ألمانيا... قوانين تؤثر على اللاجئين والمهاجرين

ألمانيا... قوانين تؤثر على اللاجئين والمهاجرين

22 يناير 2017
يواجه اللاجئون العرب مصاعب قانونية للاستقرار في ألمانيا(ناصر السهلي)
+ الخط -



شكل مطلع العام المنصرم، بعد حادثة كولون، علامة فارقة في تغير سياسة ألمانيا تجاه اللاجئين من خلال الإجراءات التي اتخذتها وزارتا الداخلية والعدل، ووجد فيها اليمين المتطرف ذريعة لمهاجمة سياسة المستشارة ميركل، استنادا إلى أحداث تورط فيها مهاجرون ولاجئون من جنسيات عربية.


ماذا تقول أرقام العام المنصرم؟
وفقاً للتقارير الرسمية الصادرة حديثا مع بداية 2017، لا يزال القادمون من سورية يمثلون الفئة العظمى من طالبي اللجوء في العام الفائت بنسبة 36% من مجمل الطلبات. وحلت أفغانستان في المرتبة الثانية بنسبة 17% ثم العراق بنسبة 13%. وعلى الرغم من التراجع الملحوظ في طلبات اللجوء خلال عام 2016، إلا أن تلك التي تنتظر البت لدى مكتب الهجرة الفيدرالي سجلت ارتفاعا كبيراً في نهاية العام لتبلغ 450 ألف ملف، أي أكثر من حصيلة عام 2015، والرقم يشمل ملفات قديمة وجديدة على السواء.


أما بخصوص لم الشمل، فتشير مصادر في وزارة الخارجية إلى أن سفاراتها منحت حوالي 70 ألف تأشيرة لم شمل في الأشهر التسعة الأولى من 2016، مقارنة بـ 50 ألفا للعام الذي سبقه. مما سيشكل "تحدياً لاستيعاب تلك الأعداد"، بحسب المسؤولين عن تلك الملفات.

وغادر في 2016 ألمانيا طوعاً نحو 55 ألف مهاجر، أغلبهم من دول البلقان، حيث انعدمت فرصهم في الحصول على إقامات. ورحّلت ألمانيا في 2016 نحو 25 ألفاً، وسط تصاعد اللغط بين الأحزاب والكتل البرلمانية والمنظمات الإنسانية بشأن سياسة الترحيل الواجب اتباعها.

وفي إطار الاتفاقية الخاصة باللاجئين المبرمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في أبريل/نيسان من العام المنصرم، وصل ما مجموعه 2672 لاجئاً سورياً إلى أوروبا من تركيا منهم 1060 إلى ألمانيا والبقية إلى فرنسا وهولندا. في المقابل، تمّت إعادة 801 آخرين من اليونان إلى تركيا استنادا إلى الاتفاقية نفسها.

برلين و صعوبات قوانين اللجوء (العربي الجديد) 


 
الحزمة الثانية

في شهر مارس/آذار 2016، أصدرت الحكومة الألمانية الحزمة الثانية من قوانين جديدة زادت من تشديدها على القوانين المرتبطة باللجوء، وشملت تقليص مبلغ المساعدات الاجتماعية لدعم دورات الاندماج.



وجرى تعليق لم شمل الأسرة وحرية التنقل وغيرها. وفي المقابل تم تسهيل إجراءات الترحيل، خصوصا لمرتكبي الجرائم ومن ليست لهم حظوظ في قبول لجوئهم.

فبعدما كان السوريون عموماً يحصلون على حق اللجوء، الذي يمنحهم إقامة لمدة ثلاث سنوات وحق العمل كاملاً، ويؤهلهم بعدها لطلب الإقامة الدائمة، مع كامل الحق في لمّ الشمل للأزواج والأبناء القصر، أصبحوا يحصلون على الحماية الثانوية المؤقتة، وهو نوع من اللجوء يمنح حق الإقامة لمدة سنة واحدة قابلة للتمديد لسنة أخرى مرتين فقط. وبهذا تصل الفترة الزمنية للحماية الثانوية إلى ثلاث سنوات غير قابلة للتمديد حتى ولو بقيت دوافع طلب اللجوء قائمة. وقد يتمكن الحاصلون على الحماية المؤقتة من الحصول على حق الإقامة الدائمة بعد خمس إلى سبع سنوات.


و يمكن للسلطات المعنية اتخاذ القرار بشأن "الحماية المؤقتة" حينما يثبت أن طلب اللجوء لا يتوافق تماماً مع مقتضيات معاهدة جنيف الخاصة باللاجئين، أي عندما لا يستطيع اللاجئ إثبات أنه ملاحق ومضطهد بشكل شخصي، علاوة على وضع بلاده غير الآمن، فلم يعد الأمر كالسابق بمجرد أنك قادم من سورية تمنح حماية كالجميع، أصبحت التشديدات تقول بأن اللجوء فردي ويتعلق بوضع كل شخص على حدة.


