حمى الذهب المصرية

حمى الذهب المصرية
تصفح للأسفل

متسللون سودانيون يقودون عمليات التنقيب غير الشرعي في وديان المعدن الأصفر

ترقّب للحملات الأمنية ومواجهة مع الموت بحثاً عن القوت

المصريون يهرّبون السودانيين عبر الحدود للاستفادة من خبراتهم في فصل المعدن عن الصخور باستخدام الزئبق


تسلل الثلاثيني السوداني بكري بشير إلى مصر قاطعاً الحدود بين البلدين مطارداً حلمه بالثراء عبر مشاركة المنقبين غير الشرعيين المصريين بحثهم عن الذهب، بعد أن قننت وزارة المعادن السودانية في عام 2015 عمل المنقبين العشوائيين كما يطلق عليهم في السودان.



المصدر: العربي الجديد

يقول بشير بينما يحمل على كتفه "أجولة" معبأة بأحجار الكوارتز إنه يعيش في منطقة إدفو محافظة أسوان جنوبي مصر منذ ما يزيد على ثلاث سنوات تردد خلالها على السودان عدداً من المرات لزيارة أسرته المكونة من ثلاثة أبناء وزوجته، ليعطيهم بعضًا من المال الذي يتحصل عليه جراء التنقيب عن المعدن الأصفر في وديان الذهب المصرية.

لمدة خمس سنوات عمل بشير في التنقيب العشوائي عن الذهب في السودان قبل أن يأتي إلى مصر ما جعله يكتسب خبرة كبيرة في معرفة الأماكن الموجود فيها المعدن وكيفية استخراجه من الصخور باستخدام الزئبق.



المصدر: العربي الجديد

بشير وخمسة سودانيين وتسعة مصريين التقاهم معد التحقيق في إدفو على حدود منجم البرامية، يقولون إنه رغم صعوبة العمل لا يوجد لديهم باب رزق آخر لتوفير القوت لأسرهم.



الموت بحثاً عن الحياة


في منطقة البرامية التابعة لمحافظة أسوان والفواخير التابعة لمحافظة البحر الأحمر جنوبي مصر، وثق معد التحقيق وجود 50 سودانياً يعملون في التنقيب غير الشرعي عن الذهب وكلهم يبحثون عن المعدن الأصفر، حتى لو كان الثمن هلاكهم، إذ راح بعضهم ضحية حلم الثراء، ومن بينهم 5 مصريين سقطت كتلة صخرية عليهم داخل إحدى الأودية الجبلية بمرسى علم التابعة لمحافظة البحر الأحمر التي تبعد عن القاهرة 950 كيلومتراً.



اثنان منهم من منطقة العدوة بمركز إدفو وآخر من كوم إمبو وآخرون من قنا وسوهاج وفق بيان لوزارة الداخلية صدر في أغسطس/آب من العام الماضي، ومن بين القتلى أحمد نجل محمد أبو أحمد وصديقه علي نور الدين.


المصدر: العربي الجديد

لم يجد أحمد عملا ما اضطره للخروج مع المنقبين غير الشرعيين ليعول نفسه ويساعد العائلة في تحمل المسؤولية، كما روى والده قائلا لم يجد أحمد عملا، ولا يوجد لدينا ما نعمل به في محافظات الجنوب غير التنقيب عن الذهب، رغم المخاطر اليومية التي نعيشها".


يتابع الخمسيني محمد أبو أحمد أنه هو الآخر ينقب دون تصريح عن الذهب في منطقة البرامية جنوب مصر قائلا "مفيش شغل في البلد، خاصة في منطقة الصعيد التي أهملتها الدولة وبدل ما نكسر باب دكان ونسرقه أو نتاجر في المخدرات أدينا بنكسّر في الحجر علشان نسترزق ونأكل عيالنا".


المصدر: العربي الجديد

ويضيف أبو أحمد وهو رب أسرة مكونة من 5 أفراد أن "كل واحد ورزقه، وممكن حد يطلع حتى 5 غرام في اليوم، والأمر يعتمد على كمية الحجر الخام التي يتم طحنها، إذ إن كل طن حجر مطحون يستخرج منه متوسط غرامين من الذهب، ويمكن أن تزيد أو تقل كمية الذهب بحسب كثافة المعدن وهو ما يتم تحديده بعد عمل اختبار، عن طريق طحن كمية صغيرة من الحجر ومحاولة استخلاص الذهب منها ليختار المنقبون العمل في المنطقة أو تركها".


