دور النشر العربية... هل يصمد الجميع؟

دور النشر العربية... هل يصمد الجميع؟

27 يونيو 2020
تركيب "بذور الكتاب" لـ عمار كنور/ الهند، 2016
+ الخط -

على صفحته في "فيسبوك" نشر "اتحاد الناشرين العرب" قبل قليل، بياناً يتناول فيه القرارات والمبادرات التي أخذها للتقليل من خسائر دور النشر العربية التي منيت بها نتيجة حالة الإغلاق السائدة خلال فترة الأشهر الأربعة الماضية بسبب جائحة كورونا. البيان يأتي بعد نشر نتائج استبيان أجراه "الاتحاد" بين دور النشر العربية، أول من أمس حيث تكشف عن جانب مما لحق بصناعة النشر عربياً.

أرسل الاتحاد الاستفتاء إلى عدد كبير من الناشرين العرب، بحسب ما يقول أمين عام الاتحاد، بشار شبارو، في حديثه إلى "العربي الجديد"، موضّحاً أن من أجاب على هذا الاستبيان 292 ناشراً من 16 بلد عربي، وعلى هذا الأساس فإن النتائج ليست دقيقة مئة بالمئة، بمعنى أنها لا تمثل كافة الناشرين العرب، ولكنها عيّنة من أبرز دور النشر، وتشكل تصوّراً عن واقع هذا السوق اليوم، و"تعطي وجهة نظر أقرب إلى الدقة عن واقع النشر في الوطن العربي" بتعبير شبارو.

النتائج كشفت عن أزمات جديدة وأخرى قديمة تفاقمت خلال الأزمة الحالية، فالمبيعات انخفضت بنسبة تصل إلى 74 % خلال الربع الأول والثاني من عام 2020 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، واضطرّت نسبة 75 % من المشاركين في الاستبيان لوقف التعامل مع المؤلفين، وأوقف 50 % إلى 67 % من الدور المشاركة في الاستبيان التعامل مع المصممين والمراجعين اللغويين والمترجمين وتجّار الورق، واستغنت عن 34% من موظفيها.

يقول شبارو: "إن أكبر الأخطار على مهنة صناعة النشر ما قبل الكورونا كانت ومازالت القرصنة والتزوير، أما مع جائحة كورونا فقد دخلنا في أزمة إضافية متعلقة بالتوزيع، فنحن نفتقد إلى شركة توزيع للكتب على مستوى الوطن العربي، ولذلك أغلب الناشرين يعتمدون على البيع في معارض الكتب العربية، وهذا ما أكّده الاستبيان حيث تمثل مبيعات المعارض العربية نسبة 53 % من إجمالي مبيعات الناشرين".

لم يُسعف الدور العربية البيع الإلكتروني الذي مثلت نسبة مبيعاته خلال الفترة السابقة 15% فقط، أما الكتب الرقمية فنسبة بيعها لم تتجاوز الـ 10%، أي أنها أرقام لا تعوّض خسارة الناشرين بأي شكل.

حول ذلك يقول شبارو: "فقدنا المعارض العربية والبيع المباشر للقارئ، وهذا أثر على حركة تسويق وبيع الكتاب، وهذا حدث في كل العالم، وأهم معارض الكتب توقفت مثل معرض "بولونيا" في إيطاليا، الذي يعد أهم معرض لكتاب الطفل والناشئة، وكذلك معارض باريس ونيويورك ولندن وغيرها ونحن الآن أمام تحدي المشاركة في معرض فرانكفورت ولا شيء نهائي حتى إلى الآن".

يدرس الاتحاد الآن بالتعاون مع مدراء معارض الكتب العربية، الحلول الممكنة. وفي هذا السياق، يبيّن شبارو: "بدأ التفكير في معارض رقمية وافتراضية، أو قد تقام معارض تقليدية تراعي التباعد الاجتماعي ولكن هذا يعتمد على مدى انحسار الفيروس، وإلا فكل ما نعمل عليه قد يُلغى".

لا شك أن حجم الضرر يختلف من دور النشر الكبيرة إلى الصغيرة، لكن لكل منهم مشكلاته في الأزمة الراهنة، فالأمر لا يتعلق فقط بالناشر، يشرح شبارو "رحلة الكتاب واسعة من المؤلف أو الباحث والمترجم إلى المخرج والمدقق اللغوي والمحرّر وصولاً إلى مصمم الأغلفة وعامل الطباعة إلى أن يصل إلى المكتبة والشاحن، وحالة الجمود تؤثر على كافة المستويات، ولا شك أن الدور الكبيرة لديها قدرة أكبر على الصمود، لكن مشكلاتها كبيرة أيضاً فلديها التزامات مع كتّاب وعقود كما أن عدد الموظفين أكبر".

ويضيف: "تقوم بعض الدور اليوم تفكر بتحويل الكتاب إلى نظام الـ Epub لكي يباع رقمياً على منصات خاصة ببيع الكتب الإلكترونية، لكن هذا لا يلغي أهمية الكتاب الورقي، وهذه حلول جيدة ولكن حركتها ضعيفة، صحيح أنها ارتفعت خلال الأشهر الماضية بحدود 30%، لكنها ما زالت إلى اليوم أقل من أن تساعد الناشر ليرتاح اقتصادياً".

ورداً على سؤال واقع الدور اليوم، وإن كان هناك مؤشرات على إفلاس أو إغلاق بعض منها، يقول شبارو "لم يتلق الاتحاد إي معلومات من هذا النوع من أي دار، لكن مهنة النشر هي أول ما يتأثر بالمحن في المنطقة العربية، وآخر صناعة تتحرّك بعد انقضاء الأزمة. ومردّ هذا في جزء منه إلى تراجع القراءة وشراء الكتب بالعموم، وأزمة الكورونا زادت هذه الإشكاليات"، يختم شبارو حديثه بالقول "أتمنى أن يصمد الجميع، وربما ينبغي أن نفكر بوسائل أخرى جديدة لدعم الكتاب، خاصة أن الدعم الذي تلقاه الناشرين في بلدانهم ضعيف جداً".

في بيانه اليوم، أشار "الاتحاد" أيضاً إلى أهمية إلغاء الضرائب على قطاع النشر في البلدان العربية، وضرورة رصد حجم الضرر الذي وقع في كل بلد على هذا القطاع وتقديم الدعم الرسمي له، كما طلب الاتحاد من منظمات "الجامعة العربية"، و"الإلكسو" واتحادات الناشرين، جهات ثقافية عربية مختلفة تقديم الدعم للناشرين العرب.

المساهمون