الحكومة المصرية تبيع الوهم للفقراء

الحكومة المصرية تبيع الوهم للفقراء

04 يناير 2016
أسعار مرتفعة للمواد الغذائية(Getty)
+ الخط -
كعادتها تتبع الحكومة المصرية سياسة بيع الوهم للفقراء، لكن هذه المرة "الوهم" موجه من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي خرج على شاشات التلفاز واعداً الفقراء بخفض الأسعار وضبط الأسواق، فكانت النتيجة، وجبة وزارة التموين المدعمة، التي أطلق عليها المصريين "الفنكوش" (أمر غير صحيح وكاذب).
أصدر السيسي، توجيهات إلى الوزارات المختلفة بضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لخفض الأسعار التي يعاني منها المصريون منذ سنوات عديدة. ولكن هذه التوجيهات يبدو أنها ليست سوى "وهم" يباع إلى الفقراء.

حيرة واضحة
أمام "مجمع استهلاكي" في منطقة الدقي في الجيزة، تقف الموظفة في وزارة الكهرباء أمل حسين حائرة. تهيمن عليها ملامح الغضب والضيق. تقول:"سمعت عن الوجبات المدعمة التي أعلنت عنها الحكومة بتوجيهات الرئيس المصري، لمكافحة الارتفاع الجنوني في الأسعار، فوجدت الأمر لا يثير الدهشة أو الاهتمام، فهو في نهاية الأمر "فنكوش". فالوجبة الغذائية المدعومة تبدو رديئة للغاية، وسعرها يتخطى سعر الأطعمة الطازجة التي يمكن الحصول عليها في الأسواق التجارية، فأي دعم تتحدث عنه الحكومة"؟

تقارن أمل حسين بين الأسعار، فتجد على سبيل المثال، أن وجبة السمك المدعومة تباع بنحو 23 جنيها، فيما تباع الأسماك في الأسواق وخارج إطار الدعم بنحو 15 جنيها، ما يعني أن سياسة الحكومة لضبط الأسعار"فاشلة"، كذلك الأمر بالنسبة إلى وجبة الدجاج التي لا يتخطى وزنها 900 غرام، تباع بنحو 30 جنيها، وهي لا تكفي إطعام طفلين صغيرين.
تقول حسين: "إن كانت توجيهات الرئيس في حث الحكومة لحل أزمة ارتفاع الأسعار بهذه الطريقة، فعليه أن يتخذ تدابير فورية لوقفها، لأن وزارة التموين تعاقدت مع شركات ومصانع تبيع مواد منتهية الصلاحية من جهة، وبأسعار خيالية من جهة أخرى".
أمام هذه الشهادات، قامت "العربي الجديد" بجولة في المجمعات الاستهلاكية، وتبين ارتفاع الأسعار المدعومة مقارنة مع أسعار السوق، لا بل أكثر من ذلك، فقد رصدت تلاعبا في وزن الوجبات الغذائية، رغم أن المتحدث الإعلامي باسم وزارة التموين، صرح أن الوجبة المدعومة تتضمن كيلوغراما من اللحم المجمد، بالإضافة إلى مكونات غذائية أخرى". و لكن وبحسب ما تبين، فإن الوجبة لا تحتوي على أكثر من نصف كيلوغرام من اللحم.
من جهة أخرى، وبمراجعة البيانات التي صدرت عن وزارة التموين، يتبين أن الأخيرة أصدرت في 22 أكتوبر/ تشرين الأول، بياناً مفاده توفر وجبة مدعومة تتضمن كيلوغراما من اللحم، بعد ذلك، وبأقل من أسبوعين، أصدرت الوزارة بياناً أخر أشارت إلى أن وجبة اللحم تتضمن 500 غرام بدلا من ألف غرام، ثم بعد ذلك، الغت الوزارة خانة الوزن تماماً، ما يشير إلى وجود عمليات فساد في بيع الوجبات.
إلى ذلك، فرضت الوزارة على المحال التجارية إلزامية بيعهم هذه الوجبات للمواطنين. ويقول البائع محمد حسن في منطقة شبرا :" إن الوجبات التي تجبرهم وزارة التموين على استلامها وتوزيعها للمواطنين سيئة للغاية، ولا يرضى عنها المواطن، بخاصة أن أغلب الوجبات غير صالحة للاستهلاك نتيجة سوء التخزين، كما أن الوجبات لا تتضمن تاريخ الإنتاج أو انتهاء الصلاحية، وهي من الأمور التي تدفع المواطنين للعزوف عن شراء هذه الوجبات، ما يكبدنا الكثير من الخسائر".
وبحسبة بسيطة، يقول الأمين العام لاتحاد أصحاب المعاشات البدري فرغلي: "لو افترضنا أن الوجبة التي تمخضت بها الحكومة للقضاء على ارتفاع الأسعار جيدة، فهي تعني أن الأسرة المكونة من أربعة افراد تحتاج إلى ثلاث وجبات بسعر يصل إلى 90 جنيها، ما يعادل 2700 جنيه في الشهر، وهي قيمة لا يمكن للمواطن المصري أن ينفقها على بند الطعام فقط، بخاصة مع تدني الأجور". ويتساءل البدري عن متخذ القرار، فهل يعي حقاً ماهية الأجور في مصر، ونسب البطالة واستغلال التجار؟ كما يؤكد الفرغلي أنه إذا كانت هناك إرادة سياسية لخفض الأسعار، فعلى الدولة أن تقضي على الفساد وتضبط الأسواق، بدلاً من استخدام أساليب تمت تجربتها وأثبتت فشلها من قبل.

اقرأ أيضاً:مائدة العيد: ارتفاع الأسعار قيد فرحة العرب في الأعياد

المساهمون