فديريكو كوريينتي.. مستعرب آخر في الأكاديمية الإسبانية

فديريكو كوريينتي.. مستعرب آخر في الأكاديمية الإسبانية

24 مايو 2018
(فديريكو كوريينتي في خطاب تسلّم كرسيّه في الأكاديمية)
+ الخط -

انضم، الأحد الماضي، المستعرب الإسباني فديريكو كوريينتي كوردوبا (غرناطة، 1940)، بشكل رسمي، إلى "الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة" بإلقائه لخطاب عنونه بـ"بحث في العبارات القشتالية المقتبسة من العربية في المدونات العادية والفلكلورية والسفلية"، وقد نلاحظ بانضمام المستعرب الغرناطي الذي يشغل حاليا الكرسي "K" (ظل شاغراً منذ وفاة الكاتبة الروائية أنا ماريا ماتوتي في 2014)، عودة الحضور العربي إلى هذه المؤسسة بعد غياب دام 22 سنة إثر وفاة إيميليو غارسيا غوميث عام 1995، وهو غياب له دلالاته العميقة، خصوصاً إذا استحضرنا القيمة العالية التي تمثلها أسماء مستعربين كبار تجاهلتهم المؤسسة، من مثل بيدرو مارتينيث مونتابيث وكارمن رويث بياسانتي وبيرنابي لوبيث غارسيا وسيرافين فانخول وخوان فيرنيت وخوليو كورتيس وماريا فيغيراس وغيرهم.

وقد انتقد كوريينتي بقوة من داخل المجمع الأكاديمي "الغياب الخطير للتعاطف" في إسبانيا مع جيراننا في "الشرق أو في شمال أفريقيا" والنتائج المترتبة عن ذلك في الدراسات اللغوية بصدد أصول العبارات الإسبانية المقتبسة من العربية، مؤكداً من ناحية أخرى أن هناك "جهلاً طوعياً بالجار الشرقي"، "الذي غالباً ما يكون محبوباً، فيما يحدثُ أن يجبر المرء تقريباً على اعتباره عَدُوّاً"، بل أشار إلى الطريقة الخرقاء في تدبير الغرب لقضايا مفصلية في الشرق، مُلحّاً على "العواقب المأساوية" التي كان عليها الوضع وما يزال "في تدبير القوى الغربية المهيمنة لمصالحها الأكثر حيوية في الشرق الأوسط".

وفي إشارة ضمنية للولايات المتحدة وتعاملها مع القضية الفلسطينية وتحديداً قضية القدس، قال كوريينتي "لا يجب على المرء أن يستغرق في البحث ليتذكر أحداثاً وكوارث جدّ راهنة سلبية للغاية ولّدها تدبيرٌ دوليٌّ أخرق، ونتجتْ عن جهل وإهمال طوعيين لا مُبَرِّرَ لهما بين أولئك الذين لا يفتقرون تحديداً إلى المعلومات الضرورية".

كوريينتي حاصل على الإجازة في الدراسات السامية من "جامعة الكومبلوتنسي" في مدريد سنة 1963 وعلى الدكتوراه في التخصص نفسه سنة 1971. اشتغل في عدة جامعات، منها الجامعة التي تخرّج منها و"جامعة سرقسطة" وعدد من الجامعات كمدرس للغة العربية وآدابها ولهجاتها، كما ألقى دروساً حول اللغات السامية في "جامعة محمد الخامس" في الرباط بين 1965 و1968، كما يذكر أنه عضو "المجمع اللغوي العربي" في القاهرة.

قدم كوريينتي العديد من الأعمال والبحوث في مجال الدراسات العربية وطرائق تدريسها لغير الناطقين بها، ولعل أبرز هذه الأعمال: "القاموس إسباني - عربي" (مدريد، 1970)، والذي يعتبر واحداً من أهم القواميس بالنسبة للمترجمين من الإسبانية إلى العربية، و"قاموس العبارات القشتالية ذات الأصول العربية"، و"القاموس عربي - إسباني"، و"القاموس المتقدم للعربية".

تشتمل أعماله على العديد من الترجمات من الأدب العربي القديم والقروسطي إضافة إلى ترجمته لأعمال عربية معاصرة، هذا بالإضافة إلى دراسات كثيرة في فقه اللغات السامية ودراسات في اللهجات العربية، وخاصة منها اللهجة الأندلسية في علاقتها مع اللغات الرومانسية لشبه الجزيرة الإيبيرية.

وقد نشر أيضاً قصائد ابن قزمان في عدة طبعات، وكتاب "العربية الأندلسية واللغات الرومانسية"، و"مقدمة في قواعد النحو المقارن للغات السامية الجنوبية"، و"قاموس العربية الأندلسية"، و"الشعر العامي بالعربية وقصائد الرومانس بالأندلس".

للإشارة فإن "الأكاديمية الملكية للغة الإسبانية"، عبر تاريخها الطويل، ضمت في عضويتها بعض المستعربين القلائل قبل فديريكو كوريينتي وهم: فرانسيسكو كوديرا وخوليان ريبيرا وميغيل أسين بلاثيوس وأنخيل غونثاليث بالينثيا وإيميليو غارسيا غوميس، أحد مرشدي جيل 27 وخصوصاً لوركا، إلى ديوان الشعر العربي والأندلسي منه على وجه الخصوص.

المساهمون