هموم شعرية: مع عبير سليمان

هموم شعرية: مع عبير سليمان

17 اغسطس 2019
عبير سليمان (تصوير: أشرف زينة)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته، ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته


■ من هو قارئك؟ وهل تعتبرين نفسك شاعرة مقروءة؟
أرى أن قارئي من شتّى الشرائح الاجتماعية على اختلاف مستوياتها الثقافية والأدبية، وأعتقد أنني مقروءة بنسبة جيدة رغم تقصيري في المشاركات الأدبية والثقافية وعدم اكتراثي بمفهوم "الشعبية" العشوائية أو الفوز بأكبر عدد من القراء، فصفحتي على الفيسبوك مغلقة أمام المتابعين، ونصوصي الجديدة مخصصة فقط لأصدقائي.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلمين به لشعرك؟
ليس لديّ ناشر محدد، ولست مقتنعة بجدوى التعامل مع دور نشر كبيرة أو شهيرة من أجل الترويج لكتابي بمنطق السوق الثقافي الموجود حالياً، أؤمن بأن الشعر الجيد يفرض نفسه، فالقارئ لا يهمه أين طُبِع الكتاب، يعنيه فقط ما يحويه. المفارقة أن كتبي حظيت بقراءات نقدية أكثر مما حظيت به كتب أصدقاء لي طبعوا لدى دور أكثر حضوراً في المعارض من الدور التي طبعتُ لديها. الناشر الذي أودّ التعامل معه في المستقبل، ناشر يتكفل بطباعة الكتاب وتوزيعه بشكل جيد، لأنني ببساطة شديدة منشغلة بتوثيق منجزي الشعري ولا أتعامل معه أبداً بذهنية مادية.


■ كيف تنظرين إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
هو أمر ضروري طبعاً يساهم في انتشار النص ووصوله لعدد أكبر من القراء ومحبي الشعر.


■ هل تنشرين شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترين تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
النشر على وسائل التواصل الاجتماعية يضعك أمام مسؤولية أكبر حيال نصّك الذي تقدّمه طازجاً أحياناً قبل النشر في كتاب، وهذا جيد من ناحية إذ أنه دافع نحو الأفضل، وسيئ من ناحية ثانية لأنه قد يجعلك مشغولاً بدراسة انطباعات الناس وتدخّل بعضهم بفكرتك أو مقارنتها بنماذج قياسية أو تقليدية، كما أنّ عدد اللايكات أمر مضلل جداً، فقد يحصل نص ضعيف أو تافه على مئات اللايكات فيما يحصل نص مهمّ وجميل على نسبة متواضعة من الإعجاب، الناس عموماً تميل للأسهل أو للتقليدي الذي دُرّبت على التعامل معه، إن جاز التعبير، قلة من يسعون لتطوير ذائقتهم أو القراءة باهتمام وتَفكُّر، ناهيك عن أنّ النص قد يتعرض للسرقة، كما أنّ عدداً كبيراً من الشعراء صاروا نسخاً مكررة عن بعضهم البعض.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
معظم الناس، إلا من خُلق ليأكل ويشرب ويتنعّم بالفراغ العظيم.


■ هل توافقين على أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر قراءة من الشعر العربي، ولماذا؟
الشعر المترجم من اللغات الأخرى يجذب الشعراء العرب أكثر من القرّاء العرب، ليس لأنّ ذائقة الشعراء أفضل من ذائقة القرّاء أبداً، بل لاعتقاد الشاعر العربي بأن الأجنبي يكتب أفضل فينشغل بمسألة تقليده كي يصبح عالمياً، إنها أزمة ثقة غالباً أو تخبّط في الانتماء الثقافي أو ربما تكون عقد نقص شرقية. شخصياً أقرأ العربي والمترجم وما زلتُ عند رأيي الذي قلتُه على نطاق ضيق: أحب الشعر العربي الحديث الذي يكتبه شعراء عرب معاصرون أكثر من كل ما قرأته مترجَماً، إنما لا بد طبعاً من التزوّد الثقافي عبر الاطلاع على التجارب العالمية.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
الشعر العربي الذي يترك بصمة مهمة يكتبه شاعر عظيم الروح والحسّ والثقافة والخيال، وهو بلا شك يضاهي التجارب العالمية وأحياناً يتفوق عليها، نقاط ضعفه مرتبطة بالمناخ العام الذي يتحكم بالمشهد الاجتماعي والثقافي العربي ولا يرتبط بالشعر نفسه كما أظن.


■ شاعر عربي تعتقدين أن من المهم استعادته الآن؟
لا أحد طبعاً رغم حبي وتأثري بالكثيرين، رحم الله الموتى، دعونا نبتعد قليلاً عن الأطلال وعن هوسنا باستعادة الأسماء المكرّسة وكأن هذه الأمة الولّادة توقّفت عن إنجاب المبدعين منذ قرون أو عقود مضت! الشاعر الغابر زرع شجرة، فلنترك المجال للموجودين حالياً، يحق لنا أن نوسّع الحديقة، قد يرغب بعضهم في زراعة نوع آخر من الأشجار وآخرون قد يرغبون في زراعة الزهر أو شتلات الفلفل الحارّ مثلاً.


■ ما الذي تتمنينه للشعر العربي؟
أن تصير الظروف المحيطة به أكثر احتراماً وأقل لؤماً.


بطاقة
شاعرة سورية من مواليد اللاذقية عام 1974. صدر لها: "رسالة من بيدق ميت" (2014)، و"نفخ في الناي" (2017)، و"لن أسرق البحر" (2018)، و"ركاب الزوارق الورقية" (2019).

المساهمون