الاستيطان: مشروع سرقة لم يتوقف

الاستيطان: مشروع سرقة لم يتوقف

03 يوليو 2016
هدم بيت عائلة ادعيس في بيت عمرة، تصوير:وسام الهشلمون
+ الخط -

قد يعني "الاستيطان"، لمحبّي أعمال الخيال العلمي الأدبية والفنية، انتقال كائنات، سواء كانت بشرية أم "فضائية"، من كوكب الى آخر. ولم يكن بعيداً عن هذا ما قامت به الحركة الصهيونية في نهايات القرن التاسع عشر، عندما بدأ الاستيطان المنهجي في فلسطين.

كان الأمر يتعلّق فعلاً بانتقال مجموعات بشرية من قارة الى أخرى، ومن فضاء جغرافي واجتماعي وثقافي الى آخر. ومن هوية "مستقرة" إلى اختراع هوية جديدة تلائم المكان الجديد. لكن فلسطين لم تكن كوكباً في الفضاء. ولا كانت أرضاً تحتاج "اكتشافاً"، في زمن الهوس الأوروبي بـ "الاكتشافات" الجغرافية.

كانت هناك وقائع صلبة: أرض وبشر وأشجار وحقول ومياه وملكيات مضبوطة بأوراق وعقود، وطبقات اجتماعية فيها من يملك وفيها من يكدح. هذه ليست قصيدة، ولا أنشودة مدرسية، بل حقائق متجذّرة في الأرض التي لم تخل يوماً من أهلها.

يكفي تصفح كتاب/سفر واحد مثل "بلادنا فلسطين"، الذي وضعه العلامة، مصطفى مراد الدباغ، لمعرفة الخريطة البشرية والاجتماعية للأرض وأصحابها وسلاسل أنسابهم. لكن نادراً ما كان الاستيطان، في تاريخ البشرية الحديث، قائماً، فقط، على الدعاوى الدينية، أو السياسية. كان لا بدَّ له من القوة العسكرية والاحتيالات الدولية، فقد كان هناك، غالباً، بشر يقاومون هذا الشكل من الغزو ويدافعون عن حياتهم أيّاً كان شكلها ومحتواها.

أكثر صور الاستيطان استناداً الى مزيج من القوة المحتالة والدعاوى الكاذبة هو الاستيطان الصهيوني في فلسطين. منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر وعجلة الاستيطان الصهيوني لم تتوقف. بدأت بوضع قدم، ومحاولات شراء أرض هنا وأخرى هناك، بتهاون من السلطات العثمانية، وانتهت بالاستيلاء على نحو 87 في المائة من أرض فلسطين التاريخية.

الاستيطان هو صراع على الأرض والتاريخ والهوية. وهذا ما سنقف عليه في هذا العدد من "فلسطين/ العربي الجديد".