شرعية العنصرية؟

شرعية العنصرية؟

11 اغسطس 2019
غرافيتي لبانكسي في باريس
+ الخط -

أدْلت المدعوة "كوكو"، إحدى رسّامات "شارلي إيبدو"، بتصريحات عامة لإذاعة "فرانس إنفو"، ضمن برنامج حول "حرية التعبير". ودافعت خلاله بِضراوةٍ، لا داعيَ لها، عن حقّها في ازدراء الأديان جميعِها، مؤكدةً شرعية السخرية من مقدّساتها ورموزها: "فبما أنّه يحقُّ لي السخرية من المسيحيّة، فكذلك لي مطلقُ الحقّ في السخرية من الإسلام".

حقَّ الازدراء والتجديف الذي يُطالب به مثقفو هذه الصحيفة الساخرة، لا يقع البتة ضمن حرية التعبير والتفكير وإنّما في احتقار الآخر والتحريض عليه. أليس "الآخر" هو جِماع عقائده وتصوراته وقناعاته؟ ألا تعني السخرية النَيل من كُلّيته التي لا تتجزأ؟ أكدت سوسيولوجيا الأديان، مع إيف لمبار (1946-2006) خصوصاً، أنّ الديانة لا انفصال فيها بين مستوياتٍ ثلاثةٍ: الشعائر والعقائد والصلات بالغيب، وبتشابُكها تميّز جماعةً من الناس وتعطيهم هويتهم الخاصّة. فمتى ضُربت تلك الهوية الثقافية واحتُقرَت رموزها الرئيسة، استشعرت الخطرَ وسارعت إلى الدفاع عن نفسها.

"حرية التعبير" فزّاعة يُخرجها بعض مثقفي فرنسا فقط لمّا يتعلق الأمر بالعنصرية نحو المسلمين. ولكن ما أسرع ما يُخفونَها حين يتعلق الأمر بتابوهات الجمهورية، التي يؤلهونها.

ليس للمقدسات عندهم نفس الوزن. يُقدِّرونها، كلّ مرة، بميزانٍ.

المساهمون