"ذئاب منفردة": التغريب في متونه التونسية

"ذئاب منفردة": التغريب في متونه التونسية

22 يناير 2020
(من العرض، العربي الجديد)
+ الخط -

يستطيع متابع المشهد المسرحي التونسي في السنوات الأخيرة أن يلمس شيئاً من السوداوية وقد صبغت قسطاً كبيراً من الأعمال الجديدة، وهو أمر يبدو منسجماً مع واقع سياسي واجتماعي متوتّر.

ليس بعيداً عن هذه المساحة، تقف مسرحية "ذئاب منفردة" لوليد الدغسني، غير أنه يقدّم لعبة طريفة في معالجة الواقع السوداوي حين يعيد تركيبه وتشظيته بين عدّة مشاهد غير مترابطة لكنها ترسم بشكل من الأشكال صورة عن تعقيد الواقع التونسي، والعربي بشكل عام.

انطلقت عروض "ذئاب منفردة" يوم الجمعة الماضي في "قاعة الفن الرابع" في تونس العاصمة، وهي من إنتاج "مركز الفنون الدرامية والركحية" بالكاف (مدينة في شمال تونس)، وشارك في أدائها كل من: منير الخزري، وسيف الدين الشارني، وشيراز العياري، ومنجي الورفلي، ومنير العماري، ونور الدين الهمامي، ووليد الخضراوي.

حول هذا العمل، يقول الدغسني في حديث إلى "العربي الجديد": "بدأ العمل على هذا المشروع منذ قرابة سنة وكانت نقطة التفكير الأولى هي فكرة الذئاب المنفردة، هذا التعبير الذي أصبح دارجاً إلى حد ما في مجتمعاتنا، كانت تلك هي الفكرة المحورية وحاولنا أن نناقشها في جوانبها السياسية والاجتماعية". يضيف: "اقترحنا في هذا العمل توليفة تتمثل في تصوّر مسرحية إلى حد ما تجريبية، فيها الكثير من الصور والنصوص كما تتمازج فيها فنون متعددة".

يحضر في المسرحية الحقل المعجمي للموت بشكل لافت، وهو خيار يفسّره المخرج التونسي بالقول: "ينسجم ذلك مع الواقع الذي نراه حولنا، واقع يخيّم عليه نوع من التوحش وأشكال الموت من الشاشات إلى الواقع. وحاولنا في هذا العرض صياغة كل ذلك بطريقة فنية مبتكرة، فليس من السهل أن يكون الواقع محورياً في العمل دون السقوط في المباشراتية".

تراوح النصوص التي استندت إليها المسرحية بين العربية الفصحى والعامية التونسية، وهو خيار يطرح أكثر من سؤال، يقول الدغسني لـ"العربي الجديد": "قصدنا هذه المراوحة من أجل تكسير نمطية شعرية النص العامي الذي تستند إليه معظم المسرحيات التونسية والذي تعوّد عليه الجمهور حتى بات هذا النص على الرغم من جودته قاصراً عن إيصال معاني أساسية. هنا يمكن أن تساعد العربية الفصحى بمناخاتها الصوتية والشعرية مع ضرورة أن تكون الخيارات مدروسة في انتقاء الجمل ومواقعها وإيقاع الكلام للتأثير على المتلقي، خصوصاً أن الفصحى لا تشكّل عائقاً يحول دون الدخول في الجو الدرامي للمسرحية، كما أنها شكل من أشكال التغريب حيث تكسر التماهي مع المواقف الدرامية وتضع المتفرّج في دائرة الجدل".

وحول العروض المقبلة وإن كانت ستشهد صياغات مختلفة، خصوصاً أن بنية المسرحية تتيح ذلك، يجيب الدغسني: "طبعاً العمل المسرحي يتطوّر من عرض إلى آخر، ومع كل عرض نتحسّس الكثير من التفصيلات التي يتوجّب علينا إعادة الاشتغال عليها ومحاولة ضبطها أكثر بالتفاعل مع الجمهور والنقّاد والإعلاميين والزملاء المسرحيين".

المساهمون