عودة مجلس الأمة الكويتي: برامج عمل للحكومة والنواب

عودة مجلس الأمة الكويتي: برامج عمل للحكومة والنواب

16 سبتمبر 2018
يملك نواب ملفات يمكنهم مساومة الحكومة عليها(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

مع اقتراب عودة مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) إلى الانعقاد مطلع الشهر المقبل، ترتب الكتل البرلمانية، المعارضة والموالية، والنواب المستقلون، أوراقها لتقديم قوانين تخدم أهدافها الانتخابية وتعطيل قوانين أخرى، وسط حالة من الجمود يعيشها المشهد السياسي الكويتي بسبب سجن بعض النواب المتهمين في قضية دخول مجلس الأمة.

وتأتي الاستعدادات لدور الانعقاد المقبل وسط تكهنات بإمكانية حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة، خصوصاً أن هناك نائبين أدانتهما المحكمة بشكل نهائي في قضية دخول مجلس الأمة، كما أن هناك عشرات المعارضين يقيمون في الخارج ويطمحون للحصول على عفو سياسي يسمح لهم بالعودة للانخراط في الحياة السياسية من جديد. ويأمل النواب المحسوبون على المعارضة، والذين لم تتهمهم النيابة في قضية دخول مجلس الأمة واقتحامه في العام 2011 احتجاجاً على تورط الحكومة آنذاك في ما قيل إنه ملفات فساد، في أن ينجحوا بمساومة الحكومة والضغط عليها في عدة ملفات وقوانين، مقابل إصدار عفو عام وشامل عن كل القضايا السياسية في البلاد وإعادة الجنسية لمن سحبت منه وإغلاق ملف المعارضة بشكل نهائي. ويملك النواب المعارضون عدة ملفات يمكنهم مساومة الحكومة عليها، أبرزها الوقوف في وجه الاستجوابات التي ستقدمها مجموعة من النواب المستقلين، وعلى رأسهم حمدان العازمي وصالح عاشور، اللذان سبق لهما أن قدما استجوابين أجهضتهما المعارضة، على أمل التوصل لاتفاق مع الحكومة في الدور التشريعي الماضي. كما أن المعارضة ستساوم الحكومة على القوانين التي تطمح وزارة المالية لتمريرها، وهي قوانين الضرائب والتعديلات المالية على بند الرواتب لمواجهة عجز الموازنة.

ووفقاً للقانون الكويتي، فإن الحكومة ستدعو لانتخابات تكميلية لملء الفراغ الذي سيحدثه غياب النائبين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي، اللذين صدرت بحقهما أحكام سجن نهائية في قضية دخول مجلس الأمة في 2011، ما يشكل سابقة تاريخية في البرلمان الكويتي. وستنظم الانتخابات في يوم واحد في الدائرتين الثانية والثالثة، وهما دائرتا النائبين المحكومين بالسجن. ويستعد نواب آخرون لبحث ملف الرياضة، بعد قرار اللجنة الدولية الأولمبية إعادة الشيخ طلال الفهد الصباح، ابن أخ الأمير، كرئيس للجنة الأولمبية الكويتية وإلزام الحكومة الكويتية بتطبيق هذا القرار، رغم رفضها إعادته، بسبب وجود قضايا فساد عالقة ضده في القضاء أدت إلى إقالته في وقت سابق. ويطالب النواب المحسوبون على رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، الحكومة بعدم إطاعة أوامر اللجنة الأولمبية الدولية وإعادة الفهد لمنصبه، لكن الحكومة تحاول الموازنة بين ضغط النواب المحسوبين على الغانم وبين تهديد اللجنة الأولمبية بإعادة الإيقاف الرياضي على البلاد، إذ تعد قضية الرياضة في الكويت من الأوراق السياسية المهمة التي تتم المساومة عليها في البرلمان منذ سنوات.




