وقفة مع شادي لويس

وقفة مع شادي لويس

12 سبتمبر 2019
(شادي لويس)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "أتعامل مع الكتابة بوصفها هواية، حتى لا أفقد استمتاعي بها"، يقول الكاتب المصري في لقائه مع "العربي الجديد".


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟

- هذه الأيام تحديداً لا يشغلني الكثير، عدا الضروريات اليومية، أو على الأقل أحاول التظاهر بذلك. العالم مُصمم بحيث نكون مشغولين طوال الوقت، وأن نشعر بالذنب حين نتوقف عن الانشغال. عادة أمنح نفسي إجازة إجبارية في أغسطس، وتأخرت قليلاً هذه السنة، وبدأتها هذا الشهر. تدريب مؤقت ودوري على التحرر من المنطق الغائي والشعور بالمسؤولية والإلحاح على الإنجاز وغيره.


■ ما هو آخر عمل لك وما هو عملك القادم؟

- انتهيت من حوالي عام من رواية باسم "على خط جرينتش"، تدور حول موظف صغير في إحدى بلديات شرق لندن، يجد نفسه مسؤولاً عن جثمان لشاب سوري لا يعرفه، يرقد في أحد المشافي اللندنية. وعبر ثلاثة أيام، يحاول بطلنا تتبع الجثمان، وسيرة صاحبه بغية إقامة جنازة للمتوفي، متجولاً في أحياء لندن، من الشرق إلى الجنوب، وهو يستعيد سلسلة من الحكايات عن الفقد والانتظار والوحدة والموت. ومن المفترض أن تصدر هذا الشهر عن "دار العين".

أيضاً أنا على وشك الانتهاء من رواية أخرى، ربما قبل نهاية العام، بعنوان "تاريخ موجز للخليقة وشرق القاهرة"، تدور أحداثها في حيّ عين شمس القاهري، في فترة الثمانينيات، عن رحلة قصيرة لطفل ووالدته من أحد أطراف الحيّ إلى الطرف المقابل، تكشف فيها حركة الأجساد وتقاطعها مع التخطيط المديني والزمن، عن طبقات من العنف، ومحاولات مقاومته أو التعايش معه.


■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟

- أتعامل مع الكتابة بوصفها هواية، حتى لا أفقد استمتاعي بها. المشكلة الوحيدة أن المتلقين لا يتعاملون معها بنفس الشكل، طالما نشرت، ولذلك يبدو أني مضطر لأتعامل مع النتائج بطريقة احترافية. في الحقيقة أشعر بالخجل من رواية "طرق الرب"، مع أنني أحبها. فبعد أن نُشرت، حاولتُ أن أقرأها مطبوعة لأول مرة، وشعرت بالصداع وانقباضات في المعدة بعد أول صفحتين. لكن بعد عدة محاولات، اعتدت الأمر، شعور بسيط بالعار لكن دون أي أعراض بدنية. وأعتقد أن هذا تقدم كبير.


■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟

- درست الهندسة المدنية نزولاً عند رغبة والديّ، مع إنني كنت أفضّل دراسة الفلسفة، وعملت في المجال لسبع سنوات، وغيّرت مساري بعد انتقالي للندن، ودرست قليلاً من العلاج النفسي وبعدها علم النفس، وعملت في الخدمات الاجتماعية وهيئة الصحة العامة البريطانية، والبحث الأكاديمي، ثم وبالصدفة البحتة انتقلت للصحافة المكتوبة والتلفزيونية والكتابة الأدبية، وبين هذا كله عملت بشكل مؤقت كعامل دهانات وفي مطعم ومحلل إحصائي ومدرس فيزياء وجليس أطفال وواعظ متجول، وكدت أن أصبح قساً بروتستانتياً. فيبدو أني استنفدت فرصي في تحويل المسار، وخاصة أن سجلي كان متواضعاً في كل تلك المحاولات.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- لا أعتقد أن علينا انتظار أي شي من العالم، لكن إذا كان هناك ما أستطيع المساهمة به نحو تغييره، فهو سرد حكايات تجعل الناس يعرفون المزيد عن بعضهم البعض، وأن يصبحوا أقل خوفاً من الآخرين وجهلاً بهم.


■ شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟

- الماضي مثير بالتأكيد، لكن ربما نعرف عنه ما يكفي بفضل التاريخ، بل وأحياناً أكثر مما ينبغي. لو كنت أستطيع الحركة عبر الزمن، ربما سأفضّل مقابلة شخصية من المستقبل، فهذا يبدو مجهولاً تماماً لنا.


■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟

- الصديق الراحل، هاني درويش. أعود لمقالاته الملهمة، كثيراً لأسباب شخصية، ولأقف أمام أسلوب كتابته الفريد والذي أشعر أمامه ببعض العجز والكثير من الورع.


■ ماذا تقرأ الآن؟

- أقرأ مجموعة قصصية للكاتبة الأميركية، ديبورا إيزينبرغ، بعنوان "بطتك هي بطتي"، وهي من إصدارات هذا العام، بعد انتظار طويل، فآخر كتاب لها كان من 13 عاماً. وبالعربية، أقرأ الرواية الأولى للمصرية فيبي صبري وهي بعنوان "نذر: حكاية هيلانة ويوسف الأرمني"، ومن المثير قراءة رواية محفوظية وفي زمن محفوظي أيضاً، لكن بعيون امرأة قبطية.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- أحب فنون البروباغندا بشكل عام. وبالطبع هذا ليس رأياً شائعاً هذه الأيام أو في أي وقت مضى. لكن تعجبني هذه الثقة المبالغ فيها في قدرة الفنون على التأثير، وهي ثقة في محلّها. واستمعتُ مؤخراً إلى مغن ألباني اسمه، كريم سولا، كان مشهوراً في عهد أنور خوجة، بأغاني البروباغندا الوطنية والشيوعية، صوت قوي وألحان لها تأثير شبة منوم، مزيج من أغاني الرعاة البلقانية والمارشات السوفيتية.


بطاقة
كاتب وصحافي مصري من مواليد القاهرة عام 1978، درس الهندسة في جامعة عين شمس، وعلم النفس في جامعة شرق لندن. يكتب باللغتين الإنكليزية والعربية، وقد صادف أن نشر السنة الماضية عملين بهاتين اللغتين، الأول بالإنكليزية بعنوان "فوكو في ميدان التحرير" (2018)، والثاني بالعربية رواية "طرق الرب" في نفس العام، وتصدر له قريباً رواية بعنوان "على خط جرينتش".

المساهمون