"فلسفة أفلاطون" من منظور عربي حديث

"فلسفة أفلاطون" من منظور عربي حديث

02 سبتمبر 2018
(تمثال أفلاطون في أثينا)
+ الخط -

تغيب عن بال بعض المؤرّخين الإشارة إلى أن اليونانية كانت لغة أساسية في التعلّم والكتابة لدى النخب الثقافية ورجال الدين المسيحيّين في مناطق بلاد الشام ومصر حتى فترة متأخّرة من دخول الإسلام. لذلك، لم تُنقَل الفلسفة الإغريقية إلى اللغة العربية بالمعنى الحرفي، بل جرى إعادة كتابتها على يد طبقة كانت تشكّل لها مصدراً رئيسياً من مصادر ثقافتها.

تبدو هذه الإشارة ضرورية لاستيعاب دور الفلاسفة المسلمين في تلقّيهم للتراث اليوناني، وكيف أخذه عنهم الأوروبيّون في العصور الوسيطة بوصفه منتجاً عربياً تمّ تطويره والإضافة إليه كما يظهر في مؤلّفات ابن رشد وابن سينا على وجه الخصوص، وكذلك في فهم الباحثين والمفكرّين العرب في العصر الحديث لما قدّمه أسلافهم من معارف وعلوم.

"نظرات بعض مؤرّخي الفلسفة العرب المعاصرين في فلسفة أفلاطون" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن "المؤسّسة العربية للدراسات والنشر" للباحثة والأكاديمية الأردنية خلود الحلاحلة، والتي تتناول فيه أبرز تأثيرات الفيلسوف اليوناني (427 - 347 ق.م) في الثقافة العربية.

تشير المؤلّفة إلى أن صاحب كتاب "القانون" قد "خرج منذ آلاف السنين فأجاد في فلسفته في نظريات المعرفة والوجود والسياسة والأخلاق، في الوقت الذي كانت أمامه وجهتا نظر في نظرية المعرفة، وحاول التوفيق بينهما: أولاهما: النظرية الحسيّة، التي ترى أنّ المعرفة هي ما يحصل، من انطباعات حسيّة، وثانيتهما: النظرية العقلية. وما أراد أن أن يوصله إلينا أفلاطون، هو أنّ المعرفة ليست معرفة حسيّة خالصة، وليست معرفة عقليّة خالصة. أمّا الوجود، فتمثّل في النفس الإنسانية، ومصيرها، وخلودها؛ ثمّ نشأة الكون وتكوينه ووجوده، وأخيراً، الوجود الإلهي".

أما السياسة؛ فأبرز ما فيها، بحسب المؤلّفة، المدينة الفاضلة التي أراد أفلاطون من تأسيسها إسعاد البشرية، والوصول إلى مثال الخير، مشيرةً إلى أنه انطلق في تنظيراته حول الأخلاق من علاقة النفس بالجسد؛ إذ إنّ النفس، تحيا حياة سابقة في عالم المعقول، وهو ما يسمّيه أفلاطون عالم المُثل، ولكن هذه الحياة لم تدم؛ فلقد عوقبت النفس فحلّت في جسد في عالم المحسوس، العالم المرئي، وبالتالي أصبحت النفس صورة عن عالم المثل؛ حينها أصبح هذا الجسد عائقاً بين النفس وفضيلتها. وينطلق ثانياً هذا الأمر أيضاً، من نظرية المثل؛ إذ يقوم على أساس أنّ الفضيلة، هي المعرفة، والمعرفة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بنظرية المثل، التي أدّت إلى صنع القرار الأخلاقي.

المساهمون