ليس لدى "بيروت السينمائي" ما يقوله عن المقاطعة

ليس لدى "بيروت السينمائي" ما يقوله عن المقاطعة

07 أكتوبر 2016
"فصل عنصري"، محمد سباعنة/ فلسطين
+ الخط -

مهما حاولتَ أن تسأل كوليت نوفل، مديرة مهرجان "بيروت الدولي للسينما والإعلام"، عن موقف المهرجان من المقاطعة الثقافية لـ "إسرائيل"، ستظلّ تتهرّب منك وترفض تقديم إجابة واضحة. يصلك انطباع أنها لا تعرف بماذا تجيب على هكذا سؤال أساساً، ولا ما هو الموقف الذي يُفترض أن تتبناه.

حين تخوض معها، في حديث تلفوني، حول مشاركة فيلم "أمور شخصية" للمخرجة مها حاج، والذي مثّل "إسرائيل" في الدورة الأخيرة من "مهرجان كان"، سيبدو على المديرة الانزعاج لأن مسار الأسئلة ليس على هواها. هي تريد من مناصري الحريات أن يستنفروا ويرفضوا المنع من دون أن يناقشوا الأسباب. هناك لحظة مفاجأة تسألك فيها بامتعاض: "من أعطاك رقم تلفوني؟".

نعتذر أننا اتصلنا بك، لكنك مديرة المهرجان للأسف، وأنتِ المخوّلة بالحديث عنه للإعلام. على أية حال، تعتبر نوفل أن موقف المهرجان "ضدّ خلط السياسة بالثقافة"، وتضيف: "رأيي بلبنان أن يتركوا الثقافة للمثقفين والسياسة للسياسيين، حتى ما يرجَّعونا للعصور الحجرية، لبنان نجح في الفن وأخفق في السياسة"، وتكمل: "نحن لا ننظر لمن موّل الفيلم، بل لمن أخرجه، وما هي جودته".

هل معنى ذلك أنه لو كان المخرج إسرائيلياً والفيلم جيّداً فإن المهرجان لا يجد مانعاً من عرضه؟ نسأل نوفل، فترد "لا طبعاً، فعرض فيلم إسرائيلي ضد القانون في لبنان". حسناً، فهمنا أنه ضد القانون، ولكن هل هو ضدّ مواقف المهرجان؟ هل أنتم مع مقاطعة إسرائيل ثقافياً؟ هنا احتجّت: "هذه المخرجة فلسطينية لا ذنب لها أنها ولدت هناك". إذن موقفك من هذا الفيلم متسامح مع التمويل، لأن المخرجة فلسطينية، لكن هل هذا المهرجان الثقافي اللبناني يؤيّد المقاطعة الثقافية لإسرائيل ويراها محقّة أم لا؟

"مش عاجبني الحديث هاد"، تقول نوفل. ونحن أيضاً لا يُعجبنا عدم الوضوح هذا. لكننا لم نتّصل لنخوض في حديث لطيف حول استعدادات الافتتاح.

ألا يُفترض بمديرة مهرجان أن تعرف الفرق بين "الاعتبارات السياسية" التي تحدّثت عنها في بيانها الاحتجاجي أمس، وبين الموقف السياسي الثقافي من نظام استعماري وفصل عنصري ودولة احتلال وما تنتجه وتموّله؟ وربما تشرح لنا نوفل قليلاً كيف يفهم مهرجانها حملة المقاطعة الثقافية التي يتبنّى موقفها مجموعة من أبرز المثقّفين في العالم، أو ربما يريد "مهرجان بيروت" أن يلقّن هؤلاء المفكّرين والتشكيليين والفلاسفة والروائيين المقاطعين درساً في فصل السياسي عن الثقافي، لكي لا يعيدوننا إلى "العصور الحجرية" هم أيضاً.

ربما يمكنها أن تستفسر قليلاً من أحد المطّلعين، أو تتّصل بالجهة المسؤولة عن "حملة مقاطعة إسرائيل ثقافياً" في لبنان، الذين يقفون ضدّ عرض الفيلم، لتفهم أكثر معنى ذلك، ومعنى أن تحوّل مؤسّسة تمويل حكمية في "إسرائيل" بعض المخرجين والفنانين الفلسطينيين إلى سفراء ثقافيين لها، وتجعل من الفن ممحاةً بحجم إنسان فلسطيني، مخرجاً كان هذا أم كاتباً أم مسرحياً، بهدف الظهور بمظهر دولة عادية تدعم مواطناً فيها، وليست دولة احتلال تتجمّل.

لكن، إذا كان المهرجان لديه سكّين حادّة يقسّم فيها المواقف بهذا الشكل، فما عسانا أن نقول، مثلاً، لمناقشته في اختياره فيلم "ليالي شارع زايندة" لـ محسن مخملباف، أحد مشاهير دعاة التطبيع مع "إسرائيل"، صاحب المشاركة الدعائية المبتذلة في "مهرجان أورشليم السينمائي" في القدس المحتلة عام 2013؛ وليس لأن الفيلم يمسّ بـ"الدولة الإيرانية" و"القانون اللبناني يحظر المساس بالدول الصديقة والشقيقة"، كما أعلنت "دائرة البث المرئي والمسموع"، في توضيحها أسباب التأخّر في منح ترخيص العرض، والذي من المفترض أن يتمّ الحسم بشأنه الإثنين المقبل.

المساهمون