عرب كندا

عرب كندا

27 مارس 2017
طقوس الطعام والمائدة تقرب بين الجاليات العربية(العربي الجديد)
+ الخط -


تختلف درجة الحدة، التي يواجه بها الوافد الجديد إلى المجتمع الكندي من العرب سؤال الهوية وعقبة الاندماج. وقد حاول أبناء المجتمع العربي الكندي التمسك بالهوية العربية، إضافة إلى اعتزازهم بهويتهم الكندية والبعض الآخر لم يتمكن من تحقيق هذا التوازن.

لكن السؤال ما أهمية الحفاظ على الهوية لأي مغترب، وليس العربي فقط، وما هي تأثيرات الانسلاخ من هذه الهوية وكيف يبدو واقع الجالية العربية في كندا في إطار وعيها بهويتها العربية؟


رجا خوري، الرئيس السابق للمؤسسة العربية الكندية، يقول لـ "العربي الجديد" :"أي مغترب، في أي مجتمع جديد يواجه صراعاً في الحفاظ على هويته، نتيجة للفارق والاختلاف بين الثقافات، والإنسان العربي يواجه هذا الصراع أيضاً في الحفاظ على هويته، وهناك تنوع في مواجهة هذا الصراع. البعض يتمسك بكل موروثاته وعاداته العربية فنجد أصدقاءه عرباً، ومحيطَه عربياً ويتابع قنوات عربية، وكأنه لا يعيش في كندا، والبعض آخر مخالف تماما فقد تخلى عن هويته العربية وصار أحيانا يخبئ أنه عربي لأسباب مختلفة، أما الطرف الثالث فهو يعتز بهويته إضافة إلى اعتزازه بكنديته ويحاول أن يوجد التوازن بينهما".


ويرى خوري أن: "هناك البعض من أبناء الجيل الأول من المهاجرين العرب، من الذين تخلوا عن هويتهم العربية، نتيجة للانقسامات التي عانت ولا تزال تعاني منها بعض الدول العربية، في حين نجد أن الجيل الثاني من أبناء هؤلاء المهاجرين يبحث عن هويته العربية ويحاول التمسك بها إضافة للكندية، ولذا فهو لا يقول أنا فلسطيني أو مصري أو لبناني، بل أنا كندي من أصل عربي ثم من أصل سوري أو لبناني مثلا، أي يقدم عربيته على بلده الأصلي".

مخاوف
يؤكد الخوري أنه في الفترات السابقة من خلال المؤسسة الكندية العربية حاولوا تقديم برامج مختلفة تستقطب مجموعتين، وهما الكنديون العرب من الشباب، والكنديون العرب من المتخصصين والمحترفين في مجالات مختلفة، وكانت هذه البرامج تصب في تعريف الشباب العربي بثقافتهم وموروثهم العربي من لغة وعادات. وكان البعض من هذه البرامج في اللغة العربية. أما ما يخص المتخصصين العرب فقد كانت لهم برامج للتعارف في ما بعضهم لتقوية الأواصر العربية بحيث يستفيدون هم من هذه العلاقات وأيضا تنعكس الاستفادة على الجالية بشكل عام.


تجمع عربيات في كندا (العربي الجديد) 

داليا مصطفى، دكتوراه في القضايا النفسية والاجتماعية ومتخصصة في الاستشارات النفسية والتنمية البشرية من خلال عيادتها في مدينة كالكاري في مقاطعة البرتا في كندا، تقول، لـ "العربي الجديد"، إن البعض من العرب في الغرب غير منسجمين بشكل مناسب مع هويتهم العربية والإسلامية وهناك تخوف من أن يصرح الإنسان العربي بهويته نتيجة لما يحصل الآن في العالم. تقول "نجد أن العرب والمسلمين الذي يحملون أسماء عربية مثل أحمد ومحمد وغيرها يتخوفون من أن هويتهم العربية قد لا تمكنهم من الحصول على وظيفة مناسبة لهم، وكذلك بالنسبة للنساء المحجبات فهناك تخوف كبير من الهوية الأصلية".


وتضيف " من خلال تجربتي العملية مع المجتمع العربي في كندا فهو ما زال متخوفاً من الانخراط في المجالات المختلفة، مثل التمثيل ببرلمانيين عرب في البرلمان الكندي، الذي ما زالت نسبته بسيطة جدا على الرغم من تفاعل الحكومة الكندية الليبرالية الحالية مع القضايا العربية، وتشجيع الكنديين العرب على التعبير عن أنفسهم. وأذكر عندما كنت أعمل مع أحد المؤسسات الخيرية وجهنا دعوة لأبناء الجالية العربية لحضور ندوة سياسية، لكن لم يحضر سوى أربعة أشخاص، في حين أن الندوات الأخرى التي كنا ننظمها كان يحضرها في حدود مائتي شخص، والسبب أن الكنديين العرب ما زالوا يتخوفون من التعبير عن آرائهم وقضاياهم العربية".


تقول مصطفى إنه من الناحية السيكولوجية إذا كان الوالدان قد تعرضا لسبب ما إلى تجارب سيئة في بلدانهم العربية، نتيجة الحروب والنزاعات والظلم وعدم وجود عدالة اجتماعية وقلة فرص العمل تدفع كثير منهم إلى محاولة الانسلاخ عن هويتهم العربية هروباً من الماضي، وهذا يعود بشكل سلبي على أطفالهم لأنهم سيتأثرون بسيكولوجية الوالدين في هذا الجانب، وقد ينسلخون هم أيضا عن هويتهم العربية. وعلى الجانب الآخر لو تمسك الوالدان بهذه الهوية مع الحرص على الاندماج الصحيح في المجتمع الكندي، فهذا سيعود بجوانب إيجابية على حياة الأسرة، بمن فيهم الأطفال".


ظاهرة الانتحار
تؤكد مصطفى أن الهوية هي ركيزة الصحة النفسية، وتقول "يزورني الكثير من الشباب الكنديين العرب، إناثاً وذكوراً، حاولوا الانتحار أو لديهم مشاكل نفسية ناتجة عن عدم تحقيق التوازن بين أصلهم وهويتهم العربية وبين حياتهم وهويتهم الكندية.
فهم يعيشون حالة من التخبط هل هم عرب أم هم كنديون؟ ويتساءلون عن هويتهم. وهنا نخضعهم لجلسات واستشارات نعمل فيها على توعيتهم بأهمية حفاظهم واعتزازهم بهويتهم العربية، إضافة إلى كونهم مواطنين كنديين فلا يوجد تعارض بين الاثنين إذا ما أرشدوا بطريقة عملية ومدروسة، خاصة وأن كندا تستقطب كل الثقافات، وشعبها من أصول مختلفة وكثير منهم متمسك بهويته الأصلية إضافة إلى كنديته".

ورغم ذلك يوجد من يتنكر لهويته العربية في المجتمع الكندي، لكنه لا يشكل الغالبية، بل هم فئة قليلة والغالبية متمسكون بهويتهم العربية وحريصون على غرسها في أطفالهم، مع الاعتزاز بكنديتهم وهذا ما نلاحظ تأثيره على حياتهم الشخصية والمجتمعية"، على حد تعبير الخبيرة النفسية.


وتختتم بأنه في الآونة الأخيرة برزت الكثير من المنابر الإعلامية الكندية العربية، تشجع على هذا الأمر، مثلا راديو كنداوي، وهو إذاعة عربية على الإنترنت، "فأنا متطوعة معهم، حيث تقدم هذه الإذاعة البرامج التي ترسخ الثقافة العربية في أوساط الشباب الكندي العربي وبقية الأعمار" .


دلالات

المساهمون