بيسان.. سهل وشبّاكان

بيسان.. سهل وشبّاكان

03 يوليو 2016
(من بيوت بيسان المهجرة)
+ الخط -

بيسان واحدة من أيقونات الذاكرة الفلسطينية، ولعلها البلدة الفلسطينية التي يعرفها كل فلسطيني وعربي من خلال أغنية السيدة فيروز "خذوني إلى بيسان". التنوّع الذي شهدته البلدة أو المدينة الصغيرة قبل احتلالها عام 1948 جعلها نقطة جذب لكثيرين من أماكن مختلفة، إلى جانب تقدمها في التجارة والحرف والصناعات اليدوية. ولبيسان قصتها هي الأخرى مع الاستيطان، بداية من سهلها.

سهل بيسان هو الفتحة الطبيعية التي تربط وادي الأردن بسهل مرج ابن عامر. يبلغ طوله زهاء 20 كم وعرضه نحو 10 كم، ويجري فيه نهر جالود الذي يرفد نهر الأردن، وتكثر فيه الينابيع المائية المتنوعة.

تحيط به من الغرب سلسلة جبال فقوعة التي تعد خط تقسيم المياه بين وادي الأردن والبحر الأبيض المتوسط.

في أوائل ثلاثينيات القرن الفائت، كانت هذه المنطقة موضوعة "نصب أعين" المؤسسات الاستيطانية الصهيونية. وكانت مؤسسة "الصندوق القومي الدائم لإسرائيل" ("كيرن كاييمت") في أوج عمليات تهويد أراضي الغور والسيطرة عليها كلياً لمنع سكانها من العودة للإقامة فيها، وهي أراضٍ خصبة ووفيرة المياه امتدت على مساحات شاسعة. وبحثت المؤسسات الصهيونية عن نواة استيطانية صلبة تستطيع مواجهة وتحمل مصاعب الاستيطان في منطقة نائية وخطرة مثل سهل بيسان.

وصادقت المؤسسات الاستيطانية، التي سعت إلى الاستيلاء على مناطق استيطان رئيسية داخل كتل ستشملها حدود "الكيان اليهودي" التي بدأت ترتسم في الحلول التي اقترحتها "لجنة بيل"، على نواة استيطانية أولى من بين كيبوتسات حركة "هشومير هتسعير" للاستيطان في أراضي منطقة تل الشوك الواقعة على مدخل سهل بيسان.

بعد الحصول على موافقة المؤسسات الاستيطانية قام أعضاء نواة "تل عَمَال" بجولة في منطقة غور بيسان تفقدوا خلالها الموقع المقترح لإقامة "كيبوتس" الجديد بهذا الاسم. وقضت الخطة ببناء أول مستوطنة محصنة ذات قدرة دفاعية، محاطة بسور ويتوسطها برج مراقبة مزود بضوء كشاف. وهذا الأسلوب اتُّبع تاليًا في إطار تنفيذ حملة استيطانية صهيونية واسعة في فلسطين إبان أحداث ثورة 1936- 1939، وأصبح يعرف منذ ذلك الحين في المصطلحات الصهيونية بـ"حوما ومغدال" أي "سور وبرج".


(كاتب وباحث فلسطيني / عكا)

المساهمون