ما زالت أليس: عندما تصبح الذاكرة آلة الفقدان

ما زالت أليس: عندما تصبح الذاكرة آلة الفقدان

22 مارس 2015
جوليان مور في لقطة من الفيلم
+ الخط -

رُشّحت جوليان مور لجائزة الأوسكار عن أربعة أعمال سابقة شاركت فيها بين عامَي 1997 و2002، من دون أن تنال هذه الجائزة. وقد حصدتها أخيراً عن دورها الجديد في فيلم "ما زالت أليس" أو "ستيل أليس"، علماً أنها لم ترتح لهذا العمل عندما اطّلعت على السيناريو في البداية.

ثمة سؤال يتكرر طوال مدة الشريط ويخالف دلالة عنوانه: هل ما تزال أليس موجودة؟ إذ يروي العمل قصة أليس هولاند، الأستاذة الجامعية وإحدى أهم علماء اللغويات في العالم، التي ستلاحظ في البداية عدم قدرتها على تذكّر بعض الكلمات في موضوع تخصّصها، أثناء إلقاء محاضرة، قبل أن تنسى طريق عودتها إلى منزلها بعد ممارستها للركض.

وبعد مقابلة الطبيب وإجراء فحوصات كثيرة، يؤكّد لها الأخير أنها مصابة بنوعٍ نادر من الزهايمر المبكر، فينقلب عالم أليس، السيدة التي كان يشار إليها بالعالمة الذكية، وتصبح مهددة بفقدان كل شيء تحتفظ به في ذاكرتها، بما في ذلك أسرتها وعملها.

وبسرعة، تحاول أليس أن تثبت لنفسها أنها لا تزال موجودة من خلال تنشيط قدرتها على التذكّر، فتكتب لائحة أسئلة على هاتفها، وتحاول أن تجيب عنها بشكل يومي، مهددةً نفسها، في حال الفشل في الإجابة عن أحدها، بأخذ جرعة كبيرة وقاتلة من الأقراص الطبية تنهي بها حياتها، فما معنى الحياة من دون تذكّر تفاصيلها.

على أي حال، هذا ما سيذكّرها به الفيديو الذي صورته بنفسها ودأبت على مشاهدته؛ إذ ستفشل أليس في الإجابة عن أسئلتها المعتادة، بل ستفشل في التعرّف إلى إحدى بناتها. وفي أحد المشاهد المؤثرة في الفيلم، ستنسى حتى طريق الحمام! ومع ذلك، ستخوض حرباً مع هذا المرض، وتجد دعماً كبيراً من أسرتها، خصوصاً من زوجها جون هولاند (أليك بالدوين).

حياة المصاب بالزهايمر داخل مجتمعه، هي الجوانب التي يعمل الفيلم على التدقيق في تفاصيلها، وكذلك نظرة الناس إليه. فأليس لن تطيق أن ينظر إليها الناس نظرة الشفقة بعد أن يتمكّن منها المرض. وستختزل علاقتها بالمرض في كلمتها الأخيرة التي ستلقيها في لقاء حول مرض الزهايمر، وتشكّل اللحظة أو المشهد الذي سيبكي حتماً كل من يشاهد الفيلم، وربما هو المشهد الذي جلب النجاح لـ"ستيل أليس"، وجائزة الأوسكار لمور.

الأكيد هو أن مور قدّمت في هذا العمل أحد أهم أدوارها، إذ يختلف الفيلم عن قصص الأمراض الجسدية أو النفسية المعتادة، لأن أحداثه تدور عن مصابة بالزهايمر تروي قصتها بنفسها، وبالتالي فهي ليست شخصية جانبية بل مركزية، لا تغيب عن أي مشهد من مشاهد الفيلم تقريباً، وبالتالي، تبقى في مواجهة الكاميرا طوال مئة دقيقة، وترتبط جميع الأحداث بما تقوم به أو بما تقوله.

ولأداء دورها، لم تعتمد مور على موهبتها فقط، بل تواصلت مع العديد من المصابين بهذا المرض وتقرّبت منهم، الأمر الذي سمح لها بملاحظة أن أغلب المرضى يحتفظون بملامح شخصيتهم، على الرغم من عدم قدرتهم على التذكّر، وهو ما ساعدها على تقديم دورٍ مخالفٍ لما يعرفه الناس عن هذا المرض بأنه فقدان كلّي للذاكرة فقط.

"ستيل أليس" هو فيلم مستقل لكل من واش ويستمورلاند وريتشارد غلاتزر (توفي قبل عشرة أيام بعد صراعه مع مرض ضمور الأعصاب) اللذين اقتبساه عن رواية تحمل العنوان نفسه للكاتبة ليزا جينوفا وصدرت عام 2007، وقد واجه مصاعب كثيرة لدى انطلاقته، إذا عُرض محلياً في "مهرجان تورنتو السينمائي الدولي"، ولم يكن أحد يعرف مصير تسويقه، قبل أن تشتري شركة "سوني بيكتشر" حقوق توزيعه ويكرّس بعد ذلك كرائعة سينماتوغرافية.

المساهمون