ساعات ما قبل معركة الموصل: تصعيد من 6 محاور

ساعات ما قبل معركة الموصل: تصعيد من 6 محاور

17 أكتوبر 2016
قصفت المدفعية المتمركزة في بعشيقة المدينة (أزاد محمد/الأناضول)
+ الخط -

مع إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، اكتمال كافة الاستعدادات العسكرية للبدء بالهجوم الشامل على مدينة الموصل العراقية، يحبس سكان المدينة أنفاسهم، مع اقتراب ساعة الصفر التي تفصل عشرات آلاف المقاتلين من الجيش والمليشيات والبشمركة وأبناء العشائر العربية، مدعومين بغطاء جوي متعدد الجنسيات، لتحرير الموصل من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

في هذا السياق، تؤكد تسريبات من بغداد، أن ساعة الصفر قد حانت فعلاً بعد سيل من القصف المدفعي والجوي، الذي نفّذته القوات الأميركية. وأسفر القصف عن إلحاق خسائر كبيرة بصفوف "داعش"، وفقاً لما كشفته مصادر لـ"العربي الجديد"، بأن "القصف الأميركي، أمس الأحد، أدى إلى تدمير منصات صواريخ ومضادات أرضية موجودة على مشارف المدينة من جهاتها الأربع".

ومع حلول فجر اليوم الاثنين، تكون الموصل قد أتمت 28 شهراً ونصف الشهر، خارج سيطرة الدولة العراقية بعد فرار قوات الجيش واحتلال التنظيم للمدينة، آتياً من بلدة دير الزور السورية في غزوة أسماها "كسر الحدود" في العاشر من يونيو/حزيران 2014، ليعلن زعيم "داعش"، أبو بكر البغدادي، بعد أيام قليلة من ذلك، "قيام دولة الخلافة في العراق والشام"، ثم تتساقط عشرات المدن العراقية بشكل سريع في قبضته، شكّلت نحو 40 في المائة من مساحة البلاد.

في هذا الصدد، لفت قائد عمليات تحرير نينوى، المسؤول عن ملف الهجوم، اللواء الركن نجم الجبوري لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الاستعدادات اكتملت وننتظر بيان بغداد العسكري للهجوم"، متوقعاً أن "تكون مقاومة داعش ضعيفة في المناطق الزراعية والمفتوحة". وأشار إلى أن "المعركة تشارك بها قوات كبيرة، ونأمل من سكان المدينة بالداخل اتباع تعليماتنا في المنشورات التي ألقيناها لهم بالطائرات، أمس، وبلغ عددها أكثر من نصف مليون منشور".

بدوره، شدّد العقيد في قوات البشمركة، سامان فرياد، لـ"العربي الجديد"، أن "المدفعية الأميركية الموجودة على جبل بعشيقة، بدأت وللمرة الأولى بقصف وسط الموصل، بناءً على صور جوية لطائرات من دون طيار، أجرت مسحاً جوياً أخيراً لمدينة الموصل، وحددت مواقع التنظيم فيها". وتابع قائلاً إن "المدفعية الأميركية قصفت للمرة الأولى وسط الموصل، بحسب معلومات مسبقة وصور جوية زوّدتها بها طائرات المراقبة عن مواقع وتجمعات لداعش". ولفت إلى أن "الضربات المدفعية هي تمهيد لبدء المعركة، وقد استهدفت داعش".

إلا أن مصادر طبية داخل مستشفى الموصل العام، كشفت لـ"العربي الجديد"، أن "أربعة مدنيين قُتلوا وأُصيب 17 آخرون من جراء القصف الذي طاول المدينة"، من دون تحديد ما إذا كان هؤلاء قد قُتلوا من جراء القصف المدفعي الأميركي أو قصف آخر. كما أدى القصف إلى انهيار جسر الحرية على نهر دجلة، وسط الموصل، والرابط بين جانبي المدينة الأيمن والأيسر.



بدوره، قال ضابط عراقي في قيادة عمليات تحرير نينوى لـ"العربي الجديد"، إن "940 عنصراً من مليشيات الحشد، وصلوا إلى محور جنوب الموصل، قرب مدينة القيارة، بعد رفض قوات البشمركة عبورهم من المحور الشرقي للموصل". وأوضح العقيد سعدي الحمداني لـ"العربي الجديد"، أن "العناصر ينتمون إلى مليشيات متفرقة، كحزب الله العراقي وبدر والعصائب وغيرها"، مشيراً إلى أن "وصول المليشيات على مشارف الموصل رسالة غير إيجابية للسكان فيها".

وفي أول خرق لوعود العبادي التي أعلنها في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، خلال لقائه مع زعامات دينية وقبلية سنية، حول عدم "السماح بأن تكون معركة الموصل ذات بعد طائفي أو انتقامي"، أكد مسؤولون محليون في محافظة نينوى، أن "أفراداً من تلك المليشيات، يحملون على عرباتهم رايات وشعارات طائفية، ذات معانٍ انتقامية من أهل الموصل، فضلاً عن حملهم صوراً للمرشد الإيراني علي خامنئي، كانت تتقدم رتل المليشيات إلى المحور الجنوبي". وأضاف عضو مجلس أعيان ووجهاء الموصل الشيخ طالب الشمري، لـ"العربي الجديد"، أن "الموصل وقعت بين مطرقة داعش وسندان المليشيات التابعة لإيران".

من جانبه، أعلن رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، عن مشاركة قوات البشمركة بشكل رسمي في الهجوم على الموصل المرتقب. وأوضح أن "الاستعدادات للهجوم على داعش في الموصل قد اكتملت"، مبيّناً أن "تحرير الموصل له أهمية خاصة لإقليم كردستان ومن أولويات سياسة الإقليم". وشدّد على أن "ذلك تمّ بناءً على وجود اتفاق بين قوات البشمركة والجيش العراقي حول معركة الموصل".

