الإفطار الجماعي في الأقصى...صراع على التصوير بالمنطقة المميزة

"بزنس" الإفطار الجماعي في المسجد الأقصى...صراع على التصوير في المنطقة المميزة

القدس

محمد غفري

avata
محمد غفري
03 يونيو 2019
+ الخط -
يدعو المدير السابق لقسم الوعظ والإرشاد في المسجد الأقصى وأحد المرجعيات الدينية في القدس الدكتور رائد صالح دعنا، إلى إنهاء ظاهرة تنظيم فعاليات الإفطار الجماعي في المسجد الأقصى، أو وقف تصويرها، "إذ تجري عملية تلاعب يمكن ملاحظتها بكل بساطة، في تكرار وضع بعض العاملين في جمعيات أهلية أو من يسيطرون على المنطقة المميزة بين قبة الصخرة والمصلى القبلي، ليافطات جمعيات مختلفة مع ذات الوجبات، والتقاط صورة اليافطة ومن ثم تجري إزالتها ووضع أخرى تتبع مؤسسات وجمعيات ودول مختلفة ما يفتح الباب للتلاعب"، مضيفا: "ما الذي يضمن أن عدد الوجبات المقدمة صحيح؟ وأنه إذا تبرعت جمعية خيرية لمناصرة فلسطين بـ 1500 وجبة لم يتم التلاعب في عددها، ذلك أن ما نراه لا يتجاوز 500 وجبة".

ويتفق الدكتور يعقوب بدرية (أبو إبراهيم) صاحب مطعم النصر في البلدة القديمة والذي يشارك بعملية إعداد الوجبات للمؤسسات المنظمة للإفطار الجماعي في الأقصى مع الشيخ دعنا، في وجود مشكلة في آلية التحقق من عدد الوجبات قائلا: "بالأمس أرسلت إلى المسجد الأقصى 300 وجبة داخل عشرة صناديق، وفي كل صندوق 30 وجبة، عند الساعة 6.30، وحضرت لجنة من أربعة أشخاص، ولكن إذا حضرت الشاحنة محملة بألفي وجبة وتصل قبل الأذان بربع ساعة فمن سيقوم بعدّها!!".

مراقب الأوقاف يجب أن يحضر إلى المطعم قبل تحميل الوجبات وإحصائها قبل التحميل في الشاحنة، وهذه هي الآلية الصحيحة بحسب أبو إبراهيم الذي أكمل: "كيف سيتم عد ألفي وجبة أو ثلاثة آلاف وجبة داخل الأقصى من دون تفريغ الشاحنة من حمولتها، وهذه عملية صعبة وتحتاج وقتاً كبيراً، خصوصاً إذا وصلت الشاحنة في وقت قريب من أذان المغرب".


مخالفة قرار الأوقاف

أعلن مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية قبل رمضان عن اقتصار وجبات الإفطار على التمر والماء وعبوات اللبن الرائب والفواكه المجففة وأي وجبات جافة أخرى تتطابق مع المواصفات المعتمدة على أن يتم اتخاذ الإجراءات النظامية بحق المخالفين حفاظًا على نظافة المكان وقدسيته كما يجري في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولدعم اقتصاد المطاعم في القدس، وفق ما قاله الشيخ دعنا لـ"العربي الجديد"، موضحا أن القرار جاء بسبب المشاكل المترتبة على الوجبات المطبوخة، ولكنه اتهم بعض المستفيدين مالياً برفض القرار، وبأنهم أصروا على دخولها".

وبينما يؤكد مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عزام الخطيب صدور دراسة بشأن تنظيم الإفطار، قائلا إن "الإفطارات تسير على أفضل ما يكون"، أوضح الشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية لـ"العربي الجديد" إصدار قرار الوجبات الجافة بتاريخ 22 إبريل/نيسان الماضي، قائلا إن: "القرار قصد منع دخول الوجبات المطبوخة، المعروفة بالوجبات الساخنة"، ولدى سؤال معد التحقيق له عن سر دخول تلك الوجبات خلال رمضان الجاري بالرغم من القرار، رد "اسأل عنها عزام الخطيب".


