المعتذرون والحاضرون في سوتشي تحت علم النظام السوري

المعتذرون والحاضرون في سوتشي تحت علم النظام السوري

29 يناير 2018
داخل مقر المؤتمر في سوتشي (رامي القليوبي/العربي الجديد)
+ الخط -

لطالما عوّلت موسكو على أن يثمر الضغط على المعارضة السورية حضوراً في مؤتمر سوتشي، الذي اعتذرت عن حضوره تيارات ومنصات سياسية وشخصيات مستقلة، ما يؤكد أن المؤتمر "ولد ميتاً"، وهو ما يسهم في الحد من رغبة روسية جامحة لبلورة حل يعيد إنتاج النظام السوري، ويكرس الوجود الروسي في شرقي المتوسط.

وقال الناطق باسم هيئة التفاوض العليا، التابعة إلى المعارضة السورية، يحيى العريضي، لـ"العربي الجديد"، إن قرار الهيئة بمقاطعة مؤتمر سوتشي "مبني على معطيات لم نر فيها ما يسهم بإيجاد حل حقيقي"، وفق قوله. وعلى ضوء موقف هيئة التفاوض توالت الاعتذارات عن حضور المؤتمر، إذ أكد قياديون في منصة القاهرة عدم حضورها المؤتمر، على الرغم من أن ممثليها في هيئة التفاوض صوتوا بالموافقة على المشاركة، مشيرين إلى أنهم لن يخرجوا عن إجماع أعضاء هيئة التفاوض على رفض المشاركة في المؤتمر. كذلك من المنتظر ألا تذهب شخصيات مستقلة في الهيئة، صوتت لمصلحة الذهاب إلى سوتشي، ما يعني أن منصة موسكو هي الوحيدة من مكونات هيئة التفاوض التي ستلبّي الدعوة الروسية.

وكان غالبية أعضاء الهيئة قد صوتوا، في العاصمة النمساوية فيينا، على رفض الذهاب إلى سوتشي، مقاومين ضغوطاً إقليمية مورست عليهم من أجل الموافقة على حضور المؤتمر، وهو ما لقي صدى إيجابياً واسعاً في الشارع السوري المعارض، وامتعاضاً روسياً. وكانت موسكو تأمل حضور الهيئة لإعطاء مصداقية سياسية للمؤتمر بات يفتقر إليها في ظل حضور باهت من قبل تيارات وشخصيات محسوبة على المعارضة، لكنها لا تملك أي رصيد شعبي من شأنه المساعدة في تكريس رغبة روسية جامحة في فرض حل يعيد إنتاج النظام.

كذلك اعتذر عدد من ضباط وقادة في الجيش السوري الحر عن الذهاب إلى مؤتمر سوتشي، بينهم أسماء بارزة، سبق أن شاركت في مفاوضات مسار أستانة العسكري. وأكد منذر آقبيق، الناطق باسم تيار "الغد السوري" الذي يرأسه رئيس الائتلاف الوطني السوري الأسبق، أحمد الجربا، أن التيار لم يحسم بعد مسألة المشاركة من عدمها، مشيراً، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن التيار "أعلن قبوله الفكرة"، مضيفاً "أما الحضور، فيتوقف على الاتفاق على المخرجات، خصوصاً لجهة الوثائق. النظام يضغط لتبني طروحاته وهذا ما لا نقبل به". من ناحيتها، أعلنت "الإدارة الذاتية" الكردية مقاطعة المؤتمر بسبب الموقف الروسي المؤيد والمسهّل لعملية "غصن الزيتون" التي يقوم بها الجيش التركي وفصائل تابعة للجيش السوري الحر منذ نحو عشرة أيام ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية في منطقة عفرين شمال غربي حلب.


ومن المتوقّع حضور أعضاء في منصة موسكو، التي يتزعمها قدري جميل، رجل روسيا البارز في سورية، لكن هذه المنصة لا تملك أي رصيد شعبي، وهي في نظر كثير من المعارضين السوريين أقرب للنظام منها إلى المعارضة، وتتماهى مع الطرح الروسي بشكل كامل، وهو ما يفقدها أي قيمة سياسية في المشهد السوري المعارض. ومن المتوقع أن يكون لخروج منصة موسكو عن الإجماع في هيئة التفاوض تداعيات كبيرة، ربما تصل إلى درجة استبعادها من هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، "إذ اتضح أنها مجرد واجهة سورية للطرح الروسي في البلاد"، وفق مصدر في الهيئة، مضيفاً "خرجت هذه المنصة عن إجماع المعارضة السورية". كما من المتوقع حضور تيار "قيم مواطنة حقوق"، المعروف اختصاراً بـ"قمح"، ويتزعمه هيثم مناع. وكان التيار قد أعلن أنه "ينظر بإيجابية للدعوة الموجهة إلى السوريين للحوار فيما بينهم، من دون أن يكون بهدف فرض أجندات، أو فرض أوراق على المؤتمرين تخل بسورية الموحدة الديمقراطية".

وتحضر "منصة أستانة" في مؤتمر سوتشي، وهي التي تُوصف بكونها بلا قيمة حقيقية في المشهد السياسي السوري، وتتزعمها رنده قسيس، وهي شخصية مثيرة للجدل، تتماهى تماماً مع الرؤية الروسية. وتناقلت وسائل إعلام سورية معارضة، أمس الأحد، ما قالت إنها قائمة أسماء مدعوين إلى مؤتمر سوتشي، ذكرت مصادر أن السفارة الروسية في دمشق سربتها. وفور نشر هذه القائمة، أعلن عدد كبير من المدعوين الاعتذار عن الذهاب إلى المؤتمر، فيما أعلن آخرون أنه لم يكن لديهم علم بوجود أسمائهم ضمن قائمة المدعوين، ما يؤكد تخبّط الجانب الروسي في التنظيم بسبب العدد الكبير من المدعوين، الذين يتقلص عددهم إثر اعتذار كثيرين، بعد أن لمسوا وجود تيار شعبي كبير رافض لهذا المؤتمر الذي حذرت منه شخصيات وازنة في المعارضة السورية ودعت إلى مقاطعته بشكل كامل.

وأكدت موسكو شكوك المعارضة السورية من خلال تبني شعار للمؤتمر يحمل علم النظام، في إشارة واضحة إلى أن المؤتمر لن يتطرق إلى مصير بشار الأسد، وأنه يأتي كمحاولة روسية أخرى من أجل حرف القضية السورية عن مسارها، وإعطاء النظام طوق نجاة لم يحصل عليه في مفاوضات جنيف. وفقد الجانب الروسي حماسه للمؤتمر بسبب المقاطعة الواسعة للمعارضة السورية، إذ أعلنت موسكو عدم مشاركة الرئيس فلاديمير بوتين في فعالياته، كما لوحظ تراجع الاهتمام بالمؤتمر في وسائل إعلام روسية.