أنا أيضاً ألقيت بنفسي من جسر ميرابو

أنا أيضاً ألقيت بنفسي من جسر ميرابو

04 مارس 2018
(لويس كارلوس موسو)
+ الخط -

بيان أخطاء

"الموت لا يعني أي شيء". "والحياة بدون موسيقى هي مجرّد خطأ". كلمة فخمة تُنشد دون جدوى الخسارة التي لا محيد عنها -مرآة أقلّ ما يقول عنها إنها مشقوقة-. إذ في أمواج المرآة كومة أكاذيب، وصنّارة الخيبة تجذبني. "الموت لا يعني أي شيء"، إذا لم يكن هناك اسم يبتكره. مجرّد كلمة تحرفُ عن السّكة عربات القطار المصفوفة مثل نملٍ بحثاً عن اللاشيء. أطعْ الموسيقى / الموت لا يوجد / أطعْ قبل كل شيء الموسيقى / ارتبطْ بالمنارة الصامتة التي تبهر السفهاء / المسْ جدرانها الرّطبة تتخيّلها سوائلك الحميمة وأن تخدش أصغر هستيرياتك: مع ظلام روعة قديمة / مع الأشكال المعتوهة لقرص العالم / مع ذلك الانتشار المتهالك للّيل.

■ ■ ■


باول تسيلان [باريس، 1970]

لا أحد كان شاهداً على تلك القفزة الصافية بالقرب من جسر ميرابو من الشاطئ المغطّى بطحلب لقصيدة تحفظ اسم الأشياء حتى بعد غابات الصنوبر البطيئة / لا أحد، من الظلّ المكتوب بين موجات موحلة وضياع الوقت وسمكة ميّتة والوجه الأرجواني الصامت لظلال أخرى - أقلّ موتاً -. والأخاديد تصيب النظرة بالحمّى وكأنها أثلام في الحجر، وكأنها ثعابين البحر يتقاذفها المدّ والجزر وتثقبها الشظايا. أنا أيضاً ألقيت بنفسي من جسر ميرابو / ولكنك تلطّخ قفزتي برصاصات فارغة وشوك لسانك. تَحبكُ عين الربّ الشقراء وهي تتعقّب ضحيتها -مثل طير "باشر" غير مرئي- انقضاء هذا العالم المتلبس أمام حصاد ربيعه. تحلّق فوق القصيدة في عالمها الخاص بتكوين الجبال / وتصبح طُعماً لشجر الحَور الراجف [مثل معجزات تسيل من انعكاسها الخاص].

■ ■ ■


8 مم

مثل الذي يذهب باتجاه ساحة السينتيناريو صاعداً من شارع ماليكون، تصرّين على أنّ مكان الدموع ممكن ["أوديون"] / تتلوّين بين قاعات سينما منقرضة وأمام جدرانها تتساءلين كم طبقة طلاءٍ يخفي الأصل الأبيض-الأحمر القاتم / افتتحوا ["أستور"] / هناك راية على كل صدرية تكسر العُقدَ في تعبيرك الفجائي / بعيداً عن الأسماء، صرخة تعود إلى حنجرتك على شكل صدى في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى على شكل قرنفل جبلي ["أبولو"] / وراء الهواء الماطر كرة أرضية زائفة تحاكي سبيله / في الصبغ. أو في اللون. أو في الموت.

■ ■ ■


مثل جرّافة تتقدّم

الآن وقد أصبحت أدراجكِ تفرغ من تلك الليالي الصاخبة / الآن وقد أصبحت الصحراء صفحةً من البثور التي تختنق في هذا الحلق، حلقي، تُطوى الجلود وتنهض مثل فاصل صفحات في ديوان شعر لا ينضب من الأسى/ لأنّ الدخول إلى دم الآخرين هو أن تزيل قفل الأمان عن قنبلة يدوية من الحرب الثانية تجدُها في شاطئ الحصى الموشوم على ذراعي في لحظات الحب / لأنّ الدخول إلى دم الآخرين هو أن تنغمس في الصقيع الشديد الذي يحلّق فوق حديقتك والذي يستمرّ كثيراً مثل جرّافة تتقدّم فوق بحيرتنا المتجمّدة.


* Luis Carlos Mussó روائي وشاعر إكوادوري من مواليد عام 1970. من إصداراته الشعرية: "كتاب الطمأنينة" (1990) و"انتشار الليل" (2000) و"أشكال الدائرة" (2007) و"الزهايمر" (2013). والقصائد المترجمة في هذه الصفحة مأخوذة من ديوانه "دفاتر إنديانا" (2014)، كما نشر روايتين، وكتاب مقالات بعنوان "وجوه نصف العالم".

** الترجمة عن الإسبانية: إبراهيم اليعيشي

المساهمون