الطيب الصديقي ينزل عن الخشبة

الطيب الصديقي ينزل عن الخشبة

06 فبراير 2016
الطيب الصديقي (1937 – 2016)
+ الخط -

 في أحد مشافي الدار البيضاء، رحل أمس المسرحي المغربي الطيب الصديقي (1937 – 2016)، أحد روّاد المسرح العربي والذي امتدّ عمله على الخشبة لأكثر من خمسين عاماً، قدّم خلالها أعمالاً شكّلت فارقاً في وقتها.

إن كان معظم اشتغال الصديقي على المسرح المغربي، فإنه أسّس فرقة مع الفنانة اللبنانية نضال الأشقر أطلق عليها "الممثّلون العرب". ورغم أنها لم تستمر سوى عام واحد، إلا أنها كشفت الكثير من مشاكل المسرحيين العرب من جهة، وعرضت أعمالاً، في فترة وجيزة، جابت خلالها مسارح عربية وعالمية.

لم يكن الصديقي يخطّط لأن يكون مسرحياً ولا حالماً كبيراً بالخشبة، فقد كان ينوي دراسة الهندسة المعمارية، ولكن الإدارة الفرنسية أثناء الاستعمار كانت تُجري اختبارات لتحدّد مؤهلات الطلاب المغاربة والأعمال التي تناسبهم، فقرّرت أن الصديقي يصلح لأن يكون ساعي بريد. لكن والده محمد سعيد الصديقي، المفتي والقاضي والمؤرّخ، شجّعه على البحث عن مسار يناسبه، فوجد مكاناً في معهد للفنون الدرامية، حيث بإمكانه أن يرضي رغباته في أن يكون معمارياً من خلال ديكور المسرح.

شيئاً فشيئاً، أصبح المسرح بما فيه، من النص وحتى الديكور والجمهور شغل الصديقي الشاغل، فتتلمذ على يد جان فيلار في "المسرح القومي الوطني الفرنسي"، وعاد ليكون من مؤسّسي المسرح الشعبي أو العمّالي في بلاده. والتقى بأونيسكو، الذي ترجم مسرحيتيه "الكراسي"، و"كيف الخلاص منه" التي قدّمتها فرقته 300 مرّة على مسارح العالم.

مسرحيات كثيرة اشتهرت للصديقي من بينها "مولاي إدريس" و"ديوان سيدي عبد الرحمن المجدوب" و"بديع الزمان الهمداني" و"الفيل والسراويل" و"جنان الشيبة" و"الشامات السبع" و"قفطان الحب" و"خلقنا لنتفاهم" و"عزيزي" التي كانت آخر أعماله، وقدّمها في 2005.

يظلّ الصديقي شخصية إشكالية، إذ يتساءل كثيرون عن "صداقة" قيل إنها جمعته بشمعون بيريز، بينما وصفها هو لاحقاً بمجرّد زيارة ولقاء، فحين سُئل الصديقي عن تفسير لذلك قال: "أنا أعرف بأن الصهيوني عدو، أعرف بأن الإسرائيليين محتلّين فلسطين"، وأضاف في تبرير لم يقنع كثيرين: "ليس هناك أي تطبيع، لقد جاء إلى بيتي مرّة واحدة (بيريز) حين زار المغرب بدعوة من الملك الحسن الثاني، وطلب أن يحضر إلى بيتي وكنت التقيته سابقاً في القدس، وقطعت معرفتي به تماماً حين التحق بحكومة شارون".

الصديقي ردد أكثر من مرة، أنه زار "إسرائيل"، من أجل "العمل مع فلسطيني الـ 48 واكتشاف المسرح لديهم"، لكن وجهة نظر المسرحيين الفلسطينيين كانت مختلفة، لكون الصديقي حل ضيفاً في زيارته تلك لدى مؤسسة إسرائيلية هي "المركز الثقافي العربي اليهودي - بيت الكرمة" والتي يقاطعها الجزء الأكبر من مسرحيي فلسطين المحتلة عام 1948، بسبب سياساتها التطبيعية.


اقرأ أيضاً: المغرب 2015: تحوّلات نيئة سياسات مطبوخة

المساهمون