"انتصار ابن خالويه": تحقيق النص المفقود

"انتصار ابن خالويه": تحقيق النص المفقود

23 مارس 2018
(رسم ليحيى الواسطي في القرن الـ13، من "مقامات الحريري")
+ الخط -

يمكن القول إنه منذ نهايات القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن الماضي، انطلقت أهمّ مرحلة في تحقيق المخطوط العربي، إذ تصدّى لذلك نخبة من أبرز كتّاب ومثقفي ذلك العصر. انحسر علم التحقيق خلال العقود الأخيرة، رغم أن محاولات توطينه أكاديمياً ومهنياً بدأت على يد جيل من المحقّقين نادى بضرورة تدريسه والاعتناء به في جميع حقول المعرفة، ولا تزال عوائق كثيرة تعترض واقع المخطوطات سواء في ما يتعلّق بطرق ترميمها، أو في فهرستها وتصنيفها أو عدم الاعتناء بها في الجامعات والمؤسسات الثقافية وتلمّس جدواها.

عن منشورات "معهد المخطوطات العربية" في القاهرة، صدر العدد الثاني من "المكتبة الإلكترونية المحكّمة" ضمن مشروع "تراثنا" الذي أعلن عنه في أواخر العام الماضي، وتضمّن العدد (34 صفحة) نصاً مفقوداً للغوي الشهير ابن خالويه (924 – 980) حقّقه الباحث والأكاديمي محمد علي عطا.

"انتصار ابن خالويه لفصيح ثعلب" عنوان المخطوط التي تشير مقدّمته إلى "المساحة الكبيرة التي شغلها كتاب "الفصيح" لـ أحمد بن يحيى (المعروف بثعلب) عند علماء اللغة؛ شرحاً وتذييلاً وانتقاداً، ومنها هذا النص الذي جرى تحقيق دراسته في إطار بيان حركة النقد اللغوي عامة ومسايرتها للتصنيف، والتركيز على نقد الكتاب، واستعراض سيرة صاحبه وذكر المنهج المتّبع في التحقيق، وإيراد النص محقّقاً ومقارنته بكتب ابن خالويه الأخرى، وبـ"رد" الجواليقي وشروح "الفصيح" التي وصلت إلينا".

أثار "الفصيح" جدلاً واسعاً ووصلت شروحه إلى أكثر من خمسين، لأنه كان من أولى المؤلّفات التي عنيت بجمع ما كان يتداوله الناس وذكر الفصيح والصواب وما يلحنون فيه، ويضمّ قسمين كبيرين الأول خصّص لأبواب الأفعال والثاني في الأسماء.

يوضّح عطا أن "غالبية كتب ابن خالويه مفقودة، نعلم اسمها ولم نر جسمها، منها "الأخبار في الرياض" و"الاشتقاق"، و"إعراب القرآن"، و"إعراب القراءات""، لافتاً إلى أن أهمية "الانتصار" تأتي من كونها حفظت ملمحاً صغيراً لمحتوى كتاب أبي حاتم السجستاني "ما تلحن فيه العامة" المفقود، وإلى وقوفه على معلومات جديدة لم تكن في مصدر آخر مثل رواية ابن الأعرابي والطوسي لشعر ابن أحمد الباهلي، وإضافة حلقة من حلقات الخصومات العلمية بين ابن خالويه وعلماء وأدباء عصره وبين مدرستي الكوفة والبصرة".

تعدّدت مصادر ابن خالويه في قراءته لـ"الفصيح"، بدءاً من القرآن وعدد من الصحابة والمفسّرين كـ علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود، وشيخه ابن دريد، وكتب الزجاج وابن سلام والضبي وديوان ابن أحمر الباهلي والمذاهب النحوية واللغوية.

دلالات

المساهمون