"دهابة السودان"


في بداياته، تعلم أبو أحمد التنقيب من السودانيين بعد أن سمع عن الثروات التي حصدها السودانيون في عام 2009، وفي ظل اختلاط العائلات على جانبي الحدود السودانية المصرية تعلم أبو أحمد وغيره من المصريين التنقيب والبحث عن الذهب عبر أجهزة الكشف عن المعادن التي لم يكن المصريون يعرفون شيئا عنها في ذلك الوقت كما يقول.


المصدر: العربي الجديد

وينتقل السودانيون من خلال التنسيق مع مصريين من قبيلتي (البشارية والعبابدة) الموجودتين في مصر والسودان، وبينهم نسب ومصاهرة كما أوضح بشير، مؤكداً أن المنقبين عن الذهب المصريين والسودانيين معظمهم من أبناء القبيلتين، وحينما يتم استقدام سودانيين بمعرفة مصريين إلى مصر من أجل التنقيب عن الذهب لا يتكلف السوداني أي مبالغ نظير انتقاله، فمن يساعده في التنقل وتخطي الحدود هم مصريون.


وانتشرت أخبار الذهب عبر تُجار الجِمال السودانيين الذين يأتون إلى سوق الجمال في محافظة أسوان، إذ كانوا دائما ما يتحدثون مع المصريين عن استخراج الذهب باستخدام أجهزة بحث استشعارية تكشف عن المعدن على بعد يتراوح بين 10 سنتيمترات وحتى 30 سنتيمتراً، بحسب ما أكده أبو أحمد، ويشرح إبراهيم عبد الخالق مدير التسويق بشركة GMD الموجودة في القاهرة، والمتخصصة في بيع أجهزة كشف المعادن والمياه الجوفية ذلك، قائلا إن "هناك نوعين من الأجهزة، الأول أجهزة استشعارية تقوم بالتقاط أيونات صادرة من المعادن وتميز كل أيون ملتقط حسب نوع المعدن ثم تعطي صوتاً أو تنبيهاً بأن هناك معدناً في المكان الموضوع فوقه جهاز الكشف.


المصدر: العربي الجديد

ويصدر الجهاز صوتا أو صافرة مختلفة لكل معدن، كما يقول متابعا "من بين تلك الأجهزة أيضا ما يتم ضبطه ليعطي إنذاراً أو تنبيهاً فقط عندما يلتقط معدن الذهب وينحي باقي المعادن جانبا على عمق من 10 سنتيمترات حتى 30 سنتيمتراً وتسمى بالأجهزة السطحية التي تكشف القطع الصغيرة المتناثرة بالقرب من سطح الأرض".


المصدر: Getty

النوع الثاني من الأجهزة يعمل عبر تقنية الكشف الصوتي (السونار) أو التصوير لما بداخل الأرض وعرضه في شكل بيانات، وهي لا تستخدم للكشف عن المعادن، بل للكشف عن المياه، ويتراوح العمق الذي تعمل تلك الأجهزة فيه ما بين ستة أمتار و50 متراً، وفق ما أوضحه عبد الخالق.



تقنين العمل في السودان


بعد أن قننت وزارة المعادن السودانية نشاط التنقيب عن الذهب واستخراجه، صار الأمر يتطلب استصدار تراخيص بحث واستخراج الذهب المتاحة لمن يتوفر لديه الملاءة المالية والمعدات، بحسب ما اشترطته الوزارة لمن يرغب في الحصول على ترخيص يتم تحديد قيمته بناءً على المساحة التى يريد المرخص له الحصول عليها ومدى جدواها الاقتصادية.

وتنص المادة 14 من قانون التعدين السوداني رقم 8 لسنة 2017 في بند الرسوم والإيجارات على أنه "بالإضافة إلى الرسوم المقررة وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون، يُحصّل عن كل ترخيص للاستكشاف أو البحث أو عقد للتعدين إيجار سنوي حسبما تحدده اللوائح عن كل كيلومتر مربع أو أي وحدة قياس أخرى تحددها اللوائح من مساحة منطقة الاستكشاف أو عقد التعدين ويعتبر أي جزء من هذه الوحدات القياسية وحدة كاملة".


