"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات": صديقة أبوظبي وابنة اللوبي الصهيوني

"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات": صديقة أبوظبي وابنة اللوبي الصهيوني

06 يونيو 2017
كليفورد ماي مؤسس ورئيس "معهد الدفاع عن الديمقراطيات"(موقع المعهد)
+ الخط -
كشفت الرسائل المسربة من البريد الإلكتروني لسفير الإمارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، عن علاقة وطيدة ربطت الدبلوماسي الإماراتي بـ"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، وهي مجموعة ضغط ولدت من رحم منظمة "أيباك " التي تقود اللوبي الإسرائيلي في أميركا. وبعد التعاون والتنسيق الوطيد بين الجانبين خلال السنوات الماضية، والمحاولات الفاشلة للضغط على إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، لمنع إقرار الاتفاق النووي مع إيران، استعانت السفارة الإماراتية مجدداً بهذه المنظمة الأميركية اليمينية المحافظة، وثيقة الصلة بدوائر حكم الدولة العبرية. والهدف من اللجوء إليها، هذه المرة، يتمثل في السعي لتشويه صورة قطر وشن حملة إعلامية لتحريض الإدارة الأميركية على فرض عقوبات على الدوحة، واتهامها برعاية مجموعات إسلامية مرتبطة بجماعة "الإخوان المسلمين".

قبل عامين، وخلال احتدام السجال الأميركي بشأن الاتفاق النووي الإيراني، نشر الصحافي جون جوديس، تحقيقاً مفصلاً في موقع Slate، استعرض فيه دور "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" في الدفاع عن مصالح إسرائيل وارتباط أعضاء هذه المؤسسة بالمنظمة الأم، أي "اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة" (أيباك). ويشير التحقيق إلى أنه خلال 18 شهراً شارك خبراء وأعضاء في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" بـ17 جلسة استماع عقدها الكونغرس الأميركي حول الاتفاق النووي مع طهران، كما ظهر هؤلاء الخبراء 35 مرة على الأقل على شاشات "فوكس نيوز"، و"سي بي إس"، وسي إن إن"، ومحطات تلفزيونية أميركية أخرى لانتقاد الاتفاق النووي. ولعب مدير المؤسسة، مارك دوبويتز، دوراً رئيسياً في فرض عقوبات أميركية على النظام الإيراني عام 2010، كما تعاون عام 2013 مع عضوي مجلس الشيوخ، مارك كيرك، وروبرت ماننديز، لطرح مشروع قرار في الكونغرس يقترح فرض شروط في الاتفاق النووي يصعب على طهران الموافقة عليها.

تصف "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" نفسها باعتبارها "منظمة أبحاث دولية" وتقول إن هدفها القيام "بأبحاث حول الإرهاب الدولي الذي يشكل أكبر مصدر للخطر على أمن الولايات المتحدة والدول الديمقراطية". لكن من الناحية العملية، تركزت أبحاث المنظمة الموالية لإسرائيل على قضايا الشرق الأوسط. وتناولت هذه القضايا فقط من زاوية مصالح الدول العبرية وأجندة حزب "الليكود" بزعامة نتنياهو. ولم يقتصر هذا التوجه على محاربة الاتفاق النووي الإيراني، بل تبنت المنظمة بالكامل وجهة نظر نتنياهو في ما يتعلق بعملية السلام مع الفلسطينيين ورفض حل الدولتين.


يعود إنشاء "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" إلى عام 2001، وهي وليدة أفكار الناشط الجمهوري المحافظ، كليفورد ماي، الذي ترك منصبه كمدير للجنة الوطنية للحزب الجمهوري لينشط في مجال مجموعات الضغط في واشنطن، وتحديداً في سياق الدفاع عن مصالح إسرائيل في العاصمة الأميركية. ففي شهر أبريل/نيسان 2001، أسس ثلاثة من أبرز المتبرعين لإسرائيل منظمة أطلقوا عليها اسم "العبرية من أجل الحقيقة" (EMET). وحسب الطلب المقدم لهيئة الضرائب الأميركية، فإن المجموعة "مهتمة بتحسين صورة إسرائيل في أميركا الشمالية وعرض القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي". لكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، تغير اسم المنظمة إلى "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات". وقال مجلس إدارة المنظمة "إنها ستركز جهودها على ترويج ثقافة محاربة الإرهاب في العالم".

