"المتحف الأركيولوجي": تجميع أثر الحضارات

"المتحف الأركيولوجي": تجميع أثر الحضارات

18 يونيو 2018
(من المتحف)
+ الخط -

ارتبط تأسيس "الجامعة الأميركية" في بيروت عام 1866 بأهداف دينية وسياسية في الدرجة الأولى، حيث كانت غايتها التبشير بالإنجيلية، ولذلك اتخذت أوّلاً اسم "الكلية السورية البروتستانتية" قبل أن تغيّره بحلول عام 1922، وأيضاً من أجل نشر الثقافة الأميركية بين نخب متأثرة بالفرانكفونية أو الأنغلوفونية آنذاك.

لم تمض سنوات قليلة حتى طرأت تحوّلات داخل الجامعة التي تفوّق فيها التيار الليبرالي على خصومه من المحافظين، وجرى إدخال تعديلات كبرى على مناهجها ورؤيتها الأكاديمية التي تبّنت أفكاراً حداثوية وتوجهات علمانية، ولم تكن المتاحف التي أُنشئِت داخل "الأميركية" بعيدة عن ذلك حيث أعدّت قاعة تعرض آثاراً كانت في البداية دينية الطابع، ثم أصبحت تمثّل جميع الحضارات التي قامت في المنطقة العربية.

ضمن سلسلة احتفالاته بالذكرى 150 على تأسيسه، يحتضن "المتحف الأركيولوجي" في الجامعة حتى 24 من الشهر المقبل معرضاً يوثّق سيرة تأسيسه منذ عام 1868 إلى جانب فيلم وندوة يوضّحان كيف تحوّل المكان من مجموعة إلى متحف عبر عرض أكثر من 15 ألف قطعة أثرية وجيولوجية.

يبيّن المعرض كيف ضمّت صالة "ويست هول" منذ عام 1902، عدّة مجموعات رئيسية: علم الآثار، والجيولوجيا، والتاريخ الطبيعي، تمثّل ثلاث حقبات أساسية؛ الأولى تمتدّ من العصر الحجري؛ أي نصف مليون سنة قبل الميلاد، وصولاً إلى 1200 عام قبل الميلاد، وتشمل اكتشافات أثرية تعود إلى تلك الفترة من أدوات طعام، وأسلحة صيد وهياكل عظمية.

وفي الثانية، معروضات ترجع إلى الفترة ما بين 1200 قبل الميلاد وحتى 1300 ميلادية، تتصدّرها الحقبة الفينيقية من خلال أقمشة مصبوغة باللون الأرجواني الذي اكتشفه الفنيقيون في مدينة صور، وأوانٍ زجاجية كانت تستخدم لتصدير زيت الزيتون، ورسومات ومواد تؤرّخ للتجارة والملاحة والمعتقدات الدينية والأساطير والأبجدية، وكيفية تحويلهم الكتابة، من الطريقة المسمارية، إلى الطريقة الخطية بعد اكتشافهم الأبجدية الصوتية.

يشتمل القسم الثالث على مقتنيات من تدمر، وآثاراً فرعونية ونماذج عن طقوسهم في دفن الموتى والتحنيط، ولوحة فسيفسائية اكتشفت في أنطلياس، وزخارف لفن العمارة الإسلامي، وآثاراً من القدس، وصكوك ونقوش من حضارة ما بين النهرين، إضافة إلى أدوات كانت مستعملة آنذاك.

وفي سياق إبراز الحضارة الإسلامية ضمن التوسعة التي شهدها المتحف عام 2006، تُعرض آلاف العملات النقدية التي تعود أقدمها إلى الحضارة الرومانية، لكنها أغلبيتها كانت تستعمل في العصور الأموية، والعباسية، والفاطمية والعثمانية، إضافة إلى أدوات صيد وأسلحة الحرب وكيفية تطورها، وأدوات تجميل وزينة وأختاماً كانت تستخدم في مراحل زمنية مختلفة.

ويحتوي المعرض هيكلاً عظمياً لإنسان يعود إلى حقبة ما قبل التاريخ اكتشف في منطقة البقاع وحوله أوانٍ فخارية وضعها ذووه ليأكل منها في حياة ما بعد الموت، فضلاً عن أقدم جمجمة بشرية يعود تاريخها إلى خمس وثلاثين ألف سنة.

دلالات

المساهمون