عمار عبد ربه.. أحن لسورية قبل البعث

عمار عبد ربه.. أحن لسورية قبل البعث

10 اغسطس 2019
عمار عبد ربه
+ الخط -

"ربما لم يمر أسوأ من هذا العصر على المصورين الفوتوغرافيين" يقول الفوتوغرافي السوري عمار عبد ربه، في حديث إلى "العربي الجديد"، معلقاً على سؤالنا حول عصر التقنية الرهيب، حيث يمكن لأي كان أن يلتقط الصور ويحررها ببضع ضغطات على الشاشة. الكل فوتوغرافي في عالمنا الرقمي.

لكن عبد ربه، الذي يختتم معرضه "سورية: بلدي الذي لم يعد موجوداً اليوم" في قصر "بيت الدين" في منطقة الشوف في لبنان، يكمل: "لكن لو اعتبرنا الكاميرا كالقلم، فإنك مهما أعطيت الآخرين أقلاماً ليكتبوا فإنهم لن يصبحوا روائيين أو شعراء".

فما الذي بقي للفوتوغرافي الفنان اليوم وهو في تنافس مع التقنية المتسارعة؟ "المعنى والخطاب، وهذان ليسا في متناول الجميع"، يقول عبد ربه (دمشق 1966).

لا يمكن تحديد طبيعة الصور التي يلتقطها عبد ربه، أحياناً تظهر صحافية واقعية، أو صحافية فنية، أو فنية فقط، أو حتى توثيقية، كذلك صوّر عبد ربه الحرب، في العراق وليبيا، عن ذلك يقول إنها حروب لم يكن من الممكن ألا يصورها، لافتاً إلى سنوات عاشها في ليبيا.

من مفارقات تجربته أنه صور الرؤساء العرب (معمر القذافي وبشار الأسد)، لكن حين قامت الثورات آزرها بكاميرته، وانتقد الأنظمة من خلال أعماله، ومن هذا المنطلق فإن تاريخه الفوتوغرافي يجسد عالمين مختلفين، وربما يكون أحد المصورين السوريين القلائل الذين عُرفوا على صعيد عالمي قبل 2011.

لو أراد عبد ربه أن يقدّم تعريفاً لأسلوبه في التصوير لقال إنه موسوم بـ "التلقائية، كل صورة فيها شيء عفوي، وكل صورة فيها حضور للإنسان، لا أحب الصور الخالية من البشر، لا أصور وحدها الطبيعة مثلاً، لكنني أقدم شيئاً توثيقياً وفنياً في آن"، ومثل أي فنان ثمة أشياء لا تستهوي عدسته، فهو يكن الإعجاب لمصوري الحيوانات الذين يقضون وقتاً طويلاً في انتظار حركة من الحيوان أو الطائر، لكنه لن يكون يوماً هذا المصوّر، فوتوغرافيا الحيوانات ليست على أجندته.

ولكن هل من صور يفتخر عبد ربه بالتقاطها، وهل من صور يندم عليها، وماذا عن صور يتمنى لو كانت تحمل توقيعه؟ يجيب: "ثمة سلسلة أنجزتها عن الجسد والعري والرقابة في مجتمعاتنا، شعرت أنني أخاطب المرض في هذه المجتمعات، وأن هذا شيء من الضروري أن أقوم به حتى وإن لم يرق للبعض"، يتابع: "ثمة صور أندم عليها تقنياً طبعاً، فأنا أعمل منذ ثلاثين سنة وربما لا أعرضها أبداً، في عام 1989 حصلت على أول كاميرا "نيكون" وكانت صوري تعيسة".

أما الصورة التي يتمنى لو كان من التقطها فهي تلك التي صوّرها كرم المصري وزكريا عبد الكافي لثلاث حافلات كانت في معبر بستان القصر في حلب، جرى قلبها واقفة لتحمي المدنيين من رصاص القناص.

لو عدت إلى سورية غداً، ما هي الصورة الأولى التي ستفكر في التقاطها؟ يجيب عبد ربه: "لا يخطر لي إلا صورة بشار الأسد موقوفاً أو خلال محاكمته، وأطمح بتصوير مجموعة من الأطفال في زيارة إلى الطبيعة أو المتحف".
لكن عنوان معرض عبد ربه قد يفهم خطأ، معظم الصور التقطت بين 1990 و2105، ولا يخفى مضمون الحنين في العنوان "بلدي الذي لم يعد موجوداً" هل تحن لسورية قبل 2011؟

يجيب عبد ربه: "بل أحن لسورية قبل البعث، سورية التي لم أعرفها، وسمعت عنها أو رأيتها في الصور، إنه حنين لزمن لم أعشه، هجرة المسيحيين واليهود بعد البعث موثقة من السبعينيات، ومن خلال الصور أكسر خطاب النظام القائل كان هناك سلام ثم فجأة وقعت المؤامرة، من يقرأ الصور يعرف أن فترة ما قبل 2011 كانت تهيئ لما رأيناه منذ 2011 فقطعاً ليس لدي أي حنين لهذه الفترة".

النصيحة الذهبية التي يقدمها عبد ربه إلى مصور شاب هي "أن يعمل كثيراً ويصور كثيراً، العمل فقط هو ما يحقق الصورة الجميلة، والتدرب على كيفية الوصول إلى الأماكان والشخصيات، وكذلك إلى المؤسسات لأن المهنة فيها تعب وقهر وأناس كثيرون لا يقدرون عملنا".

المساهمون