سورنتينو: نهاية الإقامة في مدينة غير مرئية

سورنتينو: نهاية الإقامة في مدينة غير مرئية

28 اغسطس 2015
سورنتينو - من صور المعرض
+ الخط -

نُظِّم أمس في "الفضاء الثقافي دار بوعصيدة" في رادس، من ضواحي تونس العاصمة، معرض صور فوتوغرافية للمصوّر الايطالي جيجي سورنتينو الذي أقام في تونس خلال السنوات الأربعة ونظّم فيها عدداً من المعارض؛ سيكون هذا آخرها، حيث أعلن منذ أيام عن نيّته العودة إلى بلاده.

لعل معرض "تونس، مدينة غير مرئية" الذي انتظم في شهر نيسان/ أبريل الماضي يُعد أبرز لحظات حضور المصوّر الإيطالي في تونس، حيث لاقى اهتماماً خاصّاً من الصحافة والمتابعين لاعتبارات عدّة. وهو المعرض الذي يمكن أن يلخّص شيئاً من المشروع الذي اشتغل عليه.

كان عنوان المعرض لافتاً، وهو مستوحى من عنوان رواية للكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو. أما على مستوى الصور المعروضة، فقد اعتُبر بعضها "صادماً"، لتناولها مشاهد مغيّبة؛ مثل التقاء الهامش الاجتماعي بالمناطق السياحية، أو التركيز على صور ذات نزعة إيروتيكية. غير أن معظم الصور يمكن تصنيفها صوراً سياحية، مما اعتدنا أن نراه في البطاقات البريدية، وهو ما يجعل عنوان المعرض تهكمياً بعض الشيء.

كشَف المصوّر، في معرض يوم أمس، أن فكرة "تونس، مدينة غير مرئية" استدعاها أمران، وهو اعتباره أن تونس بهذه النظرة السياحية هي مدينة غير مرئية ولا بد أن يراها الآتي من الشمال بأقل تزويق ممكن، ما لا يفقدها جمالها بالضرورة.

كما اعتبر، من جهة أخرى، أن تصوّره يمثّل تحييناً لصور البطاقات البريدية عن تونس، التي تعود في معظمها إلى سنوات نهوض سياحتها في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، بينما تغيّرت ملامحها وسياحتها في العقود الأخيرة.

في معرضه التوديعي، نجد أثراً لعدة معارض أخرى نظّمها سورنتينو خلال هذه السنوات الأربع. ركّز المصوّر الإيطالي أيضاً على تتبّع أثر التنوّع الديني في تونس. كما اشتغل على البعد الأفريقي لشمال أفريقيا، ما يغيب عادة عن كاميرات المصوّرين ومعارضهم.

حضور سورنتينو لأربع سنوات والذي نجد أثره في المعرض الأخير، يذكّر البعض برحلات "المستكشفين" والرحّالة بدايةً من القرن السادس عشر، وهو عنصر يشير سورنتينو إلى أنه درسه بالفعل كتراث أوروبي قبل مجيئه تونس.

قد يكون الجديد، بين عصر وآخر، هو ذلك البعد الإعلامي المُواكب الذي حظي به المصوّر الإيطالي، إذ حضيت معارضه بمتابعة إعلامية معقولة وخصوصاً من الجرائد الناطقة باللغة الفرنسية. كما يبدو جلياً أنه عمل على التجاوب مع الأجهزة الثقافية الرسمية في تونس، وربما السياحية أيضاً.

ما كشفه سورنتينو خلال مجمل معارضه، ومعرضه التوديعي، قد لا يكون سوى جزء مما اشتغل عليه خلال هذه السنوات الأربع. المسالك التي ارتادها توحي بأن هناك الكثير مما تُرك للعرض في مناسبات أخرى.

المساهمون