التوتر الأميركي الإيراني: استبعاد الحرب لا يعني التفاوض

التوتر الأميركي الإيراني: استبعاد الحرب لا يعني التفاوض

16 مايو 2019
المواجهة العسكرية تقلق الإيرانيين (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -

هدأت حدة التصريحات بين طهران وواشنطن قليلاً، من خلال تأكيد قادة البلدين أنهما لا يريدان الحرب، في محاولة من الطرفين لضبط إيقاع التصعيد المتزايد، ولو مؤقتاً، بعد أيام من بلوغ نبرة التهديدات المتبادلة ذات الطابع العسكري مستويات خطيرة للغاية، ليبدو للناظر وكأن الحرب باتت قاب قوسين أو أدنى.


لكن سرعان ما جاء الكشف عن سعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لفتح قناة تواصل مع الإيرانيين، ونفيه صحة ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية حول وجود خطة لإرسال 120 جندياً أميركياً إلى المنطقة، بالتوازي مع قول المرشد الإيراني علي خامنئي، إن "حرباً لن تحدث".
لكن أن يستبعد الطرفان وقوع الحرب، وأن يرجعا خطوة إلى الوراء من حافة الهاوية في التصريحات المتبادلة، لا يعني ارتفاع حظوظ البديل، أي الدبلوماسية والتفاوض على ضوء الرفض الإيراني المستمر "لإجراء أي تفاوض" مع إدارة ترامب "تحت ضغط الظروف الراهنة". لم تأخذ طهران الدعوات الأميركية للتفاوض وتمرير الرقم عبر سويسرا على محمل الجد، ليؤكد أكثر من مسؤول لها أنه "لا أحد سيتصل بترامب من إيران".

كذلك، فإن الحرب بين حلفاء الطرفين قد استعرت، لتقوم جماعة الحوثيين، حليفة إيران في اليمن، بتنفيذ هجوم "غير مسبوق" في العمق السعودي، طاول منشآت نفطية سعودية. هذا الهجوم تتجاوز دلالاته الحرب الدائرة بين الحوثيين والتحالف السعودي الإماراتي، إلى نزاع أكبر منها، يجري بين طهران وواشنطن، سبقته تفجيرات بالقرب من ميناء الفجيرة الإماراتي، استهدفت ناقلات نفط وسفناً تجارية إماراتية وسعودية. هجومان يستهدفان إمدادات ومنشآت النفط في المنطقة في تزامن مريب، بعد أسابيع من "حرب نفطية" شنتها واشنطن على طهران، بمشاركة السعودية والإمارات اللتين تعرضتا "للهجمات النفطية". إذ إنهما كما أعلنت الإدارة الأميركية، تعهدتا بالتعويض عن النقص الناجم عن وقف الصادرات النفطية الإيرانية، بعدما فرضت هذه الإدارة حظراً شاملاً عليها ابتداءً من الثاني من الشهر الجاري، الأمر الذي رفضته إيران، مهددة بأنها "لن تسمح بأن تحلّ أي دولة محلها في سوق الطاقة".

طهران نددت بهجمات الفجيرة، رافضة التهم "غير الرسمية" الموجهة لها. على الرغم من ذلك، وفي حال كانت طهران أو وكلاؤها وراء هذه التفجيرات، فإن إيران من خلالها، تكون قد أوصلت رسالة "قوية" للولايات المتحدة من جهة، وللسعودية والإمارات من جهة أخرى، مفادها أنها جادّة في تنفيذ تهديداتها السابقة بمنع تصدير النفط في المنطقة، في حال مُنعت هي من تصدير نفطها.


بعد هذه "الرسائل الإيرانية"، وأخرى قد تُوجّه لاحقاً، سواء في العراق أو غيره، باتت الكرة في الملعب الأميركي، لتقرر واشنطن كيفية التعامل مع هذه الرسائل. أما طهران التي لم تعد تحتمل تداعيات الحظر الشامل على صادراتها النفطية، فتنتظر اليوم ما إذا كانت رسائلها وصلت، وهل ستخفف مفاعيل العقوبات الأميركية أم لا؟ فإن لم يحصل ذلك، يستبعد أن تتوقف عن سياسة "توجيه الرسائل" بمختلف الطرق وفي ساحات المواجهة في المنطقة، في ظل قناعتها أن واشنطن ليست مستعدة للدخول في حرب معها في ظل المعطيات الراهنة.

المساهمون