رجاء بن عمار.. رحيل من "نافذة على"

رجاء بن عمار.. رحيل من "نافذة على"

05 ابريل 2017
(رجاء بن عمار)
+ الخط -
تجربة ممتدّة وغنية تنقّلت بين الإخراج والتمثيل والبحث والتدريس عاشتها الفنّانة رجاء بن عمار (1953 -2017)، والتي رحلت أمس إثر إجرائها عملية جراحية في إحدى مستشفيات تونس.

بدأت صاحبة "بيّاع الهوى" مشوارها في أواخر ستينيات القرن الماضي، وبرزت كصاحبة مشروع تجديد وتجريب مستمر في المسرح التونسي، ضمن موجة من المسرحيين من جيلها بدأوا يفكرون في مسرح خارج الدائرة الرسمية، وهو ما حقّقته حين أسست في بداية الثماننيات "مسرح فو" مع رفيق دربها منصف الصايم، وتوفيق الجبالي الذي أسس لاحقاً مسرحه "تياترو".

حوار إشكالي فوق الخشبة وخارجها، وسجالات ومعارك خاضتها في الثقافة والشأن العام، سواء في زمن حكم بن علي أو في ما بعد الثورة حيث وقفت ضدّ انحراف السياسات عن شعارات الثورة التونسية.

أفكار ورؤى قدّمتها في أكثر من عمل لها، ومنها مسرحية "وراء السكّة" (2001) التي تروي قصّة مجموعة من المهمّشين والعاطلين والخارجين عن العمل، يعيشون في محطّة قطار مهجورة، وفي "هوى وطني" (2005) تناولت الواقع المتردّي اجتماعياً واقتصادياً في العالم العربي و"طبّة" (2015) التي تطل فيها بعين نقدية على واقع الأرياف.

آمنت بن عمار بالمسرح كخيار جمالي وفني يقوم بأدوار اجتماعية وسياسية، كما كانت تردّد على الدوام، وأن "الغضب" المبني على رفض التهميش والإقصاء والمطالبة بالعدالة هو أساس تجربتها، لذلك اختارت العمل في مهنة لا تجيد سواها.

من بين أعمالها المسرحية الأخرى؛ كتابة وإخراجاً؛ "الأمل" و"ساكن في حي السيدة" و"الباب إلى الجحيم"، و"فيسبوك"، و"الفقاعة"، و"تمثيل كلام".

في عملها الأخير "نافذة على.."، تقف بن عمار عند انشغالاتها وهواجسها الأخيرة التي تعاين مآلات الاحتجاجات العربية، حيث تقارب ما حلّ في العالم من الدمار وأرهقته الحروب، وما يجمع بين الأوجاع الشخصية والانكسارات والإحباطات العامة.

ظلت صاحبة "فاوست" تطلّ من نافذتها على الأمراض التي تعصف بهذه القرية المعولمة، والتي عبثت بأفرادها ووجودهم، وجعلتهم يلوذون بأحلامهم وبذكريات طفولتهم وبممارستهم الفن لتشكّل هذه العناصر درب خلاصهم الأخير.

"نتمنّى نسافر ونرجع نلقى خريطة العالم تبدّلت"، هي صرخة إحدى شخصيات المسرحية التي تبحث عن حلم/عالم جديد يمكنها أن تعيش فيه بكرامة وسلام.

المساهمون