"الدار البيضاء للكتاب والنشر": عودة إلى الدوائر القريبة

"الدار البيضاء للكتاب والنشر": عودة إلى الدوائر القريبة

08 فبراير 2019
(من دورة سابقة)
+ الخط -

يُعتَبر "معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب والنشر"، الذي يُقام هذا العام بين السابع والسابع عشر من شباط/ فبراير الجاري، من أبرزَ التظاهرات الثقافية في المغرب التي تحتفي بـ الكتابِ ومنتجيه، من مؤلّفين وناشرين. أُطلقت التظاهرة الثقافية منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وتحديداً سنة 1987، تنفيذاً لتوصيات "المناظرة الوطنية الأولى للثقافة"، التي انعقدت في مدينة تارودانت سنة 1986.

إلى جانب الترويج للكتاب، تَحدّدت للمعرض غايات أخرى؛ مثل الإسهام في تنشيط المجال الثقافي وتفعيله، وخصوصاً تيسير سبل اللقاء بين المشتغلين في حقل إنتاج الكتاب بين ناشرين ووكلاء وأصحاب مكتبات، سواء من المغرب أو من البلدان المشاركة. وهذا البُعد المهني لعلّه من أبرز مميّزات "معرض الدار البيضاء" لو قارنّاه بنظرائه في العالم العربي، كما أن من ثوابت المعرض تخصيص جناح لدور النشر المهتمّة بكِتاب الطفل، وذلك لمزيد من تسليط الضوء على هذا النوع المخصوص من النشر.

كمعظم معارض الكتب في العالم، يتضمّن "معرض الدار البيضاء" تقليد استضافة بلدٍ أو مجموعة بلدان، كضيوف شرف على دوراته، ومن البلدان التي استضيفت في هذا الإطار بلدان المغرب العربي ومصر وفلسطين، وبلدان غرب أفريقيا والمجموعة الاقتصادية لوسط أفريقيا، ومن أوروبا حضرت فرنسا وإيطاليا وبلجيكا من خلال جهة والوني بروكسل، كما دُعي "مغاربة العالم" كضيوف شرف. ومن اللافت أنه في الدورة الحادية عشرة، كانت إسبانيا ضيف شرف المعرض، وهاهي تعود من جديد في الدورة الحالية.

صحيحٌ أن "معرض الدار البيضاء" تطوّر في مساره؛ حيث استقبل العديد من المثقّفين البارزين في العالم. لكنه ظل يشتكي دوماً من نواقص تمثّلت في ارتكانه إلى الدوائر القريبة من الثقافة المغربية بأبعادها الثلاثة: العربية والأفريقية والأوروبية المجاورة، فلم يستطع أن يتحوّل إلى تظاهرة عالمية تستقطب ما هو أبعد من هذا المحيط.

منذ ثلاث سنوات، راهن المنظّمون على انفتاحٍ نحو بلدان أميركا اللاتينية بما تمثّله الأخيرة من تنوّع واختلاف. بيد أن المحاولة تعرّضت لإجهاض في المهد؛ حيث جرى التراجع عن المشروع بتخصيص دورة المعرض لإحدى البلدان العربية بشكل ارتجالي، ثمّ طُوي الملف رغم توجّه المغرب الدبلوماسي الجديد نحو القارة الأميركو-لاتينية. كما يمكن أن نلاحظ، أنه ومع اهتمامه بمحيطه القريب، لم يستضف المعرض البرتغال كضيف شرف، رغم غنى ثقافة هذا البلد وآدابه، والروابط التاريخية التي تجمعه بالمغرب.

بحسب معطيات وزارة الثقافة، تشهد الدورة الحالية من "معرض الدار البيضاء" مشاركة 700 دار نشر من أربعين بلداً، وحضور قرابة 350 كاتباً وباحثاً وشاعراً. كما سيجري تكريم عددٍ من الأسماء الثقافية، إلى جانب خيار أساسي للمعرض يتمثّل في احتضان حفلات تسليم الجوائز الأدبية؛ ومنها "جائزة الأركانة" التي ستُسلَّم للشاعر اللبناني وديع سعادة، و"جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة"، و"جائزة القراءة للأطفال واليافعين"، مع الاحتفاء أيضاً بالأسماء المغربية المتوّجة بجوائز عالمية، ومنها الأكاديمي محمد مشبال.

وتستعيد فقرة "ذاكرة" كلّاً من الشاعر الفلسطيني محمود درويش والمغربيّين عبد الكبير الخطيبي ومحمد لفتح بعد عقدٍ من غيابهم، إضافة إلى الباحث المغربي محمد بنشريفة والشاعر علي الصقلي.

