"فلانة".. عن الخوف من كابوس التغيير

"فلانة".. عن الخوف من كابوس التغيير

21 مايو 2018
(من العرض)
+ الخط -
دخل الفنان العراقي حاتم عودة (1946) بوابة المسرح من التمثيل، حيث أدى منذ تخرّجه من "أكاديمية الفنون الجميلة" أدواراً عدّة في أعمال لمخرجين مثل قاسم محمد ومحسن العزاوي وسامي عبد الحميد قبل أن يتجّه إلى الإخراج في مسرحيته الأولى "وداعاً غودو" عام 2003، المستندة إلى نص صموئيل بيكيت الذي يحمل عنوان "في انتظار غودو".

توالت أعماله المسرحية التي تناولت مضامين اجتماعية وسياسية وفلسفية، وآخرها "فلانة" التي قدّمها في عروض عدّة الأسبوع الماضي في "منتدى المسرح التجريبي" في بغداد، المأخوذة عن نص للكاتب العراقي هوشنك وزيري، وقام بأداء شخصياتها كلّ من بشرى إسماعيل، وآلاء نجم، وباسل الشبيب، وعمر ضياء الدين، ونريمان القيسي.

العرض الذي سيعاد تقديمه قريباً، يعرض قصة عائلة عراقية مكوّنة من أب وأم وست بنات، عاشوا ما يقارب عشرين عاماً في منزلهم البغدادي ذي الطراز القديم وهم في انقطاع تام عن أية وسيلة اتصال تربطهم بالعالم الخارجي المحيط بهم، حيث تمضي حياتهم في جمود وتبدو أيامهم متشابهة لا اختلاف يطرأ عليها.

لا تبتعد الثيمة الأساسية للعمل عن مسرح العبث، حيث هذه الأسرة لديها أزمتها وتنتظر أن يبادر أحد من خارج محيطها ليقدّم حلوله، دون أن يسعى أي فرد من أفرادها إلى إيجاد أفكار وطرح طرق للخلاص منها، وهكذا تمضي الأعوام بلا تغيير يُذكر.

يقارب عودة أفكاراً تتصل بمتلازمة الاستبداد والخوف، حيث ينادي الأب بناته الست بـ"فلانة" في إشارة إلى التهميش والقمع الذي يلحق بهن ضمن منظومة أبوية ذكورية متسلّطة تنعكس تمثّلاتها في جميع مناحي الحياة فتنعدم الفوارق بين "القطيع" حتى تتواصل الهيمنة عليه، لكنه يسعى إلى طرحها كمعادلة تستلزم وجود طرفين الأول يمارس الإقصاء والظلم، والثاني لا يخاف المستقبل فلا يُقدم على أية محاولة لتغيير واقعه.

لا تغيب الإسقاطات السياسية عن المسرحية، التي تتمحور حول فقدان العدالة الاجتماعية وكيف أن "فلانة" تتشارك مع فلانات لا حصر لعددهن في مجتمعاتنا التي تتعرض لقهر السلطة واستلاب أفرادها لها، في أجواء كابوسية تحاصر جميع المهمّشين وتخنق أنفاسهم وأحلامهم وتقودهم إلى الإحساس بالعجز والتيه والضياع.

المساهمون