"إعلام الأعيان": ما غاب من سيرة ابن خلكان

"إعلام الأعيان": ما غاب من سيرة ابن خلكان

10 يناير 2019
(المدرسة الظاهرية التي درّس فيها ابن خلكان، دمشق القديمة)
+ الخط -
حظي كتاب "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان" للقاضي والمؤرّخ ابن خلكان (1211 - 1282م) بالعديد من الشروح والدراسات التي تتبّعت أحد أبرز التراجم في التراث الإسلامي، وكثيراً ما جرت الإشارة إلى تنوّع مصادره ومقارنته بينها لتقديم سير الأعلام الذين أرّخ لهم بموضوعية ورؤية متوازنة لم تكن شائعة في عصره.

تضمّنت كلّ سيرة وضعها ابن خلكان أبرز الأحداث التي عايشتها تلك الشخصيات في العهد الأيوبي وكيف أثّرت وتأثّرت بها، في محاولة لتسليط الضوء على المحطّات المفصلية والتحوّلات الكبرى لديها، ولم تقتصر أيضاً على الساسة والعلماء والأدباء وعلية القوم، بل مرّت على أناس عاديّين اشتهروا بمهنهم أو ارتباطهم بحادثة ما بوصفهم شهود عيان لا يمكن إغفال دورهم.

"إعلام الأعيان بذكر ما لم يُذكَر في ترجمة ابن خلكان" عنوان الدراسة الصادرة حديثاً ضمن السلسلة المحكمة التي يصدرها "معهد المخطوطات العربية" في القاهرة. عمل أنجزه الباحث المغربي إبراهيم بلفقيه اليوسفي المتخصّص في لسانيات النص وتحليل الخطاب.

يستقرئ المؤلّف معطيات جديدة لم يوردها الدارسون لسيرة المؤرّخ، من خلال تتبّع ما كتبه عن نفسه في مواضع متفرّقة من كتاب "وفيات الأعيان" ضمن توثيقه للأعلام الذين اختارهم. يقول اليوسفي في تقديمه: "لم أورد هنا غير ما ذكره هو عن نفسه، ولم أنقل ما قاله مترجموه بشأن اسمه ومولده ووفاته ومناصبه إلا ما ندر؛ ولكني لم أغفل شيئاً مما يتعلّق بحياته وشيوخه ومقروءاته وأصحابه وأسفاره ممّا أثبته هو في كتابه".

يرصد الكاتب وقائع عديدة تبتدئ من مولد ابن خلكان في مدينة أربيل والعلماء الذين تتلمذ على يدهم في صغره ومنهم جمال الدين الواسطي وأبي جعفر البغدادي، ثم انتقاله إلى الموصل فالشام فحلب ليعود إلى دمشق، ووصْفه لأبرز ما شاهده في رحلته، ثم ينتقل بعدها لوصف رحلاته إلى الديار المصرية وتولّيه نيابة القضاء فيها، وإلى حلب التي تردّد عليها غير مرّة.

ويلاحظ أن الوفيات والجنائز التي كان يحضرها هي أهمّ مشاهداتها المدّونة في تلك الأسفار وتليها أخبار الأمراء والسلاطين، فالأوبئة والظواهر الطبيعية وتعيين المسؤولين وعزلهم، وصولاً إلى عام 654 هجري، حين قرّر البدء بترتيب "وفيات الأعيان" والشروع بتأليفه.

على المنوال ذاته، يذكر المؤلّف أحداثاً عائلية تتعلّق بزواج ابن خلكان وأولاده، وأصحابه الذين رافقهم في المنصب والسفر والحياة، والعلماء الذين منحوه الإجازات، ومن بينهم: ابن أبي طاهر الخشوغي وأبي الحسن الطوسي وزينب بنت الشعري.

تقف الدراسة على تفاصيل دقيقة تتعلّق بقبور العلماء وأضرحتهم التي حرص على زيارتها، كما تقف على الأشعار التي نظمها وكان الناقد الفلسطيني الراحل إحسان عباس قد جمع جزءاً منها.

المساهمون