هل نجحت السعودية حقاً في اعتراض صواريخ الحوثيين؟

اعتراض السعودية لصواريخ الحوثيين السبعة: حقيقة أم مبالغة؟

27 مارس 2018
السعودية اكتفت بإعلان تدمير الصواريخ (فايز نور الدين/فرانس برس)
+ الخط -
شكّك تقرير لوكالة "أسوشييتد برس" الأميركية بقول السعودية إنّها اعترضت 7 صواريخ أطلقها الحوثيون من اليمن، مساء الأحد، معتمدة على تحليل مضمون التسجيلات المصورة للواقعة، ودراسة أنظمة الصواريخ التي تمتلكها المملكة، ومدى قدرتها على اعتراض مثل هذه الصواريخ.

وأشار التقرير، أمس الإثنين، إلى أنّ أحد مقاطع الفيديو أظهر أنّ صاروخ "باتريوت" أُطلق، مساء الأحد، سار بشكل خاطئ، وقام بتغيير مساره الجوي، ليسقط على حي في الرياض وينفجر، بينما بدا أنّ صاروخاً آخر انفجر بشكل مفاجئ، بعد وقت قصير من إطلاقه في العاصمة السعودية.

وذكرت "أسوشييتد برس" أنّ وزارة الإعلام في السعودية لم ترد على طلبات للتعليق على تقريرها، مرجّحة أنّ أشرطة الفيديو "تظهر أنّ المملكة هي دولة أخرى، تبالغ في قدرة نظام دفاعها الصاروخي، في تقليد يعود إلى حرب الخليج عام 1991".

وقال جيفري لويس، خبير الصواريخ في "معهد ميدلبيري للدراسات الدولية" في مونتيري بكاليفورنيا الأميركية، والذي شاهد مقاطع الفيديو، ودرس سابقاً إطلاق صواريخ "باتريوت" سعودية، للوكالة، إنّه "من المرجّح أنّ فرضية أنّه لم يتم اعتراض أي من هذه الصواريخ، تتفوق على فرضية أنّ السعوديين أسقطوا أياً منها".

وتقول السعودية إنّها استهدفت نحو 90 صاروخاً بالستياً، أطلقها الحوثيون في اليمن وحلفاؤهم، منذ شنّها حرباً ضدهم قبل ثلاث سنوات.

وشهد إطلاق الصواريخ، مساء الأحد، مصرع أحد المصريين المقيمين، وإصابة اثنين آخرين في الرياض، بشظية صاروخية، مسجّلاً سقوط أول الضحايا في العاصمة السعودية منذ بدء الحرب في اليمن، إذ إنّ الصواريخ السابقة التي أطلقها الحوثيون من اليمن تسبّبت في سقوط ضحايا لكن في أجزاء أخرى من المملكة، لا سيما في المناطق الحدودية.

وقال الجيش السعودي إنّه اعترض في المملكة سبعة صواريخ بالستية أطلقها الحوثيون من اليمن، واستهدفت ثلاثة منها العاصمة الرياض، بينما استهدف اثنان منها جازان، وواحد استهدف نجران وآخر استهدف منطقة خميس مشيط.

ونشرت قناة "العربية" الفضائية المملوكة لسعوديين، لقطات قالت إنّها أظهرت أنّ بطاريات صواريخ "باتريوت" في الرياض تصوّب على صواريخ الحوثيين القادمة من اليمن. وبدا في الفيديو، أنّ صاروخ "باتريوت" واحد على الأقل انفجر بعد ثوان من إطلاقه، مع صوت خلفي مرافق يظهر صيحة من أحد المارة، بينما تنهمر شظايا ملتهبة على الأرض.


وفي مقطع فيديو آخر، جرى تداوله على الإنترنت، يظهر صاروخ "باتريوت" أُطلق للتو وهو يبدأ بتغيير مساره فجأة، ليتحطم في الأرض بالقرب من حي سكني.

ولم يعترف الجيش السعودي بالأخطاء الظاهرة هذه في إطلاق الصواريخ، وإمكانية أن تكون قد انفجرت من تلقاء نفسها. واكتفى العقيد السعودي تركي المالكي، بالقول فقط، في بيان، "تم اعتراض وتدمير كل الصواريخ البالستية السبعة".

