جميل ملاعب.. "القدس" اللون الذي لا يصمت

جميل ملاعب.. "القدس" اللون الذي لا يصمت

15 أكتوبر 2018
(مقطع من لوحة "القدس الزهرية")
+ الخط -

ليست القدس وحدها التي تظهر في لوحات معرض الفنّان التشكيلي اللبناني جميل ملاعب، رغم أنه يضع اسم المدينة عنواناً لكل الأعمال المعروضة حالياً في غاليري "جانين ربيز" في بيروت، وحتى 19 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

ليست مدينة القدس المحتلة وحدها التي تظهر في اللوحات الزيتية، بل الحياة الفلسطينية اليومية: النساء والرجال وتفاصيل العيش والحيوانات والطيور والفرح والحزن والموت والحياة. معظم الأعمال تبدو، من بعيد، مثل لوحات الموزاييك، أو مثل لوحات الفسيفساء الكنسية التي تلتئم فيها القطع الصغيرة الواحدة بجانب الأخرى، إلى أن يكتمل الشكل الأخير الذي ينشده الفنّان.

أحياناً يظهر الأمر لمن يراه كما لو كان تكراراً بألوان مختلفة وأحجام متعدّدة، ولدى التدقيق في التفاصيل تظهر الكائنات الجوّانية التي تُخفيها اللوحة بمجملها.

العمران هنا يختلط بوجوه الناس وجثامين الشهداء وحزن أمّهاتهم ونشيد رفاقهم ورسومات لطيور البوم والحمام والكلاب والماعز والغزلان. كلّ شيء شارد في لوحة "الانتفاضة"؛ ملاعب يرسم التاريخ اليومي الواقعي للمكان.

يُسمّي الفنّان بعض اللوحات، وبعضها يتركه بلا اسم، نجد لوحة "القدس الزهرية" وهي لوحة فسيفسائية الطابع، ولكن يغلب على تفاصيلها عمران المدينة. ثمّة لوحة أخرى بعنوان "المنارة"، هنا يصبح العمران خلفية مكتظّة. الواضح منها هو قبّة الصخرة وبعض الطيور والحيوانات.

وفي لوحة "القدس 43"، يغلب اللون الأزرق مع بعض الأخضر، التفاصيل أقرب وأكبر وأكثر وضوحاً، قبة الصخرة هي المركز (وهو ما لا يفعله ملاعب في باقي الأعمال)، الطيور أيضاً كبيرة وبحجم الأبنية التي تقف عليها.

في لوحة "القدسية"، يرسم امرأةً فلسطينية ترتدي الأبيض، سمراء خلفها قوس بنفسجي. تبدو المرأة الواجمة والتي تنظر مباشرة إلى من ينظر إليها، كما لو كانت هي القبّة وهي مركز المدينة التي تختفي وراءها. "نساء القدّيسة" لوحة أخرى فيها أربع نساء وثلاثة أطفال، إنهن يقمن بالعمل اليومي المقدّس، الأمومة وجلب الماء الذي يحملنه على رؤوسهن للعائلة.

ثمّة عمل بعنوان "المعلقات" وهو ستة مستطيلات منفصلة، في كل واحد جانب مختلف وحيوي من القدس؛ العمارة والعائلة والنساء والنباتات والحيوانات والتاريخ.

هناك أيضاً رباعية تظهر في المدينة من بعيد، مرّة بالأبيض والوردي والأزرق والبنفسجي، يختلف موقع "قبّة الصخرة" في كل لوحة، يتحرّك، ومع كل نقلة من المركز إلى الطرف يتغيّر لون اللوحة، كما لو أنه شمس مع تحرّكها تتغير الظلال وانعكاسات النور على الأبنية والوقت، أو كأن هذه الرباعية فصول تبدل فيها المدينة ضوءها.

تحت عنوان "منارة قمرية"، يقدّم ملاعب معرضه قائلاً: "قبة من علاقة الإنسان بالسماء، دائرة أو نصف دائرة لانعكاس شمس الحضارة. معادلة هندسية لعقيدة، لسؤال، لبداية، لعلامة استفهام كونية، لجمالية شكلية، لخطوط مستقيمة أو منحنية أو متقاطعة تقاطع الأرض وتألق الشجر والثمر والتراب وفصول الطبيعة وتجانسها مع نسج خيال الإنسان".

المساهمون