الموضوع الخدمة المقدمة مبلغ الرسم بالجنيه
رخصة البحث العام (أ) رسوم الطلب والنظر
(ب) رسوم إصدار
1500
5000
رخصة الاستكشاف المطلقة (الخاص) (أ) رسوم الطلب والنظر
(ب) رسوم إصدار
1500
5000
رخصة التعدين (أ) رسوم الطلب والنظر
(ب) رسوم إصدار
(ج) رسم التنازل أو التحويل
1500
5000
10000
رخصة التعدين الصغير (أ) رسوم الطلب والنظر
(ب) رسوم إصدار
(ج) رسم التنازل أو التحويل
1500
4000
7000
رخص الملاحات والجباصات (أ) رسوم الطلب والنظر
(ب) رسوم إصدار
(ج) رسم التنازل أو التحويل
1500
4000
10000
رخصة معادن وصخور صناعية (أ) رسوم الطلب والنظر
(ب) رسوم إصدار
(ج) رسم التنازل أو التحويل
1500
5000
10000
رسوم الشهادات (أ) للعينات حتى زنة 50 كيلوغراماً
صادر خامات
100
300


بسبب الرسوم السابقة تحولت وجهة المنقبين السودانيين إلى تخطي الحدود السودانية المصرية بشكل غير شرعي ومشاركة المصريين في أعمال التنقيب غير القانونية، إذ إن تكلفة المعدات فقط يمكن أن تصل إلى مليون جنيه سوداني (56 ألف دولار) كما قال بشير.


المصدر: العربي الجديد

ومع زيادة التنقيب العشوائي عن الذهب بالمناجم المصرية لم تعد أجهزة البحث عن المعدن السطحية مجدية، فتطور الأمر لاستخدام معدات للحفر والتنقيب بشكل أعمق داخل باطن الأرض ومن هنا كانت بداية مرحلة آلات طحن الحجر قبل عامين ونصف العام، كما قال الرجلان.


المصدر: العربي الجديد

يقول أبو أحمد إن العديد من المصريين ذهبوا إلى السودان للعمل مع السودانيين هناك، وتعلّم استخراج الذهب ثم عادوا إلى مصر لتطبيق ما تعلموه.


المصدر: Getty



هروب داخل الأودية


ألقت قوات حرس الحدود المصرية (أحد الفروع الرئيسية للجيش المصري وتراقب حدود مصر الساحلية والبرية) القبض على 161 سودانيًا دخلوا مصر بطرق غير شرعية بغرض التنقيب غير الشرعي عن الذهب بمساعدة مصريين خلال الفترة من أغسطس/آب من عام 2013 وحتى مارس/آذار من عام 2018 وفق إحصاء وثقه معد التحقيق عبر بيانات حرس الحدود المعلنة على صفحة المتحدث العسكري المصري، لكن على الرغم من ذلك فإن الثلاثيني السوداني آدم أبو شفيع مصرّ على العمل، إذ يتقاضى ربع المبلغ اليومي الذي يباع به الذهب المستخرج مقابل خبرته في اكتشاف عروق الذهب وتكسير الخام وتعبئته، ويتوقف المبلغ الذي يحصل عليه على سعر بيع الذهب والكمية المستخرجة.


كما يقول موضحا أن متوسط ما يحصل عليه يصل حتى ثلاثة آلاف جنيه يومياً، لكنه لا يعمل طوال أيام الشهر بسبب المطاردات الأمنية إذ لا تزيد أيام عمله عن 10 أو 15 يوماً على مدار الشهر.


المصدر: العربي الجديد

يؤكد أبو شفيع وهو رب أسرة مكونة من طفلين، أنه ورفاقه يستخرجون في يوم عملهم ما بين 20 إلى 50 غرامًا من الذهب، عبر طحن كمية بين 8 إلى 25 طنا من الحجر الخام، ويتم بيع الذهب بسعر البورصة لليوم الذي يتم فيه الاستخراج.



لكن المهندس أشرف فتحي مدير مكتب تفتيش القصير التابع لهيئة الثروة المعدنية في جنوب مصر، يقول إن عدد السودانيين الذين ضبطتهم الأجهزة الأمنية قليل مقارنة بالموجودين على أرض الواقع، ويضيف أنه من خلال التفتيش المستمر وبحسب خبرته في مواقع عمله فإن عدد السودانيين الموجودين في مصر وينقبون عن الذهب بشكل غير شرعي يصل إلى ألفي منقب ينتشرون في مجموعات عديدة ويهربون داخل الأودية الجبلية والأنفاق بعد تحذيرهم من الحملات الأمنية عبر رفاق لهم يقتصر دورهم على مراقبة الجبل.



