عائلة

عائلة

15 ديسمبر 2018
من أعمال الجماعة الفنية "إيكيبو كرونيكا" (فريق الوقائع)
+ الخط -

1
امرأة ملقاة على الأرض، وسط الشارع، ترتجف وقد تجمّع حولها خمسة من المارة، لكن واحداً منهم جلس على ركبتيه وأخذ يهزّها في محاولة لإنعاشها. قد يكون طبيباً، وإن لم يبدُ كذلك من بعيد، وخصوصاً من طريقته في تحريكها، والتوتُّر الذي أبدته حركاته التي يمكن ملاحظتها على بعض خطوات من الحشد. كان يرتدي بذلة كاثنين من المتفرّجين، والمرأة التي بدت أكبر سناً منهم كلما اقتربتُ منها، كانت هزيلة في هذه الجلبة التي تختبرها، ما زالت ترتجف ولو بشكل أقل، ربما لأن قلبها شعر بالتعب ويتوق للتوقّف، كانت ترتدي فستاناً ثقيلاً من المؤكد أنه يعزز شعورها بالأمن.

حدث هذا في الرصيف الأيسر من الجادة الواسعة، السائقون لا يلتفتون لشيء، يفكّرون بالعشاء، بموعد متّفق عليه مسبقاً، بمباراة كرة قدم سيشاهدونها في الساعة الثامنة. الصخب حولنا يلفّنا بكثافة، صخب مألوف لآخر النهار يوم الجمعة، كان هناك مراهق يتحدث في هاتفه المحمول. فقط حينما أطلق ضحكة أدركت أنه لم يكن يهاتف أي خدمة إسعاف، بل صديقاً ما يتسبب له سماع هذا النوع من القصص بالضحك، قصص عن أناس يُنهكون أو يموتون في المدينة.

أصبح عددنا أكبر، من ضمنهم أنا والمراهق، ربما 10 أو 12، لكن الوحيد الذي يحاول المساعدة هو الرجل الجاثم على ركبتيه. يهبط الليل تدريجياً وهناك امرأة ملقاة وسط الشارع الذي أسير فيه كل يوم في هذه الساعة، وأنا حزين في دوراني حول الأسئلة والذكريات نفسها، أفكر دوماً ماذا سأفعل حينما أصل الشقة ويفتح الباب على هذه الصالة الصغيرة الصامتة الخالية من اللوحات والأثاث؟ كيف سأملأ الوقت وأجبره مع هذا القلق، كي يمضي دون أن أشعر به، أن يمضي بشكل أقل؟

افسحوا الطريق، يصيح أحد الواصلين متأخراً، هكذا لن يصل إليها الهواء، لكن يبدو أن أحداً لا يسمعه لأنهم غير مستعدين للتخلي عن الاقتراب من حياة نحاول إعادة إنتاجها، فتجعلنا نشعر قليلاً أننا أيضاً أحياء.

لا يجب فعل ذلك، لكنني بدأت التفكير بابنتي في الوقت الذي سمعنا فيه صفارات الإسعاف التي أوقفت حركة المرور، يُفسح معظم السائقين الآن الطريق لتمر سيارة الإسعاف. أنظر للمارة القريبين مني راغباً بمعرفة من الذي اتصل منهم عبر حركاتهم ونظراتهم، ومتى كان ذلك، أو إن كنتُ قد رأيت أحدهم في المطعم، وفي أية لحظة سيقررون المضي في سيرهم. الممرض الذي نزل من سيارة الإسعاف وأبعد المجموعة كان أصبى مما كان متوقعاً من هؤلاء الناس، أصلع وملتحياً، لكنه يتصرف بكفاءة، وبسرعة كان بجانب المرأة، يفحصها.

رفيقته كانت ذات ملامح حادة، تُخفض النقالة في تلك الأثناء وتطلب منا أن نرجع للخلف. بعدما فقدوا الاهتمام، ذهب البعض وكانت السيارات والحافلات تتحرك بنفس الجنون الذي كانت عليه قبل دقائق.