وضمن برنامج "إسبانيا ضيف شرف"، يُحتفى بالروائي الإسباني خوان غويتيسولو باعتباره نقطة لقاء بين الثقافتين الإسبانية والمغربية، بحضور متخصّصين في أدبه وبعض مترجميه، كما يُستعاد الشاعر الإسباني خوسيه ميغيل أويان، ويُخصَّص لقاءان لمحور "السفر بين اللغتين" يجمع الأوّل المترجمَين: الإسباني سلفادور بينيا مترجم "ألف ليلة وليلة" والكتلانية مارغاريدا كاستيلس، ويستضيف الثاني ماريا لوث كوميندادور؛ المترجمة والأستاذة في "مدرسة المترجمين" بطليطلة.

وفي محور بعنوان "التجسير بين الثقافتين"، يُنظَّم لقاءان تحت عنوان: "شاعران كبيران ومترجماهما"، يُخصَّص الأول لأنطونيو غامونيدا ومترجمه للعربية خالد الريسوني، والثاني لمحمد بنيس ومترجمه الإسباني لويس ميغيل كانيادا.

يتضمّن البرنامج، أيضاً، ندوةً بعنوان "الشعر بلغة الكلام: راهنية الزجل"، يُشارك فيها كلٌّ من فرانسيسكو موسكوسو، وأحمد لمسيح، ومراد القادري، وعادل لطفي، ومحاضرة للمستعرب الإسباني، عضو "الأكاديمية الملكية الإسبانية للغة"، فديريكو كوريينطي، إضافةً إلى لقاءين بعنوان "الإسبانية نحو أقصى الجنوب" عن الأدب المغربي المكتوب بالإسبانية، بمشاركة أحمد محمد مغارة، وعزيز التازي، ونجاة الهاشمي، وحسن بوزينب، وفريد عثمان، وبنترية راموس، وشهيدة حميدو.

كما تُخصّص ندوة "المغرب في القلب" لكتّاب باللغة الإسبانية أفردوا مكانة خاصة للمغرب في كتاباتهم، وهم الكاتبان خوليو برييطو ولورينثو سيلفا والشاعر سلفادور لوبيث بيثيرا؛ حيث سيتحدّثون فيها عن الأثر الذي خلّفه المغرب في أعمالهم الإبداعية.

وتُنظَّم، أيضاً، مجموعة محاورات بعنوان "ساعة مع كاتب"، من بين المشاركين فيها: الميلودي شغموم، وصموئيل شمعون، وإلياس خوري، وإبراهيم عيسى، ورفعت سلام.
وبعنوان "تجارب في الكتابة"، تُقام عدّة لقاءات؛ من بينها: "الكتابة الشعرية" بمشاركة الكويتي محمد عماد النبهان والجزائري عز الدين بوركة والمغربيَّين يوسف وهبون ورشيد الياقوتي، و"الكتابة الروائية" مع الفلسطيني يحيى يخلف والجزائري واسيني الأعرج والمغربي عبدالمجيد سباطة، و"التجارب النقدية" بمشاركة الأردني هيثم سرحان والمغربي خالد بلقاسم، و"الكتابة السينمائية" بمشاركة المصري مختار سعد شحاتة والسوري خيري الذهبي والمغربي البشير الدامون.

من الندوات الأخرى، نذكر: "رحلة النص وعودته" مع السوري كاميران الحاج والصيني تشن زهينغ والمغربية سناء الشعيري، و"من الأدب إلى الصحافة: الخيط الخفي" بمشاركة فاطمة البارودي وعبد الحميد جماهري وحميد زيد من المغرب، و"من النص إلى الخشبة" بمشاركة لطيفة أحرار ورشيد منتصر ومصطفى الرمضاني من المغرب.

وتُقام، خلال المعرض، أربع ليال شعرية يشارك في الأولى العراقي خالد المعالي والسورية خلود شرف والمغربيان أحمد عصيد وعياد الحيان. أما الليلة الثانية، فيُشارك فيها كلٌّ من بوعزة الصنعاوي وفؤاد شردودي وجمال الموساوي وجمال بودومة وكلّهم من المغرب. ويشارك في الثالثة الصربية ماتيا بيكوفيتش والكوبي فيكتور رودريغيث نونس والمغربيان فاتحة مرشيد ومولاي عبد العزيز الطاهري. وتُختَتم الليالي الشعرية بمشاركة الفلسطيني غسان زقطان والتونسي منصف الوهايبي والمغربيَّين محمد علي الرباوي وإدريس عيسى.

وتتضمّن الدورة 25 من المعرض، أيضاً، ندوة بعنوان "القدس: من أجل وعي دولي إنساني بتاريخها وبإرثها المشترك"، بمشاركة جمال الشويكي ونظمي الجعبة وفواز سلامة ويوسف النتشة. كما يقترح المعرض فقرةً بعنوان "في حضرة كتاب" يتضمّن تقديم إصدارات جديدة؛ من بينها كتاب "من تبحث عنه بعيداً يوجد قريباً" لعبد الفتاح كيليطو، وروايتَي "رسائل من امرأة مختفية" لمحمد برادة و"العين البعيدة" لمحمد الأشعري.

دلالات

المساهمون