إسرائيل تبتز مرضى في غزة: العمالة مقابل العلاج

إسرائيل تبتز مرضى في غزة: العمالة مقابل العلاج

29 مايو 2014
إسرائيل تبتز المرضى على معابر غزة (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يكن الحاج علي قطيشان (57 عاماً)، يعلم أن رحلة علاج ابنه الأكبر فادي، في المستشفيات الإسرائيلية، ستكون سبباً في فقدانه، وخصوصاً عندما حاولت الاستخبارات ابتزاز "الشهيد" فادي للحصول على معلومات أمنية مقابل تسهيل سفره.

بدأت قصة الشاب فادي (28 عاماً)، عندما خرج إلى مستشفى "تل هاشومير" الإسرائيلي، لإجراء عملية جراحية لشرايين قلبه المتعب، وبعدما نجحت العملية عاد فادي إلى عائلته وسط قطاع غزة.

وكان يفترض، والحديث للحاج علي، أن يعود فادي إلى المستشفى نفسه، لمراجعة الطبيب الذي أجرى العملية، ولعمل فحوصات طبية، غير موجودة في قطاع غزة الذي يعيش حصاراً إسرائيلياً خانقاً.

ويروي أبو فادي لـ"العربي الجديد"، قصة فادي مع الابتزاز الإسرائيلي، حيث خيّره ضابط استخبارات إسرائيلي بين التعاون معه وتقديم معلومات لإسرائيل عن المقاومة الفلسطينية مقابل تسهيل سفره وتقديم العلاج له، وبين الموت في غزة، فاختار فادي الخيار الثاني مقتنعاً.. ومات.
يضيف أبو فادي، المكلوم على ابنه الأكبر: "عندما اتصل به الضابط الإسرائيلي قال له، نحن نعرف أن في قلبك جهازاً، قد ينفجر في أي لحظة، وقد تموت، وإذا لم تتعاون معنا، فلن نعطيك تصريح المرور عبر معبر بيت حانون".

وأيقن فادي، بعد تهديد الضابط الإسرائيلي، أنه لن يسافر أبداً ليطمئن إلى صحته، ويتابع عمليته الجراحية. وبعد ثلاثة أشهر من هذا الأمر، "فارق فادي الحياة ورافقته وطنيته وكرامته للقبر"، كما قال والده الذي أجهش بالبكاء. 

ابتزاز واضح

في حادثة أخرى، اضطر أطباء غزة إلى نقل طفلة صغيرة مع أمها إلى مستشفيات الاحتلال الإسرائيلي بعد سوء حالتها وعدم وجود الإمكانات لمعالجتها في القطاع المحاصر، وبالفعل سافرت الوالدة وطفلتها "خلود" إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية.
تلقّت خلود، كما قالت والدتها لـ"العربي الجديد"، علاجاً كيماوياً في عدة جلسات متتابعة، وقبل أن تتماثل للشفاء من السرطان الذي أصابها، طلب ضابط من الاستخبارات الإسرائيلية في معبر بيت حانون/إيرز، حضور والدها للمقابلة.
تخوف والدا خلود من الأمر، فالأب عنصر في أحد الفصائل الفلسطينية، ويعرف أنه إذا وصل إلى المعبر فسيعتقل ويُقتاد إلى السجن، وأصر الوالد على عدم الذهاب إلى المقابلة، وأصرت الاستخبارات الإسرائيلية على حرمان الطفلة من استكمال علاجها.
وتمكن والد خلود من استخراج تحويلة طبية إلى مصر، التي استقبلت الحالة الحرجة لخلود، حتى تغلبت على مرضها.

جريمة حرب

يؤكد سمير زقوت، مدير وحدة البحث الميداني بمركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، أن عمليات الابتزاز للمرضى ومن له حاجة إنسانية على معبر "ايرز"، تعدّ انتهاكاً جسيماً ومخالفة واضحة لما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة التي ألزمت دولة الاحتلال بتقديم خدمات الرعاية الصحية لسكان الأراضي المحتلة كما تقدمها لمواطنيها.
وأوضح زقوت لـ"العربي الجديد" أن الأصل ألا تقوم دولة الاحتلال بمنع الفلسطينيين من السفر، ويجب عليها تطوير القطاع الصحي في قطاع غزة، لكن ها هي ترتكب انتهاكاً واضحاً، وعندما ترتكب هذا الانتهاك عن سبق إصرار، فإن ذلك يعد جريمة حرب، كونها تكرر ارتكاب الانتهاكات الجسيمة للاتفاقية.
ولفت زقوت إلى أن الكثير من الذين يتعرضون للابتزاز لا يصرحون بما حصل معهم من قبل الجانب الإسرائيلي، خوفاً من أن تمنعهم سلطات الاحتلال من العلاج مرة أخرى، أو خشية الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تستدعي كل من يخضع لمقابلة أمنية على معبر"ايرز".
وأوضح المسؤول الحقوقي الفلسطيني، أن إسرائيل تشعر بأنها دولة فوق القانون وفوق المحاسبة والمساءلة، وتشعر بأنها دولة محصّنة من الملاحقة على انتهاك حقوق الإنسان، وكل ما قامت به إسرائيل من انتهاكات في الحروب وفي عمليات الاستيطان وغيرها، تشكل جرائم حرب، ولم نشهد أي إجراء دولي من شأنه ملاحقة إسرائيل على هذه الجرائم.

لا بدائل

بدوره، أكد الناطق بلسان وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية بغزة، إياد البزم، أن معبر بيت حانون "بوابة لإذلال" المواطن الفلسطيني الذي يُجبر على المرور به للعلاج، خصوصاً في ظل عدم وجود بدائل.
وبيّن البزم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن وزارة الداخلية في غزة تقوم بعملية متابعة للمواطنين قبل التوجه لمعبر "ايرز"، وتقدم لهم النصح، لتفادي الوقوع في مصيدة الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أنهم يأخذون إفادات من المرضى الذين يشكون تعرضهم للابتزاز.