"انظر إليّ": لوحات اللوفر وعدسة كيارستمي

"انظر إليّ": لوحات اللوفر وعدسة كيارستمي

29 مارس 2018
(من المعرض، تصوير: العربي الجديد)
+ الخط -

مع بداية مارس/ آذار الجاري، جرى افتتاح معرض لعدد من محتويات متحف اللوفر في طهران، وهو ما مثّل حدثاً جذب الكثير من الزوّار الإيرانيين لمشاهدة قطع فنية وتاريخية قادمة من المتحف الباريسي الشهير.

المعرض الذي يستمر أربعة أشهر يقدّم أيضاً مجموعة من الأعمال الفوتوغرافية للمخرج الإيراني الراحل عباس كيارستمي (1940 - 2016)، وهي صور التقطها داخل ردهات اللوفر، وقد أتاحت فرصة التعرّف على أعمال شهيرة يحتضنها المتحف من دون أن تبرح مكانها. أعطت المجموعة الفوتوغرافية لكيارستمي زخماً لمعرض اللوفر في طهران، الذي يقدّم بالأساس آثاراً، غالبيتها مصرية ويونانية، ولوحات وأعمالاً فنية أيضاً.

التقطت الصور خلال زيارات متعدّدة قام بها كيارستمي إلى اللوفر بين العامين 1996 و2012، وهي لا تكتفي بعرض لوحات مرسومة ومجسمات منحوتة، إذ تعمّد إظهار من ينظرون إليها من الزوار وصوّر ردّات فعلهم، فكانت النتيجة مجموعة "انظر إليّ" التي تتسم بجودة عالية، لدرجة أن من يدخل إلى قاعة صور كيارستمي المجاورة لقطع اللوفر الفرنسي في طهران، يظن للوهلة الأولى أنها اللوحات ذاتها، إلى أن يتنبه بعد جولة قصيرة أنها صور فوتوغرافية عن زوار اللوفر الفرنسي. وتتميّز صور كيارستمي - إضافة إلى فكرتها - بعمقها وإظهارها للأبعاد وتوزيع ألوانها وظلالها، وقدرتها على شدّ المشاهد، على الرغم من أنها صور فوتوغرافية لا لوحات أصلية.

هذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها عباس كيارستمي في معرض كمصوّر فوتوغرافي، فإضافة إلى شهرته كمخرج سينمائي لامع أخرج أفلاماً طويلة وقصيرة ووثائقية كثيرة، عمل أيضاً مصمّم غرافيك وإعلانات تجارية، واستند إلى التصوير الفوتوغرافي في الكثير من أعماله، كما كتب الشعر أيضاً.

في سنوات سابقة، عرض كيارستمي صوراً فوتوغرافية التقطها خلال ثلاثة عقود من مسيرته المهنية والفنية في معرض سماه "الفصول الأربعة"، ووزّع الصور في مجموعات سماها: "الأبيض الثلجي"، و"الطرق"، و"ليلة مقمرة"، و"أبواب وذكريات"، و"الجدار ونافذة على الفناء"، فتعرّف الفنانون ومحبّو الفن على هذا الجزء من شخصيته عن قرب وبحضوره.

كذلك قدّم صوراً فوتوغرافية في معرض خاص به في أنقرة، وقال كيارستمي حينها إن "كل صورة هي فيلم غير ناطق، وكل صورة تستطيع أن تكون بداية حكاية لفيلم ما"، واعتبر أن "السينما تفقد رونقها يوماً بعد يوم، وأن فن التصوير لا يحتاج إلى رأسمال ومن الممكن تطويره بشكل مستقل"، وتابع "على المصوّر المحترف أن يعمل وفق فلسفة عميقة، فالصورة تستطيع تخليد أي حدث".

يذكر أن كيارستمي غادر عالمنا من باريس، في رحلة علاج بعد صراع مع المرض، وهو يعتبر من بين المساهمين في تغيير مسار السينما الإيرانية والمساهمة في وصولها إلى العالم. وعلى عكس كثير من الفنانين، بقي في إيران ولم يتركها حتى بعد ثورة 1979، وعرف على الرغم من ذلك كيف يوجّه نقده للنظام والمجتمع بأساليب فنية.

المساهمون