لساني جريحٌ بين الكلمات

لساني جريحٌ بين الكلمات

19 مايو 2020
زينب كويلو
+ الخط -

نظرة

أنا "ليدا":
إياكَ أن تنظرَ إلى المياه التي صرتُها
في داخلي مرآة أخافُ منها

ولا يمكنني أن أبقى الآن عارية

كان الوقتُ مراهقًا عندما مَرَّ من فمي
والحلم تحطّم من نزيف البَخورُ

وَجعُ الرّماد يتساقط من كتفي

والآن، قارنْ نفسكَ بخوفِ النوم
فعندما أصيرُ بحرًا لا يكبرُ ظلُّهُ
سوف تُحبُّنِي الآلهة

وربما أيضًا
تتحدث علامةٌ في عُنقي
مع نظرةٍ في الخارج.


■ ■ ■


نسيان

في فمي تدور لغةُ الرياح
سألتُ طيورَ الحقل عن اسمي
فقبّلتني بأغانٍ سريعة

لا أستطيع النظر في وجه "ميدوسا" الآن
ولتغفرَ الأعشابُ لقدميّ

أحببتُ الحكايةَ التي تمتدّ فوق صدوركم
والسماءَ التي ضيّعتُها في الغابة
والكاهنَ الذي ركضتُ خلفه

قِيلَ إنني امتزجتُ بِنَفَسِ نهر "ليثي"!

الحجرُ النائمُ يتحدّث مع السّنديان
ويُسْمَعُ صوتُ الأجساد

ترتجف أوراق الأشجار التي بلا غصون
أمّا الوداع فلا ينساه أحد.


■ ■ ■


7 وأم

(إلى السيدة السورية صباح التي فقدت 7 أطفال تحت قصف عنيف في حلب، ولفظت أنفاسها الأخيرة، على كرسي متحرّك، وهي تبحث عن طبيب في الشوارع).


أنجبتُ 7

قالوا 7

تناثر من بطني عددٌ لا يُحصى من الخلايا
تشبّثتْ بصدري بمخالبِ حيوان

قالوا 7

7 أَظْهُر مفقودة الآن

بحثتُ عنهم في 7 شوارع تفوح برائحة البارود
وحملتُ في بطني فراغ العالم
صعدتُ بين ركام الأنقاض

بناتي- عندما انشقّت الشجرة
أبنائي- عندما يملأ المطر الحفرة

يدي تمسّ المعدن في منتصف الشارع
والصدأ الذي اقتحم جلدي يُلوّن الكرة الأرضية
لساني جريحٌ بين الكلمات

قالوا 7

7 ليس لهم أعين وأفواه وأنوف وأقدام
7 لا يجوعون ولا يعطشون ولا يشمّون ولا يرون
7 لا ينامون ولا يبكون ولا يضحكون ولا يُعانقون

لن يُولد من جديدٍ عندما ألمسُ ظلّه، أليس كذلك؟

ألقيتُ نفسي وسط الشارع
قضمتُ الأرض، وعلكتُ -الحديد- الأحجار
أفلتُّ الحليبَ إلى عيونكم المُظلمة
أنا ساحرةٌ، نعم، وعندما انشطرت الحياةُ حسبتم أنني قد متُّ.
أطلقتُ سبع نظرات نحو السماء.

ولكن عندما أُقَسّمُ إلى 7 أجزاء
فلا يمكنكم العثور عليّ

أنا في الصباح،
تحت كلّ نجم
أُنجبُ سبعة أحياء.


■ ■ ■


مهاجرٌ وعاصفة

(إلى الرسام التركي عرفان أونورمان)

نعم أنا حَجَرٌ
يمكنكم أن تفترضوا أنني لا أتألّم

إذا استيقظتُ في الجنّة
كنتُ سأجمعُ التفاح
وأُعلّق قمرًا أحمرَ على الشجرة

لا مكان ليَدِي الآن

أدرتُ وجهي نحو الشمس، فتألّم

انظروا الآن من الفراغ الذي في جسدي

الزبانية الغافون على كلّ أبواب العالم
استيقظوا مع العاصفة

جمعتُ الأصوات في حقيبتي

هيّا يا باندورا!

انْفَتِحِي من جوف عينيّ
طاعونٌ أسود يتدفّق من الوقت
مُرتديًا سماء مُتَعَرّقَة
صارت الطرقاتُ بحرًا يا مُوسى!

هذا هو الصوت المُظلم للكُرباج الخطأ

عندما تُظهر السحابة فَمَهَا
لا تبدأُ الصلوات من جديد

شَعْرِي الذي عَلِقَ بالأسلاك الشائكة
جرّه الثعبان إلى جوفه

بدأ الشتاء في المرآة. وتحت جلدي شتاءٌ

لساني الذي يشعر بالبرد عندما تُفتح النوافذ،
ممتلئ بالكلمات المُجمَّدة

كلّما وضعتُ قدمي على خريطة متصدّعة،
جعلتني حجرًا

كان من الممكن أن أكون الآن في منتصف صالة العرض.


■ ■ ■


يقظة

أَسْندَتْ "ليدا" صدرها إلى النهر الذي في يدي
وعزلة الريح تمرُّ عبر أصابعي
أنا رُوحُ الأحجارِ، وشرودُ المطر
ولا يمكنني الصلاة للإله الذي تأخّرتُ عليه

لم يعد باستطاعتي الآن أن أكون بَهْوًا لأحد
أو ظلامًا بلا رائحة في الحديقة الخلفيّة
تستريحُ الحياة في الآبار التي تركتُها،
وتنسى الدهشةَ في وجهي

"ليدا" تحكي للماء عن نفسها
من أجل أن تصبح صوتًا للسحابة
التي ينتظرها الليل

هل يعرفُ الترابُ الوجعَ الوحيد،
وهل يمكنني الدخول إلى الغابة التي في صدركِ؟

من أجل أن أنظر إليكِ
يجب أن أجد نهرًا

الوحدة بإمكانها أن تُخيف الحبَّ فقط
فلا تذكريني عندما تستيقظين.


* ترجمة عن التركية: أحمد زكريا وملاك دينيز أوزدمير


بطاقة

Zeynep Köylü شاعرة تركية من مواليد عام 1978 في مدينة تشوروم التركية. درست الإعلام في جامعة أنقرة ثم حصلت على ماجستير في علم الاجتماع من جامعة معمار سنان في إسطنبول، وتعمل الآن في مسرح بلدية إسطنبول. من إصداراتها الشعرية: "رغبتي الأخيرة، وردة وقطة" (1998)، و"تقبيل الشجرة الأولى" (2007)، و"تَصَدُّع" (2017). حصلت على جائزة الشاعر أركداش أوزجار عام 1997، وجائزة الشاعر والسينمائي أورهون مراد أريبورنو عام 1999.

المساهمون