لبنان: ولادة الحكومة مرجحة يوم السبت

لبنان: ولادة الحكومة مرجحة يوم السبت

17 أكتوبر 2018
تنتظر الأطراف السياسية عودة بري الجمعة (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

أتت كلمة السر الفرنسية، فزالت كل العقبات التي قيل إنها كانت تقف خلف تأخّر تأليف الحكومة اللبنانية. سمع قبل أيام رئيس الجمهورية ميشال عون، من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كلاماً واضحاً بات معروفاً مضمونه، لجهة ضرورة التأليف فوراً، ولناحية عدم التلطي خلف شعارات الجو الإقليمي، مع تهديد ضمني بسحب الدول التي شاركت في مؤتمر "سيدر" لدعم الاقتصاد اللبناني تعهداتها.

عاد عون إلى بيروت، وكان رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في أجواء ما سمعه عون في العاصمة الأرمينية يريفان، خصوصاً أن ذلك كان وراء مهلة الأيام العشرة التي حددها، والتي انتهت قبل أيام من دون أن يبصر التأليف النور، بموازاة جزمه بأن ولادة الحكومة باتت قريبة. 

وفي الساعات الماضية، أصبحت جميع الأطراف مستعدة للتنازل "لمصلحة البلد"، و"لمصلحة التأليف"، فزالت فجأة "العقدة الدرزية"، والمسيحية، وعقدة عدد المقاعد، وعقدة تمثيل سنة "8 آذار"، كلها زالت أو تنتظر مفاوضات ربع الساعة الأخير، والأكيد الوحيد أن الجميع بات يردد: الحكومة في غضون أيام.

في بيت الوسط، مقرّ الحريري، بدأ الرجل منذ أيام بالبحث في الأسماء المطروحة، أغلبها، وفق ما تقول مصادر مطلعة، بات ثابتاً، باستثناء ثلاثة أو أربعة أسماء، تنتظر التوافق النهائي حولها، وعلى من سترسو من الأحزاب، ليصار إلى تقديم أسماء المستوزرين، لكنها مهمة، تقول المصادر، إنها لن تأخذ الكثير من الوقت، بل القليل منه، خصوصاً أن التأخير لم يعد لمصلحة أحد، لترسو التقديرات على يوم السبت كموعد مرجح لولادة الحكومة. 

وبشرت معظم الأطراف بقرب التأليف، من عون إلى الحريري، الذي عبرت مصادره مراراً خلال الساعات الماضية عن التفاؤل بقرب إنجاز المهمة، مروراً بوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الذي أشار اليوم الأربعاء إلى أنه "سنقول قريباً مبروك الحكومة"، وصولاً إلى رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي نصح بالإسراع في التشكيل، وختاماً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي تحدث بتفاؤل، ما يعني أن عودته إلى لبنان من جنيف يوم الجمعة المقبل ستبشر بأن ساعة التأليف دقّت.

كل المؤشرات حتى الساعة تدل على أن الحريري سيتوجه في نهاية الأسبوع، وعلى الأرجح يوم السبت، إلى قصر بعبدا، لإطلاع عون على التشكيلة ولإعلانها، بعد نيل موافقته، على أن يسبق ذلك عودة بري إلى لبنان، على الرغم من إبقاء مصادر "العربي الجديد" الباب مفتوحاً أمام احتمال إعلان الحكومة قبل السبت، لأن تحديد هذا اليوم مرتبط أساساً بإجراءات لوجستية، كما بعودة بري يوم الجمعة، خصوصاً أن العقد النهائية ستحسم في مهلة أقصاها 24 ساعة، ليعاد إلى تثبيت الأسماء المطروحة، ووضع اللمسات الأخيرة. 

 

وتحرك وزير الإعلام ملحم رياشي ممثلاً "القوات اللبنانية" على خط بيت الوسط، كما مقر "التيار الوطني الحر"، حيث التقى الحريري وباسيل، وتناول البحث آخر التصورات لتذليل العقبات المتعلقة بالمقاعد المسيحية حكومياً، وحملت هذه الجولة بحدّ ذاتها إشارات إيجابية، خصوصاً أنه اللقاء الأول بين "القوات" و"التيار" بعد التصريحات النارية الأخيرة، وتبادل التهم بالتعطيل. 

وكان باسيل قد تحرك في الساعات الأخيرة على أكثر من خط، فحطّ مساء أمس في بيت الوسط حيث التقى الحريري، قبل أن يجتمع اليوم برئيس وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا، إذ تباحثا في الملف الحكومي انطلاقاً من اللقاء الأخير بين باسيل والأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله. 

وبالتوازي مع ذلك، عمل عون والحريري على حلحلة العقدة الدرزية، بعد أن زار جنبلاط والنائب طلال أرسلان كل على حدة بعبدا، حيث قدم كل منهما لائحة بأسماء غير حزبية، على أن يختار عون والحريري أحد الأسماء التوافقية التي وردت في اللائحتين.

وعلى صعيد العقد أيضاً، بات محسوماً أن "القوات اللبنانية" ستنال 4 مقاعد، من ضمنها موقع نائب رئيس الحكومة، من دون أن تحسم بعد الحقائب الأخرى، فيما انحصر الخلاف حول حقيبة وزارة العدل، التي تريدها "القوات اللبنانية"، وكذلك يريدها "التيار" أن تكون من حصة رئيس الجمهورية، فيما حسمت وزارة الصحة لصالح "حزب الله". 

أما وزارة البيئة فستكون من نصيب الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي يسعى في الساعات الأخيرة إلى مقايضتها بوزارة الزراعة. 

وعلى الرغم مما يتردد، إلا أن المصادر ترفض اعتبار أي حقيبة قد حسمت، خصوصاً أن الخلاف على بعض الحقائب قد يعيد خلط الأوراق برمتها، ما يعني ضرورة انتظار اللحظات الأخيرة لمعرفة الشكل النهائي للحكومة، خصوصاً على صعيد توزيع الحقائب، بما أن الحصص وعدد الوزارات الممنوحة لكل طرف قد حسما نهائياً.

إذاً، أيام معدودة قبل أن تبصر حكومة الحريري الثالثة، وحكومة عهد عون الثانية، النور. أيام أو ساعات، وسيتوجه الحريري إلى بعبدا حاملاً معه الظرف الحكومي، سيلتقي عون، قبل أن يستدعى بري، وقبل أن تصدر مراسيم تشكيل حكومة ستواجه حالة انهيار شاملة يعاني منها البلد، من دون إسقاط احتمالات "ربع الساعة الأخير" التي عادة ما تقلب الموازين في لبنان، من تفاؤل إلى تشاؤم، لكن الأكيد أن الضغط الدولي، وخصوصاً الفرنسي، نجح هذه المرة في وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وقد يكون صعباً على أحد في لبنان ضرب الجهود الفرنسية، وهو ما يعني حكماً وفق المصادر حكومة قبل نهاية الأسبوع.