ماذا بعد اتهام السراج للإمارات ومصر بالتدخل في ليبيا؟

ماذا بعد اتهام السراج للإمارات ومصر وفرنسا بالتدخل في الشأن الليبي؟

26 سبتمبر 2019
السراج وجّه ضربة قوية لحفتر والدول الداعمة له(سيمونا جراناتي/Getty)
+ الخط -
لم يخرج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الأربعاء، عن مواقفه السابقة إزاء اعتداء اللواء المتقاعد خليفة حفتر المسلح على العاصمة طرابلس في 4 إبريل/نيسان، ورفضه له كشريك سياسي، لكن الجديد هو تسمية الإمارات ومصر وفرنسا بوصفها الدول الداعمة لحفتر، واستنكاره لموقفها، ما يطرحه تساؤلات عن ماذا بعد ذلك؟

وقبل ساعات من انعقاد الاجتماع الدولي الذي دعت له باريس، وسيترأسه اليوم الخميس وزير خارجيتها جان لودريان، ونظيره الايطالي، لويجي دي مايو، بمشاركة الدول الأعضاء دائمة العضوية بمحلس الأمن ومنظمات إقليمية، ندد السراج بمواقف فرنسا ومصر والإمارات الداعمة لحرب حفتر على العاصمة.

ويستشعر طرفا الصراع في البلاد، أهمية هذا الاجتماع، فقبل كلمة السراج بساعات أعلن حفتر عن موقفه من جهود إحياء العملية السياسية، رافضاً الحوار مع من وصفها بـ"المجموعات الإرهابية والمليشيات المسيطرة على القرار في طرابلس"، في تجاهل تام لحكومة الوفاق ورئيسها.


وفيما رحّب حفتر باجتماع نيويورك، خلال بيان لقيادته منتصف ليل الأربعاء، إلا أنه زعم أن المفاوضات التي انخرط فيها طيلة السنوات الماضية "كانت ولا تزال تصطدم دائماً بمعارضة المجموعات الإرهابية والمليشيات"، مشدداً على أن إجراء انتخابات في ليبيا "أمر مستحيل قبل القضاء على المليشيات في طرابلس وتفكيكها"، في إشارة لقوات حكومة الوفاق التي تقاتلها قوات حفتر منذ إبريل/نيسان الماضي.

وكشف مصدر حكومي مطلع من طرابلس عن مساع لحكومة الوفاق باتجاه "تجريم حفتر دولياً كخطوة مهمة لإقصائه عن المشهد المقبل"، مشيراً إلى أن لجاناً كلفت من قبل وزارة العدل بحكومة الوفاق تعمل منذ مدة على توصيل أدلة لمحكمة الجنايات الدولية عبر مندوبها المعترف به لدى المحكمة لـ"إثبات جرائم حفتر".

وقال المسؤول الحكومي لـ"العربي الجديد"، إنّ "تشديد السراج على ضرورة إرسال بعثة لتقصي الحقائق يأتي في هذا الإطار للتحقق من صدقية تلك الأدلة التي ترسل تباعاً"، مشيراً إلى أنّ الاتجاه يسير بشكل جيد.

وعن إمكانية رضوخ السراج لضغوط دولية للجلوس مع حفتر مجدداً، لا سيما بعد لقاء برلين المرتقب، شدّد المسؤول الحكومي على استحالة ذلك، موضحاً أن "السراج يتعامل مع أطراف داعمة له، لا سيما أمراء الكتائب في قواته، ولا يمكن أن يتجاوز رأيهم وموقفهم الرافض لحفتر، ولذا فهو مستمر في اتجاه رفض حفتر كشريك سياسي والبحث عن بدائل".

ورأت الصحافية الليبية، نجاح الترهوني، أنّ خطوة السراج الجديدة باتجاه تسمية الدول الداعمة لحفتر "جيدة وبالاتجاه الصحيح وسيكون لها أثرها في الاجتماعات المقبلة سواء اليوم في نيويورك أو في برلين كما ستؤثر في مواقف دول كبرى كالولايات المتحدة التي تتواجد فيها لوبيات إماراتية على الأخص تضغط في صالح حفتر".

ورجحت الترهوني، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "يفسح تغير المواقف الدولية بشأن حفتر مجالاً أوسع لتوصيل حفتر لمحكمة الجنايات الدولية".

وأعربت عن اعتقادها "بأن الخطوة قريبة من محكمة الجنايات"، مستدركة "بكل تأكيد لن تعلن الجهات الدولية موقفاً واضحاً من حفتر ولكنها على الأقل ستشير إلى تحرك لجمع الأدلة، فهي لن تستطيع تجاهل مطالب حكومة الوفاق المتزايدة بشأن جرائم حفتر".

وعن تأثير خطاب السراج في الموقف الدولي، لا يرى الناشط السياسي الليبي، سعيد الجواشي، أنّ "اجتماع نيويورك المنتظر خلال ساعات سيصل إلى أبعد من وقف إطلاق النار كحد أقصى".

وقال الجواشي، لـ"العربي الجديد"، "أعتقد أن وقف القتال حقيقة قريبة للواقع. وسواء خدمت مصالح حفتر بتثبيت وجوده قريباً من طرابلس أو غير ذلك، فالاجتماع لن يصل إلى أكثر من ذلك".

وعن تصريحات لودريان بأن "الهدف من الاجتماع في نيويورك هو الانخراط في عمليّة سياسيّة"، لفت الناشط السياسي إلى أن "شكل العملية السياسية لم يتضح"، مشيراً إلى أن "فرنسا أرادت بهذا الاجتماع معرفة آراء دول معنية بالملف الليبي بشكل قريب".

وأشار إلى أن "إعلان حفتر والسراج موقفهما، الرافض للحوار، قبل ساعات من عقد الاجتماع، يكشف نتائج الاجتماع مسبقاً".

واعتبر الجواشي أن "حرب حفتر شكلت منزلقاً خطيراً وتعقيداً للأزمة بشكل كبير وليس من السهل التوصل لشكل سياسي للحل بعد انقلابه على المسار السابق"، مؤكداً أن "ما يهدف إليه المجتمعون حالياً هو تجميد الأوضاع من خلال وقف إطلاق النار".


في المقابل، رأى الناشط السياسي أن السراج "وجه ضربة ذكية للاجتماع الذي تقوده باريس لصالح حفتر فأي نتائج للاجتماع يمكن فرضها على طرف الحكومة بعد أن دللت على دعم أبزر الدول المشاركة فيه، وفي مقدمتها فرنسا والإمارات لحفتر بل ومطالبته بإدراج الطرف الرئيسي الآخر في الأزمة في قوائم العدالة الدولية".

وأضاف "لا شك أن دعوة السراج لعملية سياسية وفق آليات جديدة، وأن تأخذ في الاعتبار المعطيات التي أفرزها الاعتداء بعد 4 إبريل/ نيسان لم تأت من فراغ فهي أصداء لما يدور في كواليس الكثير من العواصم ويدعمها أيضاً الواقع والمنطق لكن الأمر ليس سهلاً وسيستهلك وقتاً طويلاً".

واعتبر أن "عامل الزمن بعد تجميد الأوضاع ووقف إطلاق النار سيكون عاملاً مهماً في تسريع التوصل لحل للأزمة".