الموت يدخن أيضاً

الموت يدخن أيضاً

02 اغسطس 2019
إيتيل عدنان/ لبنان
+ الخط -

الرحلة القادمة من مونتريال الى بيروت لم تصل بعد
إن قرأتم عن غيابي في الصحف،
لا تصدقوا الخبر
حتما هناك خطأ ما...

فالمسافة بين الرحيل والوصول
لن يختصرها جسد،
والمسافة بين لمسة الريح والجرح في حدقة السماء
مطر سوف يهطل حزنا فيما بعد،

ربما لن تروني أو تلمسوني
لكني هنا أرفرف بينكم،

فقط خطواتي ستتوقف كشجرة،
تسقط في الجوار
كباب يغلق على اختيار؛
ليفتح على احتمال
صمتي سيكون ضجيجا في سماء
نهاراتكم،
ستشعرون بعطري كلّما هب نسيم الصباح
سأنتظركم هنا أو هناك
غائبة ربما..
حاضرة في المحال

أنا المطر الذي يبلل العشب
فتنمو حياة
الضوء الذي يجتاز الحقول؛
ليبدأ نهار

فلا تجعلوا
من بياض وجهي
حدثا مثيرا للشبهات

لا تكتبوا اسمي على قطعة رخام
ولا تختصروا بالأرقام تاريخي

لا تسألوا الثلج عن سرّ غيابي
وحدها الأرض تعرف مكان اختبائي
ودموع الأشجار التي تروي ورودي.


■ ■ ■


تقول أختي:
إنها أكبر مني بخمس سنوات
تقريبا
ولكن ما أذكره أنني أكبر منها بهذه الحيوات أو أكثر تقريبا

أنظر في المرآة
أرى وجه أمي يقول لي :
من أنت يا فتاة، ملامحك أعرفها تقريبا؟
أمر في الشارع، الجيران ينادونني باسم جدتي
أركض خائفة / تائهة مسافة خمسة كيلومترات أو أكثر تقريبا

ابنتي قرب زاوية النافذة تبكي
تقول لأخيها:
كم يبعد المصح عن بيتنا
يجيبها:
المسافة التي تفصل دموعنا عن ذاكرة أمي

ربما أقل أو أكثر
تقريبا.


■ ■ ■


جاري الفيتنامي
صاحب متجر التبغ
لا يدخن
كان يقول لي:

توقفي عن التدخين
ستموتين باكرا
كنت أجيبه بعبارة لجاك بريل
أن تحيا هو موت أيضا

البارحة توفي نغوين
تاركا لي علبة سجائر كتب عليها

الموت يدخن أيضاً.


■ ■ ■


مصابة أحلامي بك
والليل في يقظة لا يهدأ ولا يستكين
فاضحٌ صراخ النوافذ لحظة تبللها أغاني المطر
فادحٌ ضجيج الهواء لحظة توقفه عن الخفقان

كيف يصلني عطرك.... أيها البعيد
والنسيم معتقل في قفل الباب؟


■ ■ ■


من ينقذ هذا الليل
منّي ومنك؟
من ينقذ هذا الجسد
من دوائره الفتيّة؟
من ينقذ البحر
من صراخ أمواجه
حين تلامسها الريح؟

من يعيد للمياه عذريتها؟
.
.
.

أنا
أنت
.
.
.

حركة
سكون
.
.
.

وفاصلة تهدهد الجرح
النازف بين جسدينا
.
.
.

أنت
أنا
.
.
.

ونافذة مفتوحة
على صمت عرينا

وسماء تئن منتشية في جسدينا
.
.
.
من يعيد للصمت صوته؟

من؟

* شاعرة من لبنان

دلالات

المساهمون