مراحل الاستخراج



يمر التنقيب العشوائي عن الذهب بعدد من المراحل التي رصدها معد التحقيق تبدأ باستكشاف المكان واختبار كثافة وجود المعدن وتنتهي بعملية الوزن والبيع لتجار غير مرخص لهم بالعمل.



ويتحرك المنقبون في سيارات دفع رباعي من قراهم التي تبعد عن أماكن التنقيب 50 كيلومترا بعد صلاة الفجر مباشرة في تمام الساعة الرابعة أو الرابعة والنصف، ليصلوا إلى أماكن التنقيب في تمام الخامسة أو الخامسة والنصف صباحا.


المصدر: العربي الجديد


تحمل السيارة على متنها برميلين أو ثلاثة من المياه العذبة الصالحة للشرب، وأدوات حفر وتكسير الصخر، ومهزة (غربال) كبيرة وآخر صغيرة لاختبار العينات (الششن).



وبعد الوصول إلى أماكن التنقيب يتم عمل (الششن) التجارب الأولية قبل الحفر لمعرفة الأماكن التي تتمتع بكثافة المعدن النفيس ويبدأ التنقيب وتكسير الصخور فيها.


المصدر: العربي الجديد
المصدر: العربي الجديد

يتم تكسير الصخور التي تحتوي على معدن الذهب ومن ثم يتم تعبئتها في أجولة بلاستيكية تمهيداً لرفعها على متن السيارات، والقطع الكبيرة من الصخر تبقى كما هي على متن السيارات، من دون أن يتم تعبئتها في أجولة.


المصدر: العربي الجديد

تبدأ عملية تعبئة السيارات بأجولة الصخور تمهيدا للتحرك إلى أماكن طحنها غير الشرعية المنتشرة على مقربة من أماكن التنقيب، تحمل السيارة الصغيرة الحجم طنّين من الحجر الصخري الذي يحتوي على معدن الذهب، فيما تحمل السيارة كبيرة الحجم (الجامبو) ما بين خمسة إلى ستة أطنان من الحجر.


المصدر: العربي الجديد
المصدر: العربي الجديد


وتتحرك السيارات المحملة بالحجر الصخري من مواقع التنقيب في حدود الساعة الخامسة أو الخامسة والنصف مساء، لتصل إلى مطاحن الحجر في تمام السابعة يتم إنزال حمولة السيارات وتفريغ الأجولة في المطحنة.


المصدر: العربي الجديد

وتستخدم المطاحن المياه في تذويب الصخور، من خلال عجلات حديدية ثقيلة الوزن تصل حتى 300 كيلوغرام تدور وتطحن الصخور بعد تفريغها في حوض المطحنة الذي يحتوي على الماء، وفق ما شرحه العشريني جلال الحربي صاحب مطحني حجر، والذي يقول إنه عمل مع السودانيين في بادئ الأمر في البحث العشوائي عن الذهب، ثم بعد ذلك تعلم منهم فكرة الطواحين وطريقة طحن الحجر واستخراج الذهب منه.


ويضيف الحربي أنه بعد أن تعلم جاء إلى مصر وقام بإنشاء مطحنتين بالقرب من مناجم الذهب في منطقة تبعد 100 كيلومتر عن منطقة البرامية التابعة لمركز إدفو، بتكلفة 400 ألف جنيه للمطحنتين (22.6 دولار).


المصدر: العربي الجديد

تعمل الطواحين على مدار 24 ساعة لخدمة المنقبين ويحصل الحربي على 700 جنيه مصري (39 دولارا) مقابل طحن طن الحجر للعميل، بعد وزنه من خلال ميزان الشاحنات (البسكول) لتقدير كميته ثم بعد ذلك يقوم بوضعه في الطاحونة لمدة 12 ساعة.



وتنتشر تلك الطواحين في جنوبي مصر، إذ أزالت الأجهزة الأمنية لمديرية أمن أسوان سبتمبر/أيلول الماضي 102 طاحونة تستخدم في طحن حجر الكوارتز لاستخلاص الذهب، إذ صار الأمر مهنة منتشرة كما يقول جلال الحربي.


المصدر: العربي الجديد

وبعد طحن الصخور يتم تفريغ ناتج الطحن النهائي في أوانٍ دائرية الشكل من الألومنيوم، وبها بعض الماء، ويتم إفراغ نسبة تزن ربع كيلوغرام من الزئبق الأبيض المستخدم في ترمومتر قياس الحرارة لكل 50 كيلوغراماً من ناتج طحن أحجار الكوارترز، ويتم تقليب الزئبق فضي اللون والذي يصل سعر الكيلوغرام منه إلى أربعة آلاف و 500 جنيه مصري (251 دولارا) مع الرمال والمياه لمدة 20 دقيقة بعدها يتم عصر الناتج بواسطة قطعة من القماش ليتخلص الزئبق من الرمال الناعمة والمياه ويبقى بصحبة الذهب.


