"سقط الزند" بالإسبانية: رهين المحبسين يواصل تجواله

"سقط الزند" بالإسبانية: رهين المحبسين يواصل تجواله

17 يوليو 2016
تمثال المعري بعد تشويهه عام 2013
+ الخط -

رغم أن عدد الكتب المترجمة في إسبانيا يبلغ قرابة العشرة آلاف كتاب سنوياً، وفق "المعهد الوطني للإحصاء"، يبقى نصيب اللغة العربية منها ضئيلاً. وحين نلاحظ نسبة الأدب منها وخصوصاً الشعر سنجد بأنه قد يكون الأخير ضمن اهتمامات المترجمين، لأسباب عدة من بينها استئثار أجناس أخرى كالرواية بالاهتمام، وهي ظاهرة عالمية.

وفي حالة إسبانيا يضاف عامل آخر لا يقل أهمية يُمكن من خلاله تفسير هذا العزوف عن ترجمة الشعر وهو الإرث الشعري الضخم في اللغة الإسبانية وغزارة الإنتاج المعاصر، الأمر الذي يقلل من نسبة الترجمة إلى لغة قد تكون في أفضل لحظاتها الشعرية.

في ظل هذا الوضع يصبح صدور ديوان شعري مترجم من العربية في إسبانيا، مناسبة لا تتكرّر كثيراً خصوصاً حين نتحدث عن الشعراء العرب القدامى، إذ لا نقع على دواوين مترجمة لأبرز أسماء الشعر العربي في عصوره القديمة، وقلة فقط من هؤلاء مترجمون ضمن أنطولوجيات تضم بعض قصائدهم، وأبو العلاء المعرّي على أهميته وتأثيره لم يسبق أن صدر له ديوان مستقل بالإسبانية قبل هذا العام، إذ أصدرت حديثاً دار "بيربوم" (Verbum) في مدريد مختارات من ديوان "سقط الزند" بترجمة المستعرب سالبادور بِنْيا مارتين. وهو الديوان الذي نظمه المعري في شبابه وتظهر عليه تأثيرات سابقيه من الشعراء وخاصة المتنبي.

اختار المترجم 28 قصيدة من "سقط الزند"، ويضم الكتاب بعد المقدمة دراسة من إعداد المترجم حول الديوان وحياة الشاعر وكتاباته وأثرها في الأدب العربي. وهي المحاولة الأولى لترجمة قصائد كاملة من الديوان المذكور وقد وضعها المترجم في ستة أقسام وفق الغرض الشعري الأكثر حضوراً في كل قصيدة.

يقدم المترجم بعد كل قصيدة شروحاً وتعليقات كثيرة متعلقة بلغة أبي العلاء الشعرية والإشارات الزمانية والمكانية التي كانت معروفة بالنسبة للشاعر ومعاصريه وبعض التقاطعات مع حياته الشخصية. ورغم ذلك فقد التزم المترجم بالقاعدة غير المكتوبة التي تلزم مترجمي الأدب في إسبانيا بعدم وضع تعليقات وشروح في الحواشي، فهي بالنسبة لناشري الترجمات "مقبرة المترجم"، وهذا ما يفسّر في نظرنا أن الشروح المتعلقة بكل قصيدة جاءت في الصفحات التي تلي ترجمتها. ويعترف المترجم في مقدمته أن الديوان صعب باللغة العربية أصلاً قبل ترجمته إلى الإسبانية، مؤكداً أنه لو لم يكن كذلك لما أرفق الشاعر نفسه شروحات لغوية مع القصائد.

اعتمد الباحث سواءً في الدراسة أو في عملية الترجمة على كتاب "شروح سقط الزند: التبريزي والبطليوسي والخوارزمي" الذي نشرته "دار الكتب" في القاهرة سنة 1945 وقام بتحقيقه كل من مصطفى السقا وعبد الرحيم محمود وعبد السلام هارون وإبراهيم الأبياري وحامد عبد المجيد تحت إشراف طه حسين.

وسبق للمترجم المتخصّص في علم الترجمة والدراسات العربية والإسلامية أن ترجم قصيدة "طاهر الجثمان" من الديوان ذاته عام 2008 وهي القصيدة التي يرثي فيها أبو العلاء أباه. كما أن المترجم كان قد أصدر سنة 1990 كتاباً بعنوان "المعري حسب البطليوسي: نقد وشعر في الأندلس" ما يفسر اهتمامه بشعر أبي العلاء منذ مدة طويلة.

ويرى المترجم في المقدمة أن أهم أعمال المعري ثلاثة، وهي "سقط الزند" و"اللزوميات" و"رسالة الغفران" ولكنه بالمقابل لا يعطي أي تفسير عن سبب اختياره الديوان الأول للشاعر لترجمته.

كان مارتين قد ترجم من قبل أعمالاً أخرى لكتّاب عرب معاصرين هي "السيرتان" لسليم بركات و"في الطفولة" لعبد المجيد بنجلون و"عزيزي السيد كواباتا" لرشيد الضعيف و"بيضة النعامة" لرؤوف مسعد و"الوجه الآخر" لفؤاد التكرلي. كما ستصدر خلال هذه السنة ترجمته لـ"ألف ليلة وليلة"، عن دار "بيربوم" وستكون مصحوبة بدراسة وشروح من إعداده.


المساهمون