حكاية صغيرة عن إغلاق البحر

حكاية صغيرة عن إغلاق البحر

23 نوفمبر 2015
من سلسلة "البحر" لـ تيسير البطنيجي (غزة، 1999-2006)
+ الخط -
حين تدخل ذلك الشارع، على طرف المدينة
الذي يوصل للمخيم
إِن وجدتَ أطفالاً في خروجهم من تلك المدرسة التي تشبه السجن
إِن وجدتَ سبعةً منهم يقفون على عتبة الصمت ويراقبون
إِن رأيتَ طفلاً نحيلاً وعينين تلتمعان بكل ذكاء الأرض
تكون قد عثرت على صديقي "تيسير".
إِنّ لأَهله بلداً سُرقت في وضح النهار
ويمكنك أَن تلحظ يقظة عصافيرها في عينيه القلقتين
كما أَنّ بيوت الإسمنت
وذكرى الصفيح
والأَصوات المخيفة لـ لاسلكي جيش الاحتلال أَثناء أسابيع "منع التجوّل"؛ كلّها
لم تنقص ذرةً من التماعة عينيه.
كان رأى البحر مرة واحدة ولا شيء يمكن أَن يقنعه أَلّا يذهب إليه ثانيةً.
في أَيام منع التجوال الطويلة كانوا يصبِّرونه بالوعود: "حين يُرفع منع التجوّل سنأَخذك إلى البحر".
وحين رفع "منع التجوّل" أَخيراً، ذات عشية، قالوا له: "البحر مغلق الآن، اذهب للنوم".
ليلتها لم ينم وهو يتصوّر عجوزاً
يغلق البحر بلوح كبير من الصفيح ينزله من نجمة الأفق إلى رمل الشاطئ
ويحكم إغلاقه بقفلٍ كبير (أكبر من قفل دكّان والده في شارع عمر المختار)
ثم تخيّل العجوز عائداً إلى بيته.

حين تدخل ذلك الشارع على طرف المدينة
الذي يوصل للمخيم
إن لمحتَ عينين تلتمعان بكل ذكاء الأرض
اسألهما أرجوك إن كان البحر في غزة قد "فَتَحْ" أم ما زال مغلقاً.


اقرأ أيضاً: طبقات الإرهابيين

المساهمون