المصدر: العربي الجديد
المصدر: العربي الجديد

ثم بعد ذلك يقول الحربي إن الخطوة الأخيرة هي جلب أسطوانة غاز بها موقد نار، ويوضع الزئبق الفضي بعد إعادة عصره بواسطة قطعة قماش في إناء حديدي صغير الحجم ويتم إشعال موقد النار تحت الإناء لفترة ربع ساعة حتى يتطاير الزئبق بفعل درجة الحرارة، وما يتبقى هو قطعة الذهب بها بعض الشوائب رمال وحجر صغير الحجم.



مناطق انتشار المنقبين



تزخر الصحراء الشرقية لمصر بـ 120 موقعاً غنياً بخام الذهب، بحسب ما قاله عمر طعيمة رئيس هيئة الثروة المعدنية على موقعها الإلكتروني في فبراير/شباط الماضي.


عمر طعيمة رئيس هيئة الثروة المعدنية

ويقول مصعب السيد مدير مكتب التفتيش التابع لهيئة الثروة المعدنية المصرية لمنطقة مرسى علم إنه لا يوجد حصر دقيق للمنقبين غير الشرعيين، لكنه من خلال عمله والحملات التفتيشية يقدر عددهم بـ 10 آلاف منقب، متفقاً مع زميله مدير مكتب تفتيش القصير بأن من بينهم ما يقارب الألفي سوداني.


ويضيف مصعب أن المنقبين ينتشرون في 30 منجمًا بمنطقتي إدفو شمال محافظة أسوان والظهير الصحراوي الواقع ما بين أسوان ومنطقة مرسى علم. بحسب السيد فإن منطقة أم سمرة الواقعة في طريق إدفو مرسى علم هي من أكثر المناطق التي يوجد فيها سودانيون، وحين يتم عمل حملات تفتيشية يقومون بالهرب والفرار بمساعدة زملائهم المصريين.


وتبعد منطقة البرامية التابعة لمحافظة أسوان ألف كيلومتر تقريبًا عن العاصمة القاهرة باتجاه الجنوب، ويقول المنقب السوداني بكري بشير إن المئات من السودانيين يتسللون إلى مصر منذ عام 2015 وحتى الآن بمساعدة مصريين بحثا عن الذهب في عروق المرو، وهي غير منتظمة الشكل والسماكة وتم تقدير الاحتياطي في المنجم في ثلاثة نطاقات، هي النطاق الأول ويحتوي 14.8 مليون طن من الخام، بنسبة ذهب 1.07 غرام في الطن، ويحتوى على كمية من الذهب تقدر بـ 16 طنا، بينما النطاق الثاني يحتوي 1.22 مليون طن خام بنسبة ذهب 2.85 غرام في الطن، ويحتوي كمية ذهب 3.5 أطنان، والنطاق الثالث يحتوي 0.5 مليون طن من الخام بنسبة ذهب 3.00 غرامات في الطن، ويحتوي كمية ذهب 1.5 طن، ويوجد الذهب في معدن الـ Pyrite (الذهب الكاذب) في خام الغرانيت و خام الكوارتز، وفق ما أوضحه الدكتور حسن بخيت، رئيس المجلس الاستشاري للتعدين والموارد الطبيعية التابع لنقابة المهن العلمية.



بيع الذهب



يمتلك الثلاثيني صافي محمود معدات سبك الذهب إلى جانب مواد كيماوية (خليط من بودرة منظفات) لتنقية المعدن النفيس من الشوائب، وجهازاً لقياس وحساب عيار الذهب الذي يشتريه من المنقبين غير الشرعيين، الذين يستقبلهم في منزله بمنطقة العدوة التابعة لمحافظة أسوان.


المصدر: العربي الجديد
المصدر: العربي الجديد

يحصل محمود شهريا على ذهب من المنقبين غير الشرعيين يتراوح وزنه ما بين 500 إلى 800 غرام. ويقول إنه يقوم بشراء جميع أعيرة الذهب التي تأتي إليه بسعر اليوم لكل عيار.