وعلى الرغم من أن المنظمة لم تعد رسمياً واحدة من منظمات اللوبي الإسرائيلي بعدما غيرت اسمها، لكنها طوال السنوات الماضية أخذت على عاتقها الدفاع عن "ديمقراطية" واحدة هي ديمقراطية دولة الاحتلال في فلسطين. وذلك ليس غريباً كون جميع مؤسسي المنظمة يدورون في فلك الجالية اليهودية في أميركا، ولهم تاريخ مديد في دعم المنظمات المؤيدة لإسرائيل. من هؤلاء، برنارد ماركوس، صاحب شركة "Home Depot"، والثري اليهودي، شلدون أدلسون، ورجلا الأعمال، بول سينجر، وليونارد أبرامسون، وغيرهم.

وترصد الوثائق الرسمية الأميركية أسماء أكبر المتبرعين لـ"مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" بين عامي 2008 و2011، وهم على التوالي: أبرامسون، ماركوس، أدلسون، سينجر، ورجل الأعمال نيوتن بيكر. كما قدم هؤلاء المتمولون تبرعات مماثلة لمجموعات مثل "المنظمة الصهيونية في أميركا" و"مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" المتحالفة مع اليمين الإسرائيلي المتطرف، وتتبنى دعوته إلى إقامة إسرائيل الكبرى وضم الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى دولة الاحتلال.

ومن أبرز الموظفين الذين يديرون عمل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" أشخاص معروفون في أوساط مجموعات الضغط الأميركية، ولهم تاريخ مديد في الدفاع عن مصالح إسرائيل. من بين هؤلاء، الإسرائيلي نير بومز، وهو موظف سابق في السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وقد عينه كليفورد ماي مساعداً له، وتوبي ديرشويتز التي كانت على مدى 14 عاماً مسؤولة الاتصالات والعلاقات العامة في "أيباك"، ونائب رئيس المنظمة الحالي، جوناثان شانزر، الذي عمل أيضاً لسنوات عديدة لصالح "أيباك".

ومن أبرز النشاطات الدورية التي تقوم بها المنظمة المؤيدة لإسرائيل منذ تأسيسها، تنظيم رحلات وزيارات لأكاديميين وصحافيين أميركيين إلى فلسطين المحتلة في إطار الترويج لأيديولوجية حزب "الليكود"، وتقديم وجهة النظر الإسرائيلية حول الصراع مع العرب في الشرق الأوسط. وفي عام 2009، كان كليفورد ماي من أبرز المنتقدين لإدارة أوباما بسبب الضغوط على حكومة نتنياهو من أجل التفاوض مع الفلسطينيين. وكتب ماي في الصحف الأميركية عدة مقالات تدافع عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، معتبراً أنها "أرض متنازع عليها مع الأردن التي هاجمت إسرائيل عام 1967". ورداً على سؤال حول أسباب دعم المنظمة لإسرائيل، قال ماي إن "إسرائيل حالياً هي أكثر مجتمع ديمقراطي عرضة للخطر"، وفق تعبيره.

في البدايات، تعاونت "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" مع عدد من الشخصيات الموالية للحزب الديمقراطي، مثل الكاتبة دونا برازيل، التي كانت مديرة الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي الديمقراطي آل غور (عام 2000)، وسيناتور ولاية نيويورك، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، والنائبين في مجلس النواب، إليوت أنجل وجيم مارشال. كما تلقت تبرعات من المتمول الإسرائيلي الأميركي، حاييم صابان، المحسوب على الحزب الديمقراطي. لكن في السنوات القليلة الأخيرة، تم استبعاد الديمقراطيين وتحولت "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" إلى منظمة ينتمي غالبية أعضائها والقيمين عليها إلى الحزب الجمهوري الأميركي.

المساهمون