ليست المرة الأولى

وأشارت "أسوشييتد برس"، في تقريرها، إلى أنّ هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها خبراء علامات استفهام حول ادعاءات السعودية بشأن اعتراض الصواريخ.

ويقول محللون عسكريون، وفق الوكالة، إنّ قوات الدفاع الجوي السعودية الملكية تعتمد بشكل كبير على صواريخ "باتريوت باك -2"، وهو نظام تم تطويره في أواخر الثمانينيات. وتعتمد هذه الصواريخ على ما يسمى "تجزئة الانفجار" وهي تقنية تعتمد على تدمير الصواريخ القادمة، ونشرها فوق منطقة، لتبدو كأنّها مثل قذيفة تطلق من بندقية.

ويوضح محللون أنّ الحطام الذي تم العثور عليه من خلال إطلاق صواريخ الحوثيين الأخيرة، لم يولد أي علامات تشير إلى أنّه تضرّر من مثل هذه الصواريخ.

وصاروخ "بركان"، المستخدم من قبل الحوثيين في الهجمات على الرياض، يمتلك رؤوساً حربية منفصلة عن جسم الصاروخ، ما يجعل ضربه أكثر صعوبة.

وفي هذا الإطار، أوضح جيريمي بيني، المحلل في أسبوعية "جينس ديفنس"، في مقال كتبه في يناير/كانون الثاني الماضي، أنّ نظام صواريخ "باتريوت باك -2" الموجود في مخزونات السعودية منذ تسعينيات القرن الماضي، "تم تصميمه بهدف اعتراض صواريخ بالستية أكثر بطئاً ومدى انفصال رؤوسها أقصر، وربما يعاني من أجل تدمير صاروخ بركان... بعد انفصال رأسه عن جسم الصاروخ".

ولدى جيفري لويس، خبير الصواريخ في "معهد ميدلبيري للدراسات الدولية" في مونتيري بكاليفورنيا الأميركية، الشكوك ذاتها التي يطرحا بيني.

ويقول لويس بهذا الخصوص، لـ"أسوشييتد برس"، إنّ "أنظمة باتريوت مبالغة في حقيقتها، فالصواريخ التي يطلقها الحوثيون على الرياض يبلغ مداها ألف كيلومتر (620 ميلاً) مع رأس حربي منفصل. لم أكن لأتوقع أن تنجح أي من الاعتراضات السعودية لصاروخ كهذا".

وأشارت الوكالة إلى أنّ المملكة العربية السعودية لديها أيضاً صواريخ "باتريوت باك -3"، مصممة لضرب الصواريخ القادمة مباشرة. وقد أشاد الرئيس دونالد ترامب ببيع تلك الصواريخ التي قُدرت مبيعاتها، في عام 2015، بمبلغ 5.4 مليارات دولار.

وتفاخر ترامب، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بنظام صواريخ "باتريوت"، لاعتراضه صاروخاً حوثياً آخر فوق الرياض، قائلاً: "نظامنا قام بتوجيه ضربة قاضية".

ومع ذلك، يشكّك لويس ومحللون آخرون في أنّ صاروخ "باتريوت" تمكّن من اعتراض ذلك الصاروخ.

وتقول الأمم المتحدة ودول غربية، والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، إنّ صاروخ "بركان" يعكس خصائص صواريخ "قيام" البالستية الإيرانية، معتبرين أنّ ذلك يشير إلى أنّ طهران إما تشارك هذه التكنولوجيا مع الحوثيين، أو تقوم بتهريب صواريخ مفككة إليهم ليقوموا بإعادة بنائها.

وتنكر إيران منذ فترة طويلة تزويد الحوثيين بالسلاح، رغم أنّ مجموعة متزايدة من الأدلة تتناقض مع ادعائها، في وقت تقدّم فيه الولايات المتحدة أسلحة ودعماً لوجستياً لتحالف السعودية، والذي تعرّض لانتقادات بسبب غاراته الجوية التي قتلت مدنيين في اليمن، فضلاً عن حصاره الموانئ اليمنية، ما أوصل البلاد إلى حافة المجاعة وأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة "الأسوأ" في العالم.