المصدر: العربي الجديد

وتصل درجة نقاوة الذهب المستخرج إلى 94 أو 95 في المائة على أقصى تقدير، وباقي النسبة تكون عبارة عن شوائب من الحديد ومعادن أخرى، كما يشرح الأكاديمي محمد زكي، أستاذ مساعد الجيولوجيا في كلية العلوم بجامعة كفر الشيخ.


المصدر: العربي الجديد

ويوضح زكي أن الذهب المستخلص من قبل شركة "سنتامين إيجبت" التي تعمل في منجم السكري تحتاج إلى التنقية في كندا حتى تصل إلى نسبة 99.99%.


المصدر: العربي الجديد
المصدر: العربي الجديد



مضار التنقيب غير الشرعي



على الرغم من عدم وجود إحصاء رسمي يكشف كميات الذهب التي تباع خارج إطار الاقتصاد الرسمي إلا أن مدير مكتب تفتيش مرسى علم بهيئة الثروة المعدنية يقدرها بـ 200 كيلوغرام سنوياً، على أساس حملات التفتيش التي يقودها وكميات الأحجار والذهب التي يتم ضبطها بحوزة المنقبين.


ويهدر التنقيب العشوائي حق الأجيال القادمة في الثروات الطبيعية ويدمر مواقع العمل بالمناجم ما يجعل الشركات تقوم بالعزوف عن التعاقد مع هيئة الثروة المعدنية من المناطق التي عمل فيها المنقبون غير الشرعيين، كما يوضح الدكتور حسن بخيت، قائلا "التنقيب العشوائي يهدر خام الذهب وحق الدولة في تحصيل الرسوم التي تصل إلى نسبة 50% من ربح بيع الذهب بحسب هيئة الثروة المعدنية، علاوة على تعرض المنقبين أنفسهم لخطر الموت".


ويرى يوسف الراجحى، مدير عام "سنتامين إيجيبت"، الحاصلة على حق امتياز استخراج الذهب من منجم السكري (30 كم جنوب مرسى علم في محافظة البحر الأحمر) إن التنقيب غير الشرعي عن الذهب يهدر معالم المناجم ما يصعب من مهمة شركات التنقيب للعمل في تلك المناطق.


يوسف الراجحي، مدير عام "سنتامين إيجيبت" - ويكيميديا

ويضيف الراجحي أن تشويه المناجم بعمليات التكسير والحفر العشوائي تعقد عملية الدراسة البحثية لمعرفة مخزون الذهب في المنجم. ويؤكد أن "سنتامين ايجيبت" بكل طاقتها تستخرج ما بين 2 إلى 3 غرامات ذهب من كل طن حجر يتم طحنه. ويشير إلى أن المنقب غير الشرعي لو استخراج نفس الكمية فإنها تعد مكسباً كبيراً جداً، لأنه لا يدفع تكلفة أبحاث، ودراسات، ومهندسين، ومعدات كما تفعل الشركات.



ويؤكد الراجحي أن التنقيب العشوائي من شأنه إهدار العديد من مناجم الذهب، بسبب استخدام المنقبين للحفارات و"اللوادر" في تكسير الحجر. ويتساءل كيف تعمل شركة في منجم تم الحفر به عشوائيا؟



العقوبة



تنص المادة رقم 42 من قانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014 على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة 250 ألف جنيه ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه، كل من استخرج خاماً من خامات المناجم أو المحاجر أو المواد المصاحبة أو الأملاح من دون ترخيص، ويعود مصعب السيد ليحذر من مخاطر التنقيب العشوائي بعد إدخال المنقبين لمعدات ثقيلة إلى المناجم مثل "اللوادر" والحفّارات ما يشوّه معالم المكان ويصعب على الشركات العمل فيه.


المصدر: العربي الجديد

ويقول السيد إن الحل يكمن في محاولة الدولة ترخيص العمل للمنقبين غير الشرعيين، وعمل بنك وطني لشراء الذهب المستخرج. ومن شأن ذلك أن يصب في مصلحة الاقتصاد المصري.


ويتفق معه المهندس أشرف فتحي ولكنه يضيف أن الحملات الأمنية ستزيد خلال الفترة المقبلة للقضاء نهائياً على المنقبين المصريين غير الشرعيين، ومن يعاونهم من السودانيين والذين يسلمون إلى مكتبي المخابرات في القصير ومرسى علم، كون هؤلاء دخلوا مصر بشكل غير شرعي.












تحقيق:
سعيد قدير


تحرير وإشراف:
محمد عزام


التصميم الفني والبرمجة:
هشام حدانة




العودة للرئيسية