غونكور... حياة جائزة

غونكور... حياة جائزة

19 يوليو 2016
بيرنار بيفو رئيس لجنة تحكيم أكاديمية غونكور(Getty)
+ الخط -
ربما تكاد تكون إحدى العتبات الأساسية الحاسمة في طريق التحقق الأدبي، ونيلها يمكّن صاحبها، من دون شك، من ترسيم اسمه في الحقل الإبداعي الفرنسي، والانضمام إلى القائمة الطويلة التي فازت بها منذ 1903 إلى الآن، تاريخ تأسيس أكاديمية جائزة غونكور من طرف إدمون دو غونكور، الذي كان مؤلفاً ناجحاً وناقداً وناشراً. وقام إدمون بوقف كل أملاكه على تأسيس أكاديمية غونكور وتمويلها، لتخليد ذِكرى شقيقه وشريكه جول ألفريد هوت دو غونكور (1830-1970).
وممّا جاء في وصيته: "إن أمنياتي العليا أن تمنح هذه الجائزة للشباب، ولابتكارات الموهبة، وللمحاولات الجديدة والجريئة للفكر والشكل".
وبعد وفاة إدموند دي غونكور، في عام 1896، عن عمر يناهز أربعة وسبعين عاماً، قرأ محاميه مي ديبلون Me Duplan للموصى لهم ألفونس دوديه Alphonse Daudet وليون هونيك Léon Hennique الوصية التي تركها: "دفعت لصديقي ألفونس دوديه أن ينفذ وصيتى وعليه تأسيس، على أن يكون في نفس السنة من موتي إلى الأبد، مجتمع أدبي الذي كان حلمي أنا وأخي طوال حياتنا كأدباء، وهدفه هو خلق جائزة من 5000 فرنك لعمل أدبى نثرى وخيالي ظهر في السنة، من دخل سنوي من 6000 فرنك لصالح كل أفراد المجتمع الأدبي".
بسبب صعوبات قانونية، لم يستطع ألفونس دوديه أن يحقق حلم صديقه إلا في سنة 1900. وفي عام 1902، تم إنشاء أكاديمية غونكور تحت اسم "المجتمع الأدبي لغونكور".
منحت الجائزة لأول مرة في 21 ديسمبر 1903، لجون أنطوان ناو عن كتابه "قوات العدو"، ثم توالت سبحة الأسماء التي نالتها بعد ذلك، لتصل الآن إلى 105 من الروائيين، آخرهم
ماتياس إينار الذي نالها السنة الماضية (2015) عن روايته "بوصلة".
من أشهر من نالوا جائزة غونكور كل من مارسيل بروست وجان فايار وسيمون دي بوفوار وجورج دوهاميل وألفونس دي شاتوبريان وأنطونين ماييه.
وعادة ما تحقق الرواية الفائزة بجائزة غونكور عائدات مالية كبيرة تصل إلى حوالي 3 ملايين يورو، علاوة على الشهرة الأدبية، وهي من حيث العائد المالي تساوي مرتين جائزة فيمينا، وأربع أو خمس مرات قيمة جائزة رونودو، وهما من الجوائز الأدبية الرفيعة في فرنسا.
حتى الآن، لم يفز بها إلا عربيان، هما الكاتب المغربي الطاهر بنجلون عن روايته "ليلة القدر" في سنة 1987، واللبناني أمين معلوف عن ورايته "صخرة طانيوس" سنة 1993.
ومنذ ذلك الوقت، لم يتمكن كاتب عربي آخر من نيلها. ورغم أهمية الجائزة، فإن الكثير من النقد وُجه إليها، وإلى لجان تحكيمها، ورافقتها اتهامات بكونها منحت في لحظات ما لاعتبارات خارج أدبية ولترضيات "سياسية"، علاوة على خضوع أعضاء لجان التحكيم للوبي دور النشر الفرنسية.
غير أنها تبقى الجائزة الأهم في فرنسا، والتي تساهم بشكل كبير في تنشيط الحياة الثقافية، والدفع قدما بالأسماء المهمة إلى صدارة المشهد الأدبي، حيث الشهرة والتحقق الكتابي.

المساهمون