إلى بيتٍ لم يكن

إلى بيتٍ لم يكن

29 يناير 2018
فوتوغرافيا وتنصيب لـ منى كراي/ تونس
+ الخط -

لم لا تأتي بالجديد

لم لا تأتي بالجديد. هل أنا في هذه المرحلة مجرد اسمٍ لا يستطيع أحدٌ أن يتهجاه؛ أم أنني حبر الصين منسكبًا على جلد غزالة؛ والشخص الذي ركض نحوي حاملاً سكينه الحادة هل كان في ما مضى نبيًّا أم أنه صاحب مكتبةٍ اضطر أن يذبح زوجته في صباحٍ غائم. قلْ من أنت وما هذه الموسيقى التي أسمع؛ وهل ترى أنَّ القصائد ينبغي أن يصفّر بها سَجينٌ أو هاربٌ من دارالمجانين.

■ ■ ■

فتحنا نوافذنا

فتحنا نوافذنا على إيقاع الشجر. يطوي هذا الطريق ملكٌ تحول إلى فتاةٍ بقدمٍ واحدة؛ وملاكٌ له جناحٌ من حجرٍ وجناحٌ من ياقوت وجناحٌ من دمٍ كذب؛ ونوافذنا ما زالت تقول إن هاتفًا من الغيب أتى يحمل أنباء القوارير؛ وطفلٌ من فضة القمر في عتبة الباب متروكًا منذ حقبة وتخرج من رأسه شجرة الزرازير.


■ ■ ■


أليس الماضي

أليس الماضي كتلة فحمٍ يحترق. يدي تدير الفحم. يدي تلمس وفي حنجرتي أنقاضٌ من الأصوات المكتومة؛ وخلف النافذة: سائقٌ أضاع عربته وكلبٌ يعوي وكنّاسٌ يحف الشوارع؛ وأقول أليس الماضي قطرة قديمة على فنجان؛ أليس الكرسي شخصًا كأنه جالسٌ على الكرسي وللنافذة نهدان عاريان. أرفع رأسي عن الورق وأرى السائق والكلب والكنّاس أمامي؛ واقفين أمامي.


■ ■ ■


ما التاريخ

وما التاريخ غير الشر وأنت من قال إنك تستطيع أن تمسك الكون بقضبتك. ترى ما هذه المدن التي تحولت إلى كتبٍ منسوخةٍ وأسماء غير قابلة للتهجي؛ وها هوذا أنت تعيد نفسك في طلقة رصاصٍ وقطع الرؤوس.


■ ■ ■


تحدثنا عنك كثيراً

تحدثنا عنك كثيرًا. غادرنا بلداننا بحثًا عنك ولم نجدك. قدمنا أنفسنا إلى معبد الشمس ولم نجدك؛ وكان كلُّ شيء في الطريق رمزًا يدلُّ عليك وما زلت مختفيًا عنا. حاورنا قرى مهدومة وقرى حاضرة البحر ولم نعثر على أثرٍ منك؛ يا دليل حياتنا.


■ ■ ■


صوتٌ يشبه صوتي

جالسٌ في الحديقة العامة ويمر عليَّ شخصٌ في الثمانين ويسلّم؛ صوته يشبه صوتي. يسلّم عليًّ طفلٌ وصوته يشبه صوتي. تمر عني امرأتان وصوتهما يشبه صوتي. أعود إلى البيت. صوت الأطفال في الشوارع يشبه صوتي. صوت العجوز الجالسة في عتبة الباب يشبه صوتي. أفتح الباب وأصعد السلالم وأدخل. أقف تلقاء المرآة وإذا شخصٌ من المرآة يحدثني وصوته لم يعد يشبه صوتي.


■ ■ ■


ألا يكفي

ألا يكفي العودة إلى بيتٍ لم يكن؛ إلى تلاميذ أصبحوا آباء؛ وإلى نخلةٍ صغيرةٍ كبرت ونسيتك؛ وإلى امرأةٍ هي في التراب الآن. ألا يكفي أن ترغم روحك على الخروج والدخول في جسد طفلٍ يلعب في الشارع لتعيد طفولتك؛ ولماذا تجاهلت من حولك وتجاهلت الحاضر؛ وحطمتَ هذا الجسد الجميل. قلْ لماذا؛ أجبْ.


* شاعر ومترجم من مواليد الأهواز، 1983

دلالات

المساهمون