جاوما فرّير كارمونا: مترجم كنزه العربية

جاوما فرّير كارمونا: مترجم كنزه العربية

03 مارس 2015
+ الخط -

من حسن الطالع أنّ المترجم الشابّ يتمتّع بروح مرحة وحسّ دعابة أصيل، لولا ذلك، لساءت الأمور أكثر. فقد اختار الإسباني جاوما فرّير كارمونا (1972) مهنةً عشِقَها ولم يحسب عواقبها: "ترجمة الأدب العربي"، بعد دراسته اللغة العربية في جامعة برشلونة.

واليوم أجبره هذا الخيار على التفرّغ التام له من دون مردود يوفّر حياة كريمة، كحال كثير من المترجمين. التقيته في يوم ماطر، في بيت صديقة كتالانية وهو يحمل نسخاً من كتبه، وعرفت منه أنه مترجم "الخمريات" لأبي نواس وكان هذا العمل الكلاسيكي أول كتاب ينقله إلى الإسبانية سنة 2002 بمشاركة المترجمة آنّا جيل.

عن هذه التجربة يقول "بدأنا نترجم (الخمريات) ونحن في الجامعة. في البداية كان عملنا نوعاً من الدراسة ثم جاءت الفرصة للنّشر، في إطار العمل مع دار نشر كانت نيّتها نشْر كنوز الأدب العالمي الكلاسيكية، وأنا أرى أنّ كنوز الأدب العربي ما زالت مدفونة، وبحاجة إلى من يُزيل طبقات التراب عنها في أوروبا".

ويردف "لا تنسَ أنّ أبا نواس شاعر مُغرٍ بالقراءة اليومَ كشاعر مهتمّ بالحريات الفردية، استحقَ صوتُه القديمُ أن يُسمع مرة ثانية". ومن الشعر انتقل كارمونا إلى ترجمة الروايات فقدم إلى الإسبانية والكاتالانية روايات "باب الشمس" ثم "يالو" لإلياس خوري، كما ترجم إلى الكاتالانية "المتلصص" لصنع الله إبراهيم، وقدم "سيدي وحبيبي" لهدى بركات بالإسبانية وغيرها.

يصف كارمونا تجربة الترجمة بأنها: "تمثيل وتمثّل. بمعنى أنني أقرأ النص وأتمثّله ثم أُعيد تمثيله بلغتي. أي أفهم دور الشخصيات في العمل، وأقوم بترجمتها، وكأنني أُمثّل دورها"، فالمترجم، وفقاً لكارمونا، لديه مسؤولية كبرى، فهو صلة الوصل بين عقل المؤلّف وعقل القارىء.

وبالنسبة لسوق الكتاب العربي في عالم النشر بالإسبانية يلفت كارمونا إلى أن "دور النشر الكبيرة مهتمة بالبيع وهذا طبيعي، حسب قانون السوق. أما دور النشر الصغيرة فمع اهتمامها بالبيع أيضاً، إلاّ أنها أكثر جرأة ومغامرة ونخبوية من الأولى، وتنشر بالكتالاني أو الإسباني أو كليهما معاً".

ويستدرك: "على كل حال لا يوجد الكثير للاختيار أمام المترجم. توجد حركة نشر ودور نشر عديدة ولكن المشكلة أن لا اتصال ولا تنسيق ولا تعاون بينها. هذا مثل صيد السمك في محيط، فأنت لا تستطيع أن تعانقه. إن اهتمام دور النشر بالترجمات من العربية أمر استثنائي. ربما إنّ كل شيء له علاقة بالكتب هو استثنائي".

وحول الصور النمطية التي في مخيال القارئ الغربي حول الرواية العربية، فإنها صورة ما زالت مرتبطة بـ"ألف ليلة وليلة"، وفق كارمونا، الذي يوضح: "هناك صورة خيالية مركبة على صورة أدبية وفي الأدب كل شيء يجوز أن يكون حقيقياً. ومَن لم يتجاوز هذه المرحلة "الليلية" هو نحن، القراء الغربيون! لا يوجد وعي كافٍ منتشر عن احتمالات أخرى. لا نعرف أن الكتّاب العرب عندهم خيال خارج "ألف ليلة وليلة" وأن بمقدور مؤلفاتهم أن تحكي عن كل شيء".

وعن أسباب ضعف الاهتمام بترجمة الأدب العربي من قبل دور النشر الأوروبية يوضح كارامونا أن "السبب الأساسيّ هو الجهل بألف لام التعريف. الناس في إسبانيا يفكرون أنّ الباكستانيين ـ مثلاً ـ هم عرب. الاهتمام بالكتاب العربي هو اهتمام سياسيّ بالدرجة الأولى، كأن تُسأل عن الربيع العربي، وليس عن عملك كمترجم. الاهتمام سياسي أكثر منه أدبياً".

هناك أعمال "إكزوتيكية" تُرجمت فقط لهذا السبب، وهنا يبين المترجم "فقط أستطيع القول: أهلاً وسهلاً بكل الترجمات. يقولون إن الفرجة ببلاش ولكن هذا ليس صحيحاً. واضح أننا لا نريد أن نعرف الكثير عن الثقافة العربية لأننا نريد العرب مصنوعين من قالب واحد. هناك نوع من العنصرية الثقافية، وتكسيرها وتصميم بديل جديد، يحتاج إلى وقت، وأتمنى أن نكون أخذنا وقتنا الكافي".

المساهمون