أما أهم تبعاته، فكانت القرار بتعليق حق لم الشمل للحاصلين على الحماية المؤقتة لمدة سنتين من تاريخ صدور هذه القوانين. الأمر الذي دفع بطالبي اللجوء إلى رفع دعاوى قضائية غصت بها المحاكم الإدارية. إلى أن أقرت في محكمة إدارية عليا في مقاطعة شليزفيغ، شمال ألمانيا، نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نظاماً للمكتب الاتحادي للهجرة بطعنه في حكم لتلك المحكمة حصلت بموجبه سيدة سورية على حق اللجوء كاملاً بعد أن رفعت دعوى ضد قرار المكتب الاتحادي بمنحها الحماية المؤقتة. ما شكل سابقة قضائية تصلح للقياس عليها لاحقاً.


قانون الاندماج الجديد
في شهر مايو/أيار من عام 2016 صدر أيضاً قانون الاندماج الجديد، الذي يشمل خططاً خاصة. منها برنامج سوق العمل بالتنسيق مع وكالة العمل الاتحادية، لتسهيل دخول اللاجئين إلى سوق العمل، والدعم في مجال التدريب، ووقف ترحيل من يقوم بتلقي تدريب مهني، ومنحه إقامة لستة أشهر للبحث عن عمل بعد إنهاء التدريب، وسنتين في حال توظيفه لدى الشركة التي تدرب لديها.


ومنحت الأولوية في الوظائف للاجئين، إسوة بالمواطنين الألمان ومواطني الاتحاد الأوروبي. وجاءت أيضا خطوة تكثيف دورات اللغة والاندماج وزيادة ساعاتها وفرض استقطاع من المساعدات الاجتماعية المالية على من لا يلتزم.

ومن جهة أخرى، تم التشدد في منح إقامات دائمة للحاصلين على إقامة اللجوء لثلاث سنوات، حيث يصبح الحصول على الإقامة الدائمة مشروطاً بإتمام خمس سنوات. إلا في حال أتم اللاجئ مستوى متقدما من اللغة، وشرط الحصول على عمل ثابت يمكّنه من تغطية مصاريف معيشته وتأميناته الاجتماعية.

كما أصبحت السلطات تحدد مكان إقامة اللاجئ في مقاطعة محددة لا يمكنه الانتقال منها إلا في حال وجد عملاً أو قبولاً جامعياً، أو تدريباً مهنياً في مقاطعة أخرى.



ما بعد الاستحقاق الانتخابي
بالرغم من أن ألمانيا لا تنوي إعادة السوريين إلى بلد مزقته الحرب في المدى القريب، ولو في حال وقوعهم تحت طائلة القانون، كما شدد وزير الداخلية توماس دي ميزيير في تصريح له في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أن التخوف يسود أوساط اللاجئين السوريين وغيرهم، وخصوصاً بعد الأحداث الإرهابية والأمنية الأخيرة في ألمانيا، والتي قد تؤثر على تقبل المجتمع المضيف لهم، ما يشكل ضغطا بسن قوانين جديدة لا تصب في مصلحتهم، لجهة منحهم حقوقا أقل، أو تقييد أعدادهم، وغير ذلك من الأمور.


على مشارف عام 2017 الذي يحمل استحقاقاً انتخابياً برلمانيا في سبتمبر/أيلول القادم ، يسمع اللاجئون عن مقترحات لا تزال موضع أخذ وجذب ومنها:
تشديد حماية الحدود البرية وخصوصاً الحدود مع النمسا، وعدم قبول أي شخص يدخل الحدود دون التحقق من هويته واحتجازه في مراكز عند الحدود ريثما يستطيع إثبات هويته.



وتفعيل إجراءات ترحيل اللاجئين المرفوضة طلباتهم في ظل مكافحة الإرهاب وتشديد الرقابة، وإبرام اتفاقيات مع عدة دول متوسطية من أجل إعادة المهاجرين، الذين يتم إنقاذهم في البحر، إلى معسكرات تُنشأ لهذا الغرض هناك إلى حين النظر في طلبات لجوئهم والبت فيها، أسوة بما تم الاتفاق عليه مع تركيا في مطلع شهر أبريل من العام 2016، وهو ما شكل منعطفاً في تناقص أعداد اللاجئين المتدفقين على أوروبا من جهة شرق المتوسط. معظم طالبي اللجوء والمقيمين ينشغلون بما يحمله العام الحالي 2017 من تغييرات جديدة قد تؤثر على حياتهم ومستقبلهم في ألمانيا.


المساهمون