وقد بدأت معالم المعركة تظهر في الموصل بوضوح، بعد أن حرق عناصر التنظيم، الذين يقدّر عددهم بنحو ستة آلاف مقاتل، كميات من النفط الخام حول أسوار المدينة ووسطها، للتعتيم على الطيران الحربي. ما تسبب بتشكّل غيوم سوداء وصلت إلى مناطق قريبة من أربيل، التي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن الموصل.

وقال مسؤول محور الخازر شرق الموصل، حميد أفندي، إن "مسلحي داعش أحرقوا كميات من النفط الخام، بعدما سكبوها في خنادق، تمّ حفرها حول الموصل. وتسبب ذلك بتغطية أجواء المدينة والمناطق المجاورة لها بغيوم سوداء". وأضاف في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن "مسلحي داعش يقومون بذلك للتشويش على رادارات الطائرات، التي تقوم بطلعات فوق أجواء الموصل لعدم التمكن من إصابة أهدافها".

وذكرت مصادر من داخل الموصل، لـ"العربي الجديد"، أن "مسلحي داعش قاموا بقطع الكثير من الشوارع الرئيسية، ووضعوا الحواجز الإسمنتية فيها. كما عملوا على تحصين مداخل المدينة، وتحديداً تلك التي تؤدي إلى النصف الشرقي والشمالي للمدينة، التي يطلق عليها اسم منطقة الساحل الأيسر لنهر دجلة". وتُرى على الطرقات، بالإضافة إلى الحواجز الإسمنتية، براميل وخزانات كبيرة تم نشرها في العديد من الشوارع لا يعرف محتواها.

ويتوقع مسلحو داعش أن تدخل القوات المهاجمة الموصل من المحاور الشمالية والشرقية، بسبب قرب مواقع تمركز القوات من مداخل المدينة، والتي تصل ببعض المناطق إلى 20 كيلومتراً، فيما تتمركز القوات في محور جنوب الموصل في مواقع أبعد من ذلك بكثير. وهو الذي أدى بالمسلحين إلى زيادة التعزيزات في محوري الشمال والشرق، كذلك تم نقل المقرات السرية الرئيسية للتنظيم الى جنوبي المدينة.

ووفقاً لتسريبات حصلت عليها "العربي الجديد" فإن "القوات التي ستشارك في المعارك تم توزيعها على ستة محاور، تضم قوات البشمركة ووحدات من الجيش والشرطة العراقية ومليشيات الحشد وأبناء العشائر، الذين تمّ نقلهم فجر أمس الأحد إلى المواقع الأمامية لمحاور القتال استعداداً للهجوم".

وأفادت التسريبات بأن "خطة المعركة لدى داعش، تتضمن إنشاء ثلاثة محاور للدفاع، الأولى خندق تم حفره بعمق مترين حول المدينة وتم ملؤه بالنفط الخام، وخط الدفاع الثاني هو طوق تم تأمينه بواسطة المسلحين والألغام والعبوات الناسفة، وخط الدفاع الثالث هو شبكة أنفاق للتمركز فيها في حال سقط خطا الدفاع الأول والثاني".

أما محاور الهجوم فهي كالتالي: "محور الكسك، شمالي الموصل، ويبعد عن المدينة نحو 40 كيلومتراً، ومحور سد الموصل شمال غربي الموصل، ويبعد 30 كيلومتراً عن المدينة، ومحور ناوران شمال شرقي الموصل، ويبعد عنها مسافة 20 كيلومتراً، ومحور الخازر شرقي الموصل، ويبعد عنها نحو 20 كيلومتراً، ومحور الكوير، جنوب شرقي الموصل، ويبعد عنها نحو 40 كيلومتراً، ومحور القيارة، جنوب الموصل ويبعد نحو 50 كيلومتراً عن المدينة".

ويمكن ملاحظة عدم سيطرة الجيش العراقي والمليشيات، إلا على المحور الجنوبي (محور القيارة)، بينما تحتكر البشمركة ثلاثة محاور بشكل مطلق، فيما تتشارك البشمركة والجيش العراقي محوراً واحداً، والبشمركة مع أبناء العشائر محوراً آخر.

وسيكون هناك إلى جانب القوات البرية المشتركة قوات نخبة أميركية بواقع 500 جندي، فضلاً عن وحدات مدفعية فرنسية وأميركية وكندية على المحورين الشمالي والشرقي. وتتلقى القوات المهاجمة الدعم والإسناد من قوة أميركية قوامها 400 عسكري يتمركزون في قاعدة القيارة جنوب الموصل. وتخضع جميع القوات التي ستشارك في المعارك من محوري الشمال والشرق إلى إشراف رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني.

بموازاة ذلك، قال عضو لجنة الطوارئ المشكلة من قبل الحكومة لإغاثة سكان الموصل، محمد هندي، لـ"العربي الجديد"، إن "عمليات نصب الخيام مستمرة، لكنها لن تكون كافية بالتأكيد". وأضاف أن "هناك نحو مليون وربع مليون مدني في المدينة، ونزوحهم مرة واحدة يعني كارثة، ولا نعلم الخطة العسكرية التي تم وضعها، لكننا نأمل أن تكون قد وضعت ذلك بنظر الاعتبار". وتابع "يمكن اعتبار المعركة من جهة أخرى أنها أكبر عملية إنقاذ رهائن في التاريخ، وندعو ونصلي ألا تكون هناك مجازر بفعل القصف أو النيران بين الطرفين".

المساهمون