة) وترهونة (130 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة) على ثقل عسكري من معارضي حفتر، هذا بالإضافة إلى مدن الشريط الساحلي الرابط بين مصراته وطرابلس بواقع 250 كيلومتراً، والذي يضم خمس مدن تعارض هي الأخرى حفتر ولا تخلو من كتائب مسلحة يمكنها الاشتراك في قتال أي تقدم عسكري من قبل قواته.

المساهمون