أبدأُ المشي نحو الشقة لكنني أكتشف أنني لا أريد الوصول بعد، أو أنني أقرر ذلك، متخيّلاً أن ابن المرأة قلق لتأخر أمه، ولا يعرف ما عليه فعله، ولا بمن يتصل ولا أين يذهب، أتخيّل زوجها، عجوزاً لا يستطيع مرافقتها في مشاويرها اليومية في الحيّ، أو قططها الجائعة التي لن ترضى بعد ساعات بقطع جافة من الطعام، أو صديقة جارة لن تدرك ما حدث إلا بعد فترة طويلة، حيث يكون الوقت قد تأخر والقطط قد ماتت، إن كان لديها قطط، أو حين يبدأ الزوج بالصراخ كالمجنون من سريره بسبب قواه الخائرة، أو حينما يريد الابن الاستقصاء إن كانت الجارة قد علمت أو تعلم شيئاً، لكنها بالكاد علمت.

البار الواقع على الزاوية مزدحم، وفي التلفاز ينقلون مقدمة تتبعها مباراة كرة القدم في الساعة الثامنة. أحيي النادلة وأطلب البيرة التي ستتركها بعد ثوان على بعد سنتيمترات من يدي، على المصطبة.

الآخرون يشربون ويضحكون، بعضهم يرتدي قميص فريقه، من الممكن أن تقوم معركة ضارية تُستخدم فيها الكراسي في الهواء ولكمات قد لا تصل دوما لوجهتها. قبل أول صافرة، اللاعبون يقفزون ويشدّون أجسادهم، آلاف الناس يشاهدونهم مباشرة وربما الملايين يتابعونهم في بث حيّ في كل العالم، حتى وإن كان هذا الوقت في أماكن أخرى من العالم نهاراً أو يوماً جديداً، أدفع النقود وأغادر.

الهاتف يرن حينما أصل الشقة. أعرف أنها لاورا ولهذا ينتابني الشك، لكن بعد أربع أو خمس رنات أرد. بابا، تناديني بصوت مبحوح. أرد: لاورا، تكرر هي: بابا، بصوت مبحوح، وتصمت. دائماً يتكرر الأمر نفسه، صمتها يكبر ويخنقنا وبعد ذلك من الصعب الهروب والتصرف وكأننا لا ندين لشيء، لا لقرارات خاطئة ولا لردود فعل متطرفة ولا لفرص ضائعة، ونحن نعلم، بطريقة ما أن السكوت أفضل بعد أن أضعنا تلك الفرص، وحتى العكس لم يعد متاحاً.

يبدأ الخطأ بالتمدد، أشعر به في كل الأماكن، لكني لا أريد أن تعرف لاورا، كما أنني أحتفظ بالصمت وبعد دقيقة أو اثنتين أقول إنّه يجدر بي إغلاق الهاتف. لاورا لا تجيب، ولا أعرف حتى إن ما زالت هناك. بابا، تقول بعد ذلك، لكن في تلك اللحظة أكون قد أخفضت السماعة، لأن بإمكان لاورا أن تقضي ساعات دون قول شيء، صمتها يرعب، غير مفهوم، ولست مستعداً هذه الليلة للتسامح مع صمتها ولا مواجهته. أطلّ من النافذة، ظلام في الخارج، أكثر عتمة من المعتاد. وفي المبنى المقابل كل الأنوار تقريباً مطفأة. إن أمطرت لن أكون قادراً على رؤيته أو ربما أراه.. أفكّر. ليتها كانت هنا، أفكّر أيضاً، دون أن أنطق اسمها، دون حتى أن أعطيها هذا الذي أعطيه للمرأة التي تزورني أحياناً. فبالتأكيد هي مع زوجها الآن مستلقيان على السرير، بل وربما يتضاجعان. يرن الهاتف من جديد، بابا، تقول لاورا، جالسة على أرضية كابينة هاتف عمومي متهالكة في واحد من أسوأ أحياء المدينة أو في بيت صديق أو صديقة أو حبيب أو حبيبة أو لا أعرف من ولا كيف بالتحديد، فلا صوت يُسمع من أي نوع، ولا أعرف ماذا تفعل ولا شكل لباسها ولا طلباتها ولا الإجابات التي تحتاجها.

لا أذكر كيف علمت ولا متى وصلتني الشائعات. على أي الأحوال، لم أتوقف يوماً عن سؤال نفسي إن كنت أستطيع تجنب شيء ما، في البداية، حينما كنا نعيش معا وظهرت أولى مؤشرات ترنّح حياتنا، كان من الصعب رؤيتها في لحظتها، اتضحت في وقت لاحق.

