"الضمار التونسي": مئة عام على الصحافة الساخرة

"الضمار التونسي": مئة عام على الصحافة الساخرة

19 نوفمبر 2017
(من المعرض)
+ الخط -
خمسة وأربعون صحيفة ساخرة ضمّها معرض "الضمار التونسي" الذي نظّمه "مركز التوثيق الوطني" في تونس الأسبوع الماضي، ويوثّق رسومات وكتابات الصحافة الهزلية منذ بداية القرن الماضي وحتى مطلع عام 2011، والتي عاشت ازدهاراً بعد الحرب العالمية الأولى.

أولى الصحف التي يعرضها المركز هي "المزعج" التي تأسّست عام 1901 على يد محمد بن عمران، حيث تأخّر ظهور هذا النوع من الصحافة قياساً ببلدان المشرق العربي؛ سورية ومصر والعراق التي انطلقت فيها بداية القرن التاسع عشر.

في تلك الفترة، أنشأ عزيز الخياري صحيفة "ترويح النفوس" (1906) التي اشتملت على النوادر الفكاهية والمقالات النقدية والمحاورات التمثيلية والرسوم الكاريكاتورية، ثم أصدر الهاشمي المكي عام 1908 جريدة "أبو فشة"، لكن الحكومة أمرت بسجن صاحبها لمدة شهر ودفع غرامة مالية بسبب منشور وأوقفتها، فاضطر رئيس تحريرها إلى مغادرة البلاد إلى طرابلس الغرب حيث استأنف إصدار صحيفته هناك.

صحيفة السردوكإيقاف الجرائد الساخرة وتعرّض مالكيها للسجن ودفع غرامات تعجيزية كان مصيراً مشتركاً في المشرق والمغرب العربيين، سواء في العهد العثماني أو إبان الاستعمارين الفرنسي والبريطاني، وكذلك في دولة الاستقلال، وهو ما حرمها من الانتظام مثل حال صحيفة "جحا" التي أصدرها بنعيسى الشيخ أحمد عام 1908 لكنها أوقفت طويلاً قبل أن تعاود الصدور في 1920 ثم تُغلق ليصدر مالكها صحيفة أخرى أسماها "الضحك"، وثالثة بعنوان "جحجوح".

يتجوّل المعرض بين جميع هذه الصحف مفصّلاً أسماء ناشريها وتواريخ صدورها وبعض مضامنيها، كما في صحيفة "أبو نواس" التي كانت تصدر صباح كلّ جمعة وأنشأها الشيخ سليمان الجادوي سنة 1909، وفي العام التالي أصدر عبد الله زروق صحيفة "المضحك" كانت أسعار إعلاناتها للفقراء 20 فرنكاً وللأغنياء مجاناً حسب ما ورد في زاوية الإعلانات، من باب السخرية من بؤس الحال.

بعد الحرب العالمية الأولى، شهدت الصحافة الهزلية التونسية ازدهاراً كبيراً فصدرت صحف "قزدور" لـ عثمان محجوب، و"الوداد" لـ الشاذلي بن محمد البلدي، و"القيروان" لـ عمر العجرة، و"غصن البان" لـ علي بن قاسم النجار، و"النديم" لـ حسين الجزيري، و"الزهو" لـ عثمان الغربي، و"السردوك" لـ الشاذلي الفهري، و"الممثل" لـ سلومة بن عبد الرزاق.

عودة الكاتب بيرم التونسي إلى تونس سنة 1932، شكّلت عاملاً في تطوير الصحافة الساخرة، حيث أسّس  بيرم فأصدر صحيفته "الشباب"، وعرف عنه تفاعله مع الكتاب في الصحف الساخرة الأخرى، مثل علي الدوعاجي صحيفة "السرور"عام 1936، وأصدر العربي التركي "زهو البال"، وكذلك الحاج علي بن مصطفى صحيفة "الصاعقة" ومحمد مختار سعادة "النسناس".

بعد الحرب العالمية الثانية، تراجعت الصحافة الهزلية ولم تعد حاضرة حتى حصول تونس على استقلالها سنة 1955، لتظهر بداية الستينيات صحف "الستار"، و"القنفود"، وفي السبعينيات "أضواء المدينة" و"الإمتاع"، لتختفي بعد ذلك إلى أن عاودت الظهور عام 2011، فصدرت ثلاث صحف، هي: "القطوس" و"ضد السلطة" و"أحوال" لكن سرعان ما خفت حضورها.

المساهمون