ويطمح النواب المستقلون إلى تمرير قوانين شعبية، مثل قانون التأمينات الاجتماعية، والذي يخفّض سن التقاعد، وقوانين تهدف إلى تقليل ساعات العمل أو تحسين ظروف العاملين في وزارات الدولة. وتدخل الحكومة دور الانعقاد المقبل ولديها هدفان أساسيان، الأول هو المحافظة على الوضع الراهن وعدم إعطاء فرصة للنواب للاستجواب أو التأزيم، ما قد يسبب حلاً للبرلمان قد تتغير قواعد اللعبة السياسية بعده، وهو أمر لا يريده رئيس مجلس الوزراء الحالي، جابر المبارك الصباح، ورئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، والثاني هو تمرير القوانين الاقتصادية التي باتت ضرورة ملحة بسبب ضغط القيادة السياسية لتمريرها، وأهمها قانون فرض ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى حزمة من القوانين الأخرى، مثل الطيران المدني والاستشارات النفسية والشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ويقول الكاتب السياسي الكويتي عبد الرحمن العجمي، لـ"العربي الجديد"، إن التحدي الحقيقي أمام الحكومة يكمن في حل الملفات العالقة، مثل سحب الجنسيات وإعادة المعارضين المقيمين في الخارج وتمرير قانون الضريبة المضافة من دون حصول تأزيم يدفع القيادة العليا لحل البرلمان، لأن هناك أطرافاً أخرى تدفع باتجاه الحل للعودة إلى التشكيل الحكومي من جديد. لكن هذا يبدو صعباً، لسبب واحد، وهو أن لا أحد من النواب سيوافق على التصويت مع قرارات التقشف الاقتصادي التي ستمس شعبيته وتدفع ناخبيه لعدم التصويت له في الانتخابات المقبلة. وسبق لبعض النواب أن أيدوا التصويت على رفع تعرفة الماء والكهرباء، ووافقوا على زيادة أسعار الوقود رغم عدم تصويتهم عليها في البرلمان الماضي، ومنيوا بهزيمة ساحقة في الانتخابات البرلمانية في العام 2016. ورغم وعيد بعض النواب بتقديم استجوابات متلاحقة لرئيس الوزراء ووزراء المالية والشؤون والداخلية والدفاع، إلا أن الحكومة تبدو واثقة من تجاوز هذه الاستجوابات كما حدث في دور الانعقاد السابق، والحصول على أغلبية مريحة تؤهل وزراءها للبقاء في مناصبهم. لكن المراقبين، في الوقت ذاته، يتفقون على أن المشهد السياسي في الكويت لا يزال عصياً على التحليل وغارقاً في الفوضى، رغم ثقة الحكومة في الحصول على أغلبية مطلقة، بسبب تداخل القضايا السياسية خارج البرلمان، مثل الرياضة ودخول المجلس وسحب الجنسيات وعدم وجود آلية واضحة من الحكومة للتعامل معها.

ويتفق النائب عادل الدمخي في تصريحاته، مع هذا الرأي، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن الأمور ضبابية إلى الحد الذي قد يؤثر فيه تفصيل سياسي مستقبلي صغير على كافة مشاريع النواب والحكومة على حد سواء في المرحلة المقبلة. ورأى الدمخي أن العفو عن كافة المتهمين السياسيين، وإعادة الأمور لنصابها ما قبل 2012، وهو العام الذي خرجت فيه الاحتجاجات على مرسوم الصوت الانتخابي الواحد، سيؤدي إلى عودة البرلمان لمكانته الطبيعية وانتهاء حالة الصراع والاستقطاب التي يعيشها الشارع السياسي الكويتي. يشار إلى أنه منذ قيام الحكومة الكويتية بحل برلمان 2012، الذي سيطرت عليه الأغلبية المعارضة آنذاك لوجود شبهة دستورية في مرسوم الدعوة للانتخابات، تعيش الكويت حالة من الجمود السياسي وتلاحق القضايا السياسية، انتهت بقيام الحكومة بسحب جنسيات بعض المعارضين بحجة وجود تزوير فيها، وقيام المعارضة بالاستسلام أخيراً والموافقة على إنهاء مقاطعة الانتخابات والانخراط في العملية السياسية من جديد من دون فائدة تذكر.

المساهمون