حينما كنتُ مع مارغو، كنا ننام في غرفتين منفصلتين وبالكاد كنا نتحدث حينما تعلَّمنا الإفراط في الشرب وتدخين الماريغوانا وكل ما تبع ذلك، ما جعل الوضع يصبح مستحيلاً، ولهذا فقد رحَلَت.

عبر السماعة التي ما زالت ملقاة على كتفي، أستمع لصوت لاورا في الطرف الآخر من الخط، صوتها بعيد كما كان سابقاً، كانت تقول لي إنها بحاجة لرؤيتي. تحدثت أكثر من العادة وسألتُ عبثا عن السبب، بقيت صامتة، وهو الأمر الوحيد الذي تتقنه، ملجؤها الأحمق المتكرر.

أسأل لماذا، أنخفض دون أن أفتح فمي، بعد ذلك بقليل، يائساً، قلقاً كالمرّات السابقة، أسأل أين. أنظف أسناني ووجهي وأنزل. الحافلة التي تمرّ عبر الموقف فارغة، معظم سكان المدينة، أولئك الذين لم يتمكنوا ولم يشاؤوا ولم يستطيعوا شراء تذاكر يشاهدون المباراة من أي تلفاز، الأحياء التي نعبرها أيضاً بها أناس على الأرصفة.

تقدّمنا بسرعة، اختفى الزحام. كم عمر لاورا؟ 19 عاماً؟ ومارغو؟ لم أعرف شيئا عنها ولا عن زوجها الجديد ولا عن أبنائها الجدد ولا عن مدينتها الجديدة منذ أشهر.

تتوّف الحافلة عند إشارة الزاوية التي وقعت في شارعها المرأة في هذا اليوم في طريق عودتي من العمل، انطلقنا حين أضاء النور الأخضر.

على بعد 30 مربعاً تقريبا أقرع الجرس ويوقف السائق الحافلة. ترتفع في الهواء بعض المفرقعات، بعيدة لكن قوية، بالكاد أخطو بعض الخطوات وألج في أحد شوارع الحي، الذي أعرفه جيداً وليس الذي كنت أتخيله حينما كنت أتحدث مع لاورا في الهاتف.

أتذكرها حينما كانت طفلة ثم حينما أصبحت أقل طفولة، لكنها ذكريات مبهمة يفرضها الآخرون، بعضها زائف كتلك المتعلقة بالصور التي رأيتها بعد ذلك بكثير والتي أثارت اشمئزازي وحزناً لا يقهر.

في الجهة الأخرى من باب الممر الفاصل أرى شاباً، يخطر على بالي بسبب نظرته الثابتة، أنه يحاول معرفة إن كنت أنا هو الرجل الذي ساهم في إنجاب لاورا، والدها، واحد من الذين أتوا بها.

يحرّك رأسه، يومئ وتظهر هي، تدخل المقهى بعد أن تحدّق بي لثوانٍ. لا أستطيع أن لا أطيل النظر لثوبها المهمل ولا لشعرها الطويل القذر. تجلس في الطرف الآخر من المائدة دون أن تقبّلني وبرأس منخفضة، كما تتحدث معي عبر الهاتف، لا تقول شيئاً، ولا تنبس ببنت شفة لتساعدني على تقييم حالتها.

تراقبنا النادلة، تشهد صمتنا، أنا، لمنع أي حرج، أخرج من محفظتي بعض الأوراق المالية وأضعها على الطاولة. تمد لاورا يدها، بسرعة، ودون أن تشكرني، ما زالت صامتة، تنهض فجأة وتغادر. أيها العجوز العاهر! يصرخ صديقها أو خطيبها، الذي فتح لها الباب، وكصدى كلماته نعاود سماع بعض المفرقعات، الآن هدفان لكن لا أعرف الفريقين. هذه المرة حظّي أقل، وعليّ انتظار نصف ساعة في موقف الحافلات.

أثناء عودتي للشقة، أقترب من النافذة، الأمر الذي أفعله عادة حينما أصل البيت، أنظر نحو المبنى المقابل، ثابتاً في العتمة. الآن الأنوار المشتعلة زادت، لسبب غريب بدت كأنها مواساة لي.. مواساة خفيفة.


