"قطر والهند والخليج": صلات عبر اللغة والأرقام والبحر

"قطر والهند والخليج": صلات عبر اللغة والأرقام والبحر

04 نوفمبر 2019
مقبول فدا حسين، من معرضه ضمن العام الثقافي "قطر-الهند"
+ الخط -

خلال القرن السابع الميلادي، شكّلت مدرسة جنديسابور في منطقة الأهواز أحد أهم المراكز العلمية التي تعلّمت فيها النخب العربية على يد العلماء الهنود قبيل الدعوة الإسلامية، قبل أن تنطلق حركة الترجمة في العصر العباسي، وتنقل من اللغات الهندية أمهات كتب الرياضيات والفلك.

تعيد بعض المصادر التاريخية العلاقات بين الهند والمنطقة العربية، العراق وشبه الجزيرة العربية تحديداً، إلى أكثر من أربعة آلاف عام ضمن حركة تجارية منتظمة عبر البر والبحر، والتي يضيء عليها معرض "قطر والهند والخليج: التاريخ والثقافة والمجتمع" الذي افتتح الخميس الماضي في الدوحة، ويتواصل حتى شباط/ فبراير من السنة المقبلة.

تحتضن "مكتبة قطر الوطنية" المعرض ضمن الاحتفال بالعام الثقافي "قطر - الهند 2019"، الذي يستكشف أبعاداً متعدّدة للصلات الاقتصادية والسياسية والثقافية، والتأثير اللغوي المتبادل في النظام الكتابي واقتراض المفردات والأمثال والحكم، وصولاً إلى المطبخ الذي شهد أيضاً تفاعلاً كبيراً على مدى قرون ماضية.

يركّز جانب من المعروضات على تاريخ الملاحة بين الهند والخليج من خلال صور للمراكب الشراعية القديمة، وللمراسلات التجارية بين الجانبين قبل اكتشاف النفط، والتي ازدهرت منذ منتصف القرن الخامس عشر، حيث كان العرب يستوردون خشب الساج والقماش بشكّل أساسي، ويصدّرون التمور والخيول واللؤلؤ والدبس.

ويحتوي أرشيف المكتبة على العديد من السجلات التي تضيء على هذه المرحلة المهمة، ومنها وثائق لـ "شركة الهند الشرقية" وما لعبته من أدوار سياسية واقتصادية في منطقة الخليج ما بين 1600 و1858، وما سبقه من تنافس وصراعات بين البرتغاليين والعثمانيين على تأمين سفنهما المتنقلة بين المدن الهندية وبين آسيا وأفريقيا عبر المحيط الهندي وبحر العرب والبحر الأحمر.

كما يخصّص المعرض قسماً حول العلاقات بين الهند وقطر، حيث تشير وثائق المكتبة إلى وصول سفينتي "ديسكفري" و"سايكي" التابعتين لـ "شركة الهند الشرقية" إلى قبالة الساحل الشرقي لقطر لإجراء مسحٍ تفصيلي لمدينة البدع (الدوحة حالياً) ومياهها الساحلية عام 1822.

إلى جانب العثور على مكتشفات أثرية في مدينة الزبارة في شمال قطر (العملة المعدنية الهندية "روبية"، زخارف هندية، معادن هندية، أباريق هندية)، ومقتنيات هندية قديمة في منطقتي رويضة وفريحة، وأيضاً في الدوحة القديمة مثل العاج، والأخشاب، والسقوف، والخزف، ومدابس التمر.

ويضمّ المعرض مقتنيات من مجموعة المكتبة التراثية في مكتبة قطر، ومن متحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، كما يحتوي على مواد رقمية من وزارة الهند للشؤون الخارجية، والمكتبة البريطانية، والمعرض الوطني للوحات وأمانة المقتنيات الملكية في لندن، وأرشيف مركز الشرق الأوسط في جامعة أكسفورد، ومتحف اللوفر في باريس، والمتحف الوطني للفنون والتاريخ في أمستردام وغيرها.

يُذكر أن العام الثقافي "قطر – الهند 2019"، يتضمّن، إلى جانب المعارض والإصدارات، العديد من المحاضرات منها "مختصر تاريخ الأرقام العربية الهندية"، و"قطر والهند: العادات والتقاليد المشتركة"، ومحاضرة حول أفكار غاندي المبتكرة المتعلقة بنبذ العنف وإمكانية تطبيقها في الوقت الحاضر، وورشة عمل بعنوان "الأعداد القديمة: مشقة الحساب"، وغيرها.

المساهمون