الصراع على التصوير في المنطقة المميزة


يقول الشيخ رائد دعنا إن هناك أموالًا يتم دفعها لتسهيل عمل الجمعيات في المسجد الأقصى، موضحًا أن قضية الإفطار تحولت إلى صراع، حول امتياز وحق تصوير الإفطار في المنطقة المميزة بين قبة الصخرة والمصلى القبلي. وهو ما أكدت عليه وفاء عصفور مديرة جمعية أرماء المقدسية التي سعت إلى تنظيم إفطار خلال العام الماضي في المسجد الأقصى وتوجّهت للأوقاف لنيل الموافقة على تنفيذه طوال الشهر، وتم إبلاغها من المنسق والمسؤول عن الإشراف على تنظيم فعاليات الإفطار الرمضاني وسكرتير مدير الأوقاف الإسلامية بسام أبو لبدة، المعروف بـ"أبو داوود"، بشروط تنفيذ الفعالية إلى جانب ترشيحه لمطعم مرخص من قبلهم، موصيا أن تتعامل مع المطعم، وتابعت: "قام أبو لبدة بالاتصال بالمطعم على الفور في ذات اللحظة، وحدد لي موعدًا".

مقابلة بسام أبو لبدة (تسجيل صوتي)

لكن المشرف على تنظيم الإفطار في مؤسسة الأوقاف، بسام أبو لبدة، نفى تزكية مطعم دون غيره، موضحا لـ"العربي الجديد": "تضع الأوقاف شروطًا للمؤسسات لتأخذ الوجبات من مطعم لديه ترخيص رسمي ويهتم بالناحية الصحية، وأنه هذا العام تم فحص الوجبات بالتعاون مع جامعة القدس ميدانياً وفي المطاعم". وأكد أن لكل مؤسسة حرية الخيار من أي مطعم تنوي الشراء، وأن وظيفتهم فقط كأوقاف تفقد الوجبة والجودة والترخيص والسلامة الصحية والكميات والملصقات.

ويرد أبو إبراهيم صاحب مطعم النصر والذي قام بتوريد وجبات إفطار خلال رمضان الجاري، نافيًا تفعيل الرقابة الصحية على الوجبات، قائلا: "مع اقتراب الشهر الفضيل على الانتهاء، ومنذ بداية رمضان هذا العام لم تحضر إليّ الرقابة الصحية ولو لمرة واحدة".

عصفور في حديثها لفتت إلى طلب موزع يفرض سطوته في المنطقة المميزة تقاضي دولار واحد عن كل وجبة من أجل تأمين المكان والتصوير، وتتحفظ الجريدة على اسم الموزع لرفضه الرد على ما جاء في التحقيق بالرغم من تصويره في مقطع فيديو وصور تثبت وضع يافطات مختلفة مع الوجبات ذاتها.



وبحسب عصفور فقد سبق أن التقت الموزع في المطعم الذي رشحه لها أبو لبدة، قائلة: "تم تعريفه على أنه يقوم بفرد وجبات الإفطار في منطقة محددة، وتمت تزكيته لأخذ خدمات التوزيع منه، وعرض علي صاحب المطعم تقديم خدمات الشخص والتصوير لأول يوم على حسابه، حتّى أرى نوعية الصور والترتيب الذي سأحصل عليه، تشجيعًا لي على أخذ خدمات الموزع للأيام القادمة، وهو ما يكلف نحو دولار لكل وجبة في اليوم"، لكن أبو لبدة في ذات السياق نفى أي شبهة تصل بينه وبين الموزع قائلًا: "إن الجمعيات تتفق مع أشخاص أو شركات نظام وأمن لفرد الوجبات وللحفاظ على النظام والتوزيع، وتدفع إلى هؤلاء الشبان، ولا علاقة للأوقاف بهذا الموضوع".


وتابع أبو لبدة أن تعليمات الأوقاف تنص على أن يتم الابتعاد عن الممرات التي تؤدي إلى قبة الصخرة والمسجد الأقصى، والابتعاد عن منطقة الكأس، وأن الجمعيات تقوم بالفرد في مناطق تعودت عليها منذ القدم، ولا أحد يدفع أموالًا مقابل حجز سنتيمتر واحد في المسجد الأقصى. وتابع أنّ رفع اليافطات أمرٌ يخصّ الجمعيات، وهو لا يستطيع منعها من الدخول، وأنهم (الجمعيات) يقومون بإدخالها على طريقتهم والتصوير لليافطات على ذات الوجبات، وهذا ما يمنعه القانون".

لكن معد التحقيق وثق عبر مقطع مصور بتاريخ 2 يونيو/حزيران الجاري نقلًا عن تلفزيون فلسطين الرسمي، شبانا يحمل أحدهم اليافطة الأولى التي تحمل أعلام دول خليجية متبرعة، ويتنقل الشبان بها بين صفوف المفطرين لأخذ زوايا ووجوه مختلفة في كل صورة. وفي ذات المكان وبعد ما يقل عن نصف دقيقة، خلال الأذان، تتبدل اليافطة، لتحمل أعلام داعمين متبرعين آخرين، لالتقاط صورة في المكان المميز ذاته، المطل على القبة والجامع القبلي، وهو ما يؤكد عليه الناشط محمد والذي رفض الإفصاح عن اسمه، إذ عمل مع إحدى الجمعيات العام الماضي على تنظيم إفطار رمضاني في المسجد الأقصى، قائلا: نظمنا إفطارا خيريا من 200 وجبة، جاء شخصٌ ومعه يافطةٌ لجمعيةٍ ممولةٍ من الإمارات، وشخصٌ آخر حاملًا يافطةً لجمعية ممولة من تركيا، ورفعوا يافطاتهم فوق الوجبات ذاتها، وقاموا بالتقاط الصور من زوايا مختلفة قبل ذهابهم".

أقوال أبو لبدة يرد عليها أبو إبراهيم قائلًا: "إن من يريد فرد الوجبات في منطقة الكأس بين المصلى القبلي والصخرة هدفه الصور المميزة والمؤثرة، وبالتالي الحصول على تمويل أكبر من الداعمين، لكن الأوقاف (متمثلة في شخص أبو لبدة المشرف على تنظيم الإفطار) تستطيع منع هذه الظاهرة المتكررة منذ فترة طويلة عبر السيطرة على هذا الأمر ومنع أي شبهات ومخالفات، ولديها كامل الصلاحيات، وتم منع مؤسسات مخالفة في السابق، مضيفا "كلمة المسؤول عن تنظيم الإفطار أبو لبدة لا تكون اثنتين".



تبادل الاتهامات

حول الاتهامات بالمخالفات القانونية المرتكبة من قبل بعض الشخصيات في دائرة الأوقاف، قال الشيخ الخطيب في تصريح مقتضب إنه "إذا وجد أي دليل على أي موظف في الأوقاف لن يبقى في وظيفته، ونحن على استعداد للمحاسبة".

لكن مديرة جمعية أرماء المقدسية انتقدت بشكل لاذع طريقة إشراف الأوقاف على تنظيم الإفطار الرمضاني ، قائلة: "نتيجة لعنادي العام الماضي وعدم التعاطي معهم، لم يتم إبلاغي بموعد اجتماع المؤسسات العاملة في تنظيم إفطار رمضان، وهو ما يؤكده مصدر مطلع في الأوقاف لم يكشف عن هويته خشية استهدافه في العمل، لافتا إلى "أن الجمعيات تخاف من الانتقاد حتى لا يجري منعها من العمل داخل ساحات الأقصى".


بالمقابل يرد بسام أبو لبدة متهما الجمعيات والمؤسسات بأنها "بتشتغل بزنس"، وأنه لو كان لديها نية خالصة لله لن تقوم بوضع اللافتات والتصوير، وأنهم في الأوقاف لا يعملون "بزنس" لكنهم معنيون بتعمير الأقصى.

ورداً على اتهام أبو لبدة للمؤسسات بالفساد، قالت وفاء عصفور: "ببساطة الصلاحية المطلقة في موضوع الإفطارات في المسجد الأقصى بيد الأوقاف، وعليها إصدار تعليمات شفافة وواضحة وعادلة للمؤسسات كافة لحل المشكلة من الأساس".

ذات صلة

الصورة
فلسطينيون من الضفة الغربية عند حاجز قلنديا 1 (العربي الجديد)

مجتمع

تعقّد سلطات الاحتلال وصول الفلسطينيين المسنّين من الضفة الغربية المحتلة إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة، لأداء صلاة الجمعة في شهر رمضان.
الصورة
الاحتلال يضع أسلاكاً شائكة فوق باب الأسباط أحد أبواب المسجد الأقصى (إكس)

سياسة

قالت محافظة القدس في فلسطين، الاثنين، إن قوات الاحتلال وضعت أسلاكاً شائكة في محيط باب الأسباط المؤدي إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة، لأول مرة منذ عام 1967.
الصورة

سياسة

لم تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي الليلة، للفلسطينيين من أهالي القدس والمناطق المحتلة عام 1948، بدخول المسجد الأقصى المبارك، لأداء صلاتي العشاء والتراويح.
الصورة
وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو (إكس)

سياسة

دعا وزير إسرائيلي متطرف، الجمعة، إلى "محو" شهر رمضان وعدم التخوف من تصاعد التوتر بالضفة الغربية والقدس الشرقية خلال الشهر، نتيجة الحرب على قطاع غزة.