تمبكتو: "مدينة الأولياء" إذ تستعيد مقاماتها

تمبكتو: "مدينة الأولياء" إذ تستعيد مقاماتها

02 أكتوبر 2015
("مسجد جنغراي بير" في تمبكتو / مالي)
+ الخط -

في أوج ألقها، خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر؛ وصل عدد الجامعات والمدارس في مدينة تمبكتو إلى قرابة 180 مدرسة وجامعةً تستقبل آلاف الطلاّب من كافة أنحاء العالم الإسلامي.

المدينة التاريخية الواقعة شمال مالي، والتي تأسّست في القرن الثاني عشر الميلادي، كانت مركزاً للحضارة الإسلامية في غرب أفريقيا وممرّاً وملتقى تجاريّاً في المنطقة على مدى قرون.

اليوم، بإمكاننا أن نقف في "جوهرة الصحراء" و"مدينة الأولياء"، على العشرات من المعالم التاريخية، التي ظلّت شاهداً على تلك الحقبة: أضرحة أوليائها ومكتباتها العريقة التي تحتوي على قرابة 700 ألف مخطوط، ومساجدها الأثرية؛ وأهمّها مسجد "جنغراي بير" الواقع في أقصى غربها.

تقول الروايات التاريخية إن المسجد الذي صنفته "اليونيسكو"، سنة َ1992، ضمن قائمة التراث العالمي، بناه المعماري والشاعر الأندلسي، أبو إسحق الساحلي، بعد أن استقدمه سلطان مالي، منسا موسى، من الحجاز عند عودته من الحج. وكان ذلك بداية دخول الفن المعماري الأندلسي إلى المنطقة.

من المساجد العريقة أيضاً في المدينة، "مسجد سيدي يحيى" في قلب المدينة القديمة، والذي أسّسه الشيخ المختار حماه الله سنة 1400م.

يتهدّد الاندثار والضياع هذا التراث الموزّع على قرابة 140 هكتاراً. إضافةً إلى العوامل البيئية التي ساهمت في إتلاف جزء كبير من المخطوطات وتصدّع عدد من المباني الأثرية، أكملت الجماعات التكفيرية التي سيطرت على المدينة، سنة 2012، المهمّة؛ حيث استهدفت أساساً الأضرحة التي يُقارب عدهها 333 ضريحاً.

في تمّوز/ يوليو الماضي، وعقب مناشدة من حكومة مالي، أعاد عمّال محليّون استأجرتهم "اليونسكو" تشييد ثمانية أضرحة دمّرها المتشدّدون. وبداية هذا الأسبوع، تسلّمت "المحكمة الجنائية الدولية"، في مدينة لاهاي الهولندية، متشدّداً متّهماً بالتورّط في تدمير معالم دينية وأثرية في المدينة.

وجّهت المحكمة إليه تهم ارتكاب جرائم حرب تتمثّل في تدمير عشرة مبان تاريخية تضم أضرحة ومسجد المدينة، مؤكّدة أنه عضو في جماعة "أنصار الدين" التكفيرية، التي لها صلات بتنظيم "القاعدة"، والتي كانت تحكم شمال مالي قبل ثلاث سنوات.

رغم ذلك، يبقى تراث تمبكتو، التي تقول الروايات التاريخية إنها استمدّت اسمها من عجوز من الطوارق تُسمّى "بُكتو"، بينما يعني في القواميس الأوربية "أبعد مكان"، بحاجة إلى عناية حقيقية أبعد من المناسبات.


اقرأ أيضاً: تمبكتو وما يصفّق له الغرب

المساهمون