2
ما لا يعلمه هو أنه سيكون جَدّاً خلال أشهر، أفكر في ذلك بينما أخرج من المقهى ورافا يصرخ بشيء لا أتمكن من سماعه.

كل شيء غامض، معلّق، نحن أيضاً غامضون معلّقون، ورافا يصرخ بشيء بينما أخرج من المقهى وأفكّر أنه لا يعرف ولن يعرف. أشعر بقليل من الحزن، لكن بعد ذلك لا، أستمر بالسير، بسرعة، وخلفي رافا، يسرع الخطى، كأنما نهرب من محاولة قتل أو حريق، حتى نصل الجادة ولا أعرف لأي سبب استقلَّينا أول حافلة تمر ولم نكن نعرف حتى إلى أين تتجه.

جلسنا في المنتصف، حيث الركاب يتواجدون أكثر، والقليل يمكنهم ملاحظتنا. لنصنع واحدة؟ سألني بصوت منخفض في أذني. الآن؟ قلت، وأنا ما زلت مذهولة مسجونة في هذ الضباب الغريب. يومئ، يبتسم، ثم يقبّلني قريباً من أذني. دون التفكير مرتين، أرمي بنفسي على الأرض، هكذا فجأة، كما لو كان الأمر يحدث حقيقة. أغمض عيني وأغرق في التفكير. صرخات رافا، تلهفه الكاذب، يعيدونني للمكان.

أحدهم يفحص ضغطي. لابد أنه فقر دم، تقول امرأة أتخيل أنها كبيرة السن. ثم، ورغم الصخب، أغفو.

لابد أنهم أوقفوا الحافلة، حملني رافا، وتجمهرت حولنا مجموعة من المارة، لابد أنهم ابتعدوا الآن بعد أن التقط رافا الصور.

بعد فترة، عاد وهمس في أذني أنه انتهى، وأن بإمكاني التحسن وفتح عيني والابتسام. أقوم بدوري. رافا يشكر الناس الذين يصفقون ونغادر ونحن متعانقين. لسنا بعيدين، قررنا إكمال مسيرنا مشياً. ها قد وصلوا، تقول العجوز بيرتا التي أخبرتنا أنها اضطرت للذهاب للمستشفى، لأن شخصاً مهذباً اتصل بالإسعاف. ووصل إرنستو، الذي كان يسخر من بيرتا، ثم الـ"خْوانَين" (خْوان وخْوان) اللذان فعلا الأمر ثلاث مرات خلال اليوم.

أخبرناهم بفعلتنا، ثم عرضنا عليهم صورنا، ورأينا صورهم. لم يتبق الكثير للمعرض، سيوضح لنا دينو حينما يصل. وصل ووصل آخرون، رافا لا يترك يدي، تعرَّقتا لكن لا بأس.

يبدأ الاجتماع. هناك ضحكات وسجائر وجدول زمني لأنشطة الأسابيع المقبلة. لا أحد هنا يعلم أن في أحشائي شيئاً ينمو وأنه خلال أشهر سيصبح شيئاً مختلفاً. سأخبر رافا قريباً، ربما هذه الليلة، لا أعرف كيف ستكون ردة فعله، عليّ توقّع كل شيء، كنت قد أخبرته، كنت قد استكشفت مستوى ردود الأفعال المتوقعة، كل شيء وارد.

دينو يقول إن النص الذي سيرافقنا أصبح جاهزاً، الفيديوهات والصور والنصوص، وأن علينا إحداث ثورة في المشهد، لكن علينا أن لا ننسى الحصول على المبلغ الذي يطلبه المعرض كعربون. أترك يد رافا وأفتش محفظتي، ألمس الأوراق المالية، إنها أكثر من المعتاد. أعطي معظمها لدينو، أبتسم، رافا يبتسم جانبي، ويكتب المبلغ في دفتر ويفعل ذلك مع آخرين.

نُجاري الحياة كي تصبح أكثر ثقلاً فيما بعد فنتعلم كيف نشعر بها، هذا ما نبحث عنه، حتى لو كانت الحياة نفسها محاكاة أمر آخر، وهذا ما أبدأ التفكير فيه حين أتأمل بابتسامة رافا وابتسامتي وما ينمو في أحشائي التي لا أحد يعرف ماذا سيكون، لربما تكون غولة صغيرة تشبهني.

ينتهي الاجتماع، اتفقنا على اللقاء بعد يومين. هناك أجواء من الفرح في المدينة، أناس أكثر بكثير مما كانوا عليه قبل أن ندخل.

يبدو أنّ أمراً قد حدث، ربما مظاهرة أو حرب سريعة. لنأكل، سأل رافا، سعيدة، سعيدة ربما لحين أن يعرف. حينما نصل البيت، أقول.

وهكذا، اتجهنا نحو البيت، الذي هو في حقيقة الأمر غرفة مع حمام ومطبخ صغير ملحق بها، يقترح أن يحضِّر شيئاً حينما رآني أفترش السرير. هل تعتقدين أن لهذا معنى؟ يسأل، هل تعتقدين أن هذا يعني شيئاً لشخص ما. أو أننا مخدوعون وأن ذلك غباء؟ لا أردّ ولا على أي سؤال، لكنه يواصل سؤالي عن أشياء، هو في الواقع يسألها لنفسه. أعود لأكون مع أبي في المقهى وما أفعله هذه المرة هو أن أقترب منه وأقبِّله في وجنته وأقول له إنني غفرت له وإنني قريباً سأكون في وضع يسمح بإعادة العلاقة معه، وسأخبره أنه سيصبح جدّاً، وفي هذه اللحظة يهزني رافا وأفتح عينيّ ويقول لي إن العشاء جاهز.

نتناول العشاء وأغسل الصحون، نذهب للسرير، يداعب مؤخرتي. أعتقد أن عليّ إخباره، بالكلمات الضرورية، أنظر في عينيه، أشعر بحبّه لي، وأنني سعيدة فلا أقول شيئاً. من الأفضل أن ننام بسرعة، يقول رافا، غداً دوامي مبكر. ستعمل غداً؟ أسأل، طلبوا مني ذلك، يقول. لماذا لم تخبرني؟ أقول. لا بد أنني نسيت، يقول. وحينما ينام أبدأ التفكير بما أستطيع فعله وقت عمله، ربما اللحاق بأبي وتصويره لإعداد معرض صور فيما بعد انطلاقاً من تلك الصور.

رجل يعيش حياة ربما ليست تلك التي يحبها، يبدو هذا. رجل عجوز متعب لديه كل تلك الأخطاء، فعل أشياء غير لائقة يتحمل ثقلها الآن. سأتبعه خلال أسابيع أو أشهر، خلال سنوات، وسأحاصر حياته ببعض الصور. نعم، أفكر وأنا أقف لأطفئ النور، عليّ أن أحاول، سأبدأ غداً، أو بعد غد. كأن شيئاً مرتبطاً بشيء آخر، كأنما أمر يحدد أمراً آخر، يبدأ رافا الشخير.


* Rodrigo Hazboun كاتب بوليفي من أصل فلسطيني، من مواليد مدينة كوتشامبا سنة 1981. من أعماله القصصية: "خمسة"، و"حجرة"، و"أسعد الأيام"، ورواية "التأثيرات". قصّته "عائلة" حازت "جائزة الاتحاد اللاتيني للقصة القصيرة"، كما حاز "الجائزة الوطنية لأدب سانتا كروز دي لا سييرا" لدورة 2007، عن روايته "مكان الجسد"، واختارته مجلة "غرانتا" البريطانية في 2010 ضمن أفضل 22 كاتباً باللغة الإسبانية تحت سن 35 عاماً.

هاجر جدّه من فلسطين إلى بوليفيا وعمره 17 عاماً، وظلّ يتنقّل بين تشيلي وبوليفيا حتى استقر في كوتشابامبا البوليفية. لم يرث أولاده العربية منه رغم أنه كان يتحدّثها مع أقرانه من المهاجرين. وقد تمكّن من زيارة فلسطين بعد عقود من تركها.

في مقابلة سابقة أجرته مع المترجمة، تحدّث الكاتب عن حلمه بكتابة رواية عن رحلة جدّه من فلسطين إلى بوليفيا وعن رغبته في الكتابة عن الفلسطينيين الذين ابتعدوا عن الإقامة في المدن الكبرى وسكنوا القرى والبلدات الصغيرة في البلدان اللاتينية التي هاجروا إليها، كما حدث مع عائلة أمه.

** ترجمة عن الإسبانية غدير